Monday 07/10/2013 Issue 14984 الأثنين 02 ذو الحجة 1434 العدد
07-10-2013

لماذا المبيض فقط..ماذا عن الطرف الآخر؟

بحكم المهنة كطبيب لا أتحرج من الحديث في شؤون الغدد التناسلية في عيادتي كل يوم، وبما أنه تم طرح المبايض والحوض الأنثوي للنقاش الإعلامي، فلابد من طرح الخصيتين والبروستات أيضا ً للنقاش، إلا أن تكون لهما حصانة لا تشمل المبايض فهذا شيء لا أعرفه.

يتصدر المجالس في مجتمعنا السعودي رجال يدعون العلم في كل شيء (إلا الغيب فهذا لا يعلمه إلا الله)، ويتوقعون أن يقبل كل الناس منهم كل شيء.

للأسف هناك قطاع عريض من العوام على استعداد للقبول والتسليم من دون تفكير، ولكن ذلك ليس دليلاًً، ولا حتى جزءاً ضئيلاًً من دليل على القدرات الخارقة لأدعياء العلم بكل شيء، بقدر ما هو دليل كبير جداًً على بؤس الحالة الاجتماعية في استعمال العقل، وبؤس المؤسسات التثقيفية والتربوية التي تسكت على ذلك.

استعداد العوام لقبول وتصديق التدخلات الاجتهادية من غير ذوي العلم في الشؤون العلمية الدقيقة البحتة، وسكوت من بأديهم محاربة التجهيل المتعمد وعليهم مهمة الثقيف، هذه الازدواجية لا يمكن أن توصف إلا بأنها كارثة تربوية ومهزلة اجتماعية وفشل حكومي مريع.

من أكبر أنواع التقصير في حقوق المواطنين التخلي عن مهمة الارتقاء بعقولهم إلى مستويات أعلى من المعرفة والإدراك، وترك المهمة لمن يريد إبقاء الأشياء على ما هي عليه، أو إبعاد الناس عن المشاركة في التفكير وفي الإنجازات العلمية الإنسانية، رغم اضطرارهم لشراء هذه المنجزات بأغلى الأسعار، والمخاطرة بالرجوع إلى نقطة الصفر عندما تنضب كل الموارد، ولن ينفعهم عندئذ تصديق الخالطين بين الإيمان والخرافة.

أصبحنا متعودين (بسبب تقاعس الدولة عن مواجهة العقول التجهيلية) على مضغ وهضم الادعاءات المنتحلة من عقول التكسب بالدين، مثل أن المجاهدين في أفغانستان كانت تفوح من قبورهم روائح المسك والعنبر مباشرة بعد دفنهم، وأن أجسادهم ما أن يخترقها الرصاص حتى ينهضوا من جديد أحياء أشداء يبثون الرعب في قلوب الغزاة الكفار، وأن أضلاعهم تتحمل جنازير وتروس الدبابات حين تمشي فوقها فلا تتحطم (الضلوع وليس الدبابات)، وأن ملائكة بملابس بيضاء تحارب مع المجاهدين في سوريا ضد الطغاة، مثل ما اعتدنا على الادعاءات بأن الزواج من صغيرات السن يطيل في عمر الزوج العجوز (ولو أنه يقصف عمر الزوجة الصغيرة)، وأخيراً لا آخراً الادعاء بأن سياقة المرأة للسيارة تلحق الضرر بمبايض الأنثى وحوضها، بما يترتب على ذلك من العقم وصعوبات الولادة، هذا إن تم التخصيب رغم أنف المبايض التالفة سلفاًً بسبب سياقة السيارة.

بعض العوام لديهم الاستعداد للتصديق دون تفكير بناءًً على المظهر، لأن الخرافات لا يتم التخلص منها إلا بفتح نوافذ العقول لدخول العلوم وحرية التفكير، لكن دعاة التجهيل يستفيدون من الإبقاء على أكبر عدد من السذج لأسباب أوضح من نور الشمس في رابعة النهار.

السؤال هو ما بال الدولة تسكت لتصبح أمام مواطنيها وأمام العالم كله مشاركة في تحنيط العقول.

بلاد الصين والهند مجتمعة يبلغ سكانها ثلث سكان الأرض، وكل نسائها يمارسن قيادة السيارات والدراجات والتراكتورات وحتى الدبابات والطائرات.

لماذا لا تصاب النسوة عند أولئك الأقوام بالعقم، ويحسن أن يتم ذلك قبل أن يأتي اليوم الذي يكتسحون فيه الأقاليم والبلدان التي لا تقود فيها المرأة أية آلة سير خوفاًً عليها من العقم.

لكن وفي النهاية أريد إجابة على سؤال محير.

من المعلوم في الطب كعلم معياري دقيق، أن الخصيتين من أشد أعضاء الإنسان حساسية للرضوض والكدمات والضغط والشد والانحباس، وأن تلفهما سريع جداً، ولذلك جعلهما الخالق القدير تقبعان بين الفخذين في كيس الصفن خارج حرارة الحوض لكي لا تتلفها الحرارة الباطنة في الجسم.

السؤال هو إذا قاد الرجل سيارة من المنطقة الشرقية إلى الغربية، ولنفترض أنه ليس سعودياً ويلبس بنطالاً وليس ثوباً، هل سوف يصبح عقيماً بعد وصوله إلى هناك؟، وهل زوجته التي تجلس في المقعد إلى جانبه في الرحلة نفسها محتضنة أحد أطفالها في حجرها سوف تصبح عقيمة أيضاً؟

أيها الناس دعوا العلوم الدنيوية للمتخصصين فيها، وابحثوا في سعة وفساحة العلوم الشرعية عما ينفع الناس.. وجزاكم الله خيراً.

- الرياض

 
مقالات أخرى للكاتب