Monday 07/10/2013 Issue 14984 الأثنين 02 ذو الحجة 1434 العدد
07-10-2013

اليوم الوطني بين الواقع والمأمول

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أرسل الله سبحانه وتعالى أكرم وأجل خلقه نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - برسالة الإسلام التي جمع بها كلمة العرب بعد شتات وعصبيات قاتلة وكلمة المسلمين عامة الذين دخلوا في دين الله أفواجًا، لتتوحد الصفوف وتأتلف القلوب مصداقًا لقوله تعالى: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .

فأصبحت أمة الإسلام مهيبة الجانب على طول الزمن الذي عرف بالعصور الوسطى وازدهرت قرنًا بعد قرن، إلى أن أصابها الوهن بعد أن تفرقت شيعًا وأحزابًا وصارت دويلات تنطوي على نفسها ولا تهتم إلا بأمرها وسادت الفوضى والنزاعات في شتى أقطار المسلمين وجاءت دول وذهبت دول وقامت ثورات متلاحقة لا تكاد تنطفئ واحدة حتى تقوم أخرى.

وكان من توفيق الله سبحانه للجزيرة العربية وقد جرى عليها ما جرى على غيرها من الدول العربية والإسلامية أن هيأ الله سبحانه وتعالى لها قيادة أعادت الأمن في ربوعها وجمعت شتات أمرها وأمنت السبل وتكونت دولة قل نظيرها على يد معيد أمجادها وباني نهضتها الحديثة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - عندما قام ورجاله الأوفياء بتوحيد أركان الدولة وبسط هيبتها بمعناها الحديث على معظم شبه الجزيرة العربية، امتدت من وسطها إلى غربها وشرقها وشمالها وجنوبها، ضاربة بذلك مثلاً أعلى في وحدة الكلمة والتفاف اللحمة، فكان ذلك إيذانًا بوجود مملكة أطلق عليها المملكة العربية السعودية في عام 1351هـ لتكون هذه الذكرى، وكلما حلت في كل عام محل نظر وتدبر المفكرين والعقلاء فيما تحقق بما يشبه المعجزة لتتوالى السنوات بعد ذلك ولتبلغ في هذا العام السنة الثالثة والثمانين كذكرى تمر سنوياً، باعثة الهمم والعزائم لأحفاد هؤلاء الأبطال على الاقتفاء بأثرهم وتقليدهم بتحمل الشدائد والصبر على تقلبات الأيام والمحافظة على مكتسبات الأمن والرخاء والطمأنينة.

وفي هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أدام الله عزه، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز سلمه الله، تسير مملكتنا نحو درجات الرقي والعلا تفخر بمنجزات متتابعة في زمن متلاطم من حولنا وأوضاع حائرة في أغلب دول الشرق الأوسط، بينما تسير البلاد - ولله الحمد - وفق خطط ستوصلنا بحول الله تعالى إلى الغايات والأمنيات التي تتغياها دولتنا أعزها الله سبحانه.

كنا سابقًا وأثناء ذكرى اليوم الوطني نكتفي بما هو مدون على صفحات الجرائد مع برامج تقليدية عن اليوم الوطني حتى يمضي سريعًا حتى الذكرى اللاحقة، غير أن ما حدث قبل سنوات حينما أقر اليوم الوطني كيوم يحتفل به ويكون يوم إجازة تبدل الحال.

وفي ظني أن اليوم الوطني وكما هو موجود في كثير من الدول بل إن بعضها له يومان للاحتفال، أقول إن اليوم الوطني مع فارق التشبيه كأيام الاحتفالات الأخرى، اليوم العالمي للإطفاء، وأسبوع للشجرة، وأسبوع المرور وغيرها.

ولكن هنا وقفة يجب أن نفرق بين ما يجري على أرض الواقع وبين المأمول من إحياء مثل هذه الذكرى.

وكما سبق أن الهدف - وهذا ما نحسبه - أن تكون هذه النظرة لها أبعاد تعليمية وتثقيفية في حث الشباب على استيعاب تلك التجربة الفريدة ووضعها في موضعها اللائق بها.

فالاحتفالات بهذا اليوم العزيز وفي نظري أن تكون وفق معطيات مدروسة، وان توجه إلى حيث الميادين العامة وفق ضوابط السلوك المعتبرة والمقدرة شرعًا وعرفًا، ولعلي أسرد بعض ما يمكن تنفيذه بما يأتي.

1 - القيام بجولات متعددة لزيارة المرضى وتقديم الهدايا لهم في هذا اليوم رمزًا للمحبة والتواصل ويمكن تطبيقها في اليوم اللاحق وعن طريق طلاب المدارس وكذلك عن طريق طلبة التعليم العالي.

2 - فتح باب التطوع في مثل هذا اليوم للتبرع بالدم ويكون في أكثر من موقع.

3 - إجراء مسح شامل للاهتمام بالمرافق العامة الحدائق والمساجد ورصد جوائز إما مادية وإما شهادات تمنح للمتطوعين تصدرها إمارات المناطق أو أماناتها.

4 - الاهتمام بالعمالة ومحاولة رسم صورة جيدة عن المواطن السعودي بالتلطف معهم ومؤانستهم ما أمكن ووضع أماكن خاصة لإظهار فرحتهم.

5 - زيارة الأسر المحتاجة والرفع من معنوياتهم وبذل ما يمكن نحو مساعدتهم والأخذ بيدهم وأن وطنهم معطاء ومترابط.

6 - إقامة سباق للهجن ويسمى كأس اليوم الوطني ويقام في كل عام في إحدى إمارات المناطق حسب الأجواء.

7 - إقامة مباراة رياضية تجمع بطلي الكأس والدوري وتسمى البطولة: كأس الملك عبد العزيز ورجاله المخلصين.

8 - إقامة معارض للفنون التشكيلية.

فمن شأن ذلك لو أقر تطبيقه مع ما هو موجود في إمارات المناطق المختلفة لخفف كثيرا من الأقاويل والممارسات التي قد لا تكون مقبولة من بعض المراهقين الذين قد لا يجدون متنفسًا لإبراز وإظهار شخصياتهم ولفت الأنظار لهم إلا بمثل هذه المناسبات.

آمل أن يكون ذلك محل نظر للمؤطرين لليوم الوطني والباحثين لإحيائه بحيث تكون هذه المناسبة العظيمة ذكرى لمزيد من التوحد والتآلف والعمل والمحبة.. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

alromis@yahoo.com

مدير عام المهرجان الوطني للتراث والثقافة

 
مقالات أخرى للكاتب