Wednesday 09/10/2013 Issue 14986 الاربعاء 04 ذو الحجة 1434 العدد

طالبوا إداراتها بفتح قنوات استثمارية غير تقليدية

اقتصاديون ينتقدون تركيز «أوقاف الجامعات» على العقار

الجزيرة - يحيى القبعة:

طالب اقتصاديون بضرورة تنوع استثمارات أوقاف الجامعات بالمملكة وعدم التركيز فقط على القطاع العقاري. كما أوضحوا أن هناك العديد من العوامل التي أثرت بدورها سلباً على التنوع الاستثماري لهذه الأوقاف، منها عدم تأهيل الكوادر داخل الجامعات وضعف الكفاءات الإدارية، وكذلك لقوة القطاع العقاري من حيث الضخامة والاستقرار. مطالبين باستقلالية إدارات الأوقاف بالجامعات وتوفر المرونة العالية للمضي قدماً في تنوع استثمارات هذه الأوقاف. وأرجع الاقتصادي الدكتور فيصل الغريب اعتماد أوقاف الجامعات على القطاع العقاري رغم تعدد الفرص الاستثمارية، لمحدودية الخيارات المحلية وسط بيئة أعمال لا تواكب التطور العالمي من حيث التشريع وآليات التنفيذ ضمن بيئة مرنة وشفافة، متابعاً أن السبب الثاني هو عدم تأهيل الكوادر داخل تلك الجامعات بالشكل الكافي لوضع خطط تنموية لمفهوم الاستثمار الوقفي ذاتياً في ضوء النمو المعرفي لعلوم الاقتصاد والاستثمار التجاري. مفسراً أن هذين الأمرين يشكلان المرتكز الأساس للعملية الوقفية في سياقها التنفيذي، حيث يقول إن: المعرفة والآليات تعد أداة الحل لتحقيق نتيجة، والمقصود هي المعرفة الصحيحة و هي متوفرة وغير مستخدمة، والإجراءات الذكية وهي غير متداولة في المحيط الاجتماعي بعموم، لغلبة بعض المعتقدات المعرفية غير المثمرة والمهيمنة على بعض العقول، مما يحد من التقدم في خط الإنتاج هذا. وأفاد الغريب أن الأوقاف أصبحت مهملة، معتبراً أن هذا ناتج طبيعي لمستوى التنمية في المورد البشري الذي تقع هذه الثروات الطائلة تحت يديه، دون وعي كافٍ بطبيعة تنمية هذه الاستثمارات اقتصادياً. مشيراً إلى أن مفهوم الاقتصاد المعرفي غائب حتى هذه اللحظة عن واقع الحياة الاستثمارية، ولا يزال النشاط التقليدي ومورثات الاقتصاد المحلي والدولي هي السائدة والمهيمنة على الموقف، وتبقى الأوقاف ضحية سوء الإدارة والتوجيه.

وعن دور الأوقاف في التنمية، ذكر الغريب أنها تتمثل في عدة عوامل منها: المساهمة في استدامة المشروعات المنبثقة ودفعها نحو التطور السريع نتيجة لتوفر السيولة والدعم، ودعم الاستقرار الاجتماعي لتحقيقها رفاهية لشرائح متعددة لم تكن لتنال فرصاً كافية لحياة كريمة في ضوء النماذج التقليدية، والمساهمة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية العامة التي ستتفرع منها العديد من قنوات الاقتصاد الأخرى من الصف الثاني والثالث.

من جانبه، عزا مدير مركز التميز للدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور صلاح الشلهوب تركيز الأوقاف على القطاع العقاري بشكل واضح إلى أنها ثقافة ترسخت، نظرا لما يمتاز العقار بظهوره وصعوبة التصرف فيه في غير ما خصص له الوقف، وأضاف: هذه ثقافة ترسخت منذ القدم، لعدم وجود تنوع في أدوات الاستثمار المؤسسي سابقاً كما هو الحال اليوم. مبيناً أن الوقت الحالي فيه تنوع في الاستثمارات التي يغلب على كثير منها الاستمرار إلى فترة طويلة كما هو الحال في العقار والأسهم وغيرها. وقال الشلهوب: هناك فرص متنوعة لاستثمار أموال الأوقاف، مستدركاً أن هذه الاستثمارات تعد محدودة جداً في المملكة مقارنة بقطاع العقار، إضافة إلى أنه يغلب عليها عدم الاستقرار، فمن الناحية النظرية، أكد أنه يمكن أن يقال بالاستثمارات في قطاع الأسهم مثلاً مناسب، ولكن من الصعوبة بمكان إدارة هذه الاستثمارات نظراً لحالة التذبذب الذي يشهده هذا القطاع، مستنتجاً أنه من المهم قبل الحديث عن التنوع في الاستثمارات والبحث عن الفرص، الحديث عن كفاءة الإدارة التي تدير أموال الأوقاف، وحدود صلاحياتها بحيث تدار بالآلية التي يدير بها القطاع الخاص موارده المالية بعيداً عن البيروقراطية. وأضاف الشلهوب: ليس من المتوقع التوسع في أدوات أخرى في الوضع الحالي إلا إذا كان لدى الجامعات تطلع للتنوع في استثماراتها داخلياً وخارجياً، بحيث يمكن إنشاء صندوق استثماري متنوع في استثماراته داخلياً وخارجياً ويدار عبر مؤسسات لها خبرة في إدارة مثل هذه الصناديق.

وأفاد أن أوقاف الجامعة محلياً لا زالت في بداياتها، وتحتاج إلى وقت لكي تؤتي ثمارها، مشيراً إلى أن بعض أموال هذه الأوقاف لا زالت في مرحلة الإنشاء وأن الجامعات اليوم لا تتطلع لاستغلال ريع هذه الأموال حالياً رغم الدعم الحكومي الكبير. وتوقع أن يتم استغلال ريع هذه الأوقاف مستقبلاً لتغطية احتياج الجامعات كي تنمو وتتطور مستقبلاً، مطالباً بضرورة تعزيز كفاءة إدارات هذه الأوقاف بما يعزز مواردها المالية ويحقق نمواً في هذه الاستثمارات، وأن يكون لديها خبرة في إدارتها المالية واطلاع على التجارب المميزة عالمياً، واطلاع على فرص الاستثمار عالمياً وكفاءة في إدارة المخاطر، مبيناً أن ذلك سينعكس على أداء الأوقاف من جهتين، الأولى: تحقيق عوائد جيدة، والثاني: ثقة المجتمع بما يزيد من التبرع لهذه الأوقاف، وهذا ما هو شائع عالمياً، أن الجامعات الجيدة تحظى بحجم تبرعات جيدة من أفراد المجتمع الذين يرون أثر تبرعهم ينعكس على تحسين مستوى التعليم ومخرجات هذه الجامعات، بحسب قوله. وعن أسباب التركيز على العقار التنوع الاستثماري في الأوقاف، قال الشلهوب: هناك مجموعة من العوامل منها: قلة الفرص الاستثمارية مقارنة بما ينبغي أن تكون عليه، حيث إن القطاع العقاري خلال فترة النمو الذي تشهده منطقة الخليج هو الأكثر استفادة في تحقيق عوائده جيدة ومستديمة وحظي بثقة رجال الأعمال، إضافة إلى أنه الأكثر استقراراً وأقل مخاطرة، كما أن القطاعات الأخرى قليلة، إضافة إلى أنها أقل استقراراً وأكثر مخاطرة. مشيراً إلى أن القطاع العقاري يعد ضخما ويستوعب استثمارات كبيرة بخلاف القطاعات الأخرى مثل الأسهم الذي يعتبر لا يزال صغيراً وغالبه أسهم في الأساس غير متداولة.

وعن إمكانية دور الأوقاف الجامعية في تنمية الصيرفة، خلص إلى أنه من الضروري أن تكون لدى هذه الأوقاف المرونة العالية، بحيث يكون التنوع في استثمارتها ليس على المستوى المحلي فقط، بل من الممكن البحث عن الفرص عالمياً، كما أنه من المهم ان يكون لديها إدارة مستقلة أو أن تكون من خلال صندوق استثماري يدار من خلال مؤسسات لديها احترافية في إدارة الثروات، وكذلك أن يتم الاستثمار في أدوات مثل الصكوك والأسهم ذات العوائد وقليلة المخاطر. وأن يكون جزءاً من استثمارات هذه المؤسسات في مجال عملها مثل البحث العلمي والاستشارات إضافة إلى التدريب والتعليم.