Thursday 10/10/2013 Issue 14987 الخميس 05 ذو الحجة 1434 العدد
10-10-2013

أصدق الحديث

** قال لي صديق أحس دائماً -عند ما ألقاه- بنهر من الطمأنينة يسكن دواخله، وببريق الارتياح يشع من على محياه.. قال: أعيش تجربة مضيئة بدأت بالتعامل معها منذ سنوات.. وكانت ثمرتها راحة النفس، وسكينة في الجوانح.. تلك التجربة هي استماعي -وأنا خارج من بيتي صباحاً إلى عملي أو إلى أي شأن من شؤون الدنيا- لبضع آيات من القرآن الكريم من cd أضعه -حال ما أستوي على مقعد السيارة- وقد اخترت بعض القراءات المريحة التي يرتلها بعض المقرئين ذوي الأصوات المؤثرة الخاشعة التي تجعل آيات الله تشع -كالضياء- في جوانب نفسك من أمثال: البدير، السديس، خالد الغامدي، المعيقلي، وأحس بعدها أنني طوال ذلك اليوم الذي أكون استفتحت فيه ساعات نهاري الأول باستماع إلى تلاوة من هذه التلاوات.. أحس بارتياح عجيب وقد كنت جربت من قبل القراءة والاستماع إلى نصائح علماء النفس (كديل كارنجي) وصحبه ولكنني وجدتها تجيء من بشر قد يكونون هم أنفسهم عاجزين عن تطبيقها.. لكن ما في كتاب الله جاء من خالق البشر إلى البشر بكل ما فيهم من طبائع وغرائز ومتناقضات لا يعلمها إلا هو.. ويضيف الصديق في حديثه العذب.. إن سماعي مثل هذه التلاوات يجعلني أعيش في ظلال طمأنينة القرآن وآياته التي لا يأتيها الباطل، ولا يتلبسها الخطأ.. ويضيف مفصلاً تجربته المضيئة قائلاً: إنني عندما أتعامل مع الناس أتذكر قول الله تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} سورة البقرة الآية 83، وإن رأيت نفسي الأمارة بالسوء تحفزني على القسوة معهم، تذكرت: {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} سورة آل عمران.

=2=

** عمر بن عبدالعزيز

والنفس التواقة..!??

** صمت متأثراً وأنا أقرأ هذه القصة التي يرويها التابعي رجاء بن حيوه عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز:

يقول رجاء: (أمرني عمر بن عبدالعزيز أن أشتري له ثوباً بستة دراهم, فأتيته به فجسّه وقال: هو على ما أحب لولا أن فيه لينا. قال رجاء: فبكيت قال: ما يبكيك؟ قال: أتيتك وأنت أمير بثوب بستمائة درهم فجسسته وقلت: هو على ما أحب لولا أن فيه خشونة, وأتيتك وأنت أمير المؤمنين بثوب بستة دراهم, فجسسته وقلت: هو علي ما أحب لولا أن فيه لين.

فقال عمر: يا رجاء إن لي نفساً تواقة, تاقت إلى فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها، وتاقت إلى الإمارة فوليتها، وتاقت إلى الخلافة فأدركتها، وقد تاقت إلى الجنة فأرجو أن أدركها إن شاء الله عز وجل).

وبعد..!

لا أملك إلا أن أدعو أن يكون هذا الخليفة الزاهد قد أدرك الجنة التي تاقت نفسه إليها، وهو كذلك إن شاء الله. وأصمت، فالقصة بكل عظمتها وزهد صاحبها فوق كل كلام..

بأبي أنت وأمي يا عمر بن عبد العزيز.

=3=

** الإيمان وعبق السكنية

** في بعض الأحيان -لولا إيمانك بالله- تحس أنك تفقد توازنك الحياتي عندما ترى أنك فقدت إنساناً غالياً في رحلة لن يعود منها.. ولكن.. يبقى (الإيمان بالحي الذي لا يموت) ركيزة الحياة التي تمتص آلام اللوعة, وتمسح -بسكينتها- آثار الشجن, وتعمر -مكانها- هرماً من الطمأنينة في أعماق النفوس المؤمنة.

يبقى الإيمان -وحده- وردة تنثر عبق سكينتها ما بين أوردة الإنسان وجوانحه.

=4=

** آخر الجداول

** للشاعر: عبدالله بن سليم الرشيد:

(هكذا

كان في حضرتِه بدرٌ وشمسْ

ولعينيه إلى الكوّةٍ إيماءٌ وهمسْ

ساعة ثم اختفى الوقتُ, كأنّ البيتَ رمسْ

وهَوَتْ كف على ذكراه تَغْشاها بطمسْ

فتَحَ البابَ عسى عينُ غدٍ ترنو

وإذْ بالباب أمسْ)

hamad.alkadi@hotmail.com

فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi- أمين عام مجلس مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية

 
مقالات أخرى للكاتب