Thursday 10/10/2013 Issue 14987 الخميس 05 ذو الحجة 1434 العدد

تحذير البيت الأبيض لرعاياه من خطر السفر إلى تونس

الحوار التونسي.. توفير كافة ضمانات التوافق ودعوة باقي الأحزاب إلى الالتحاق بالحوار

الحوار التونسي.. توفير كافة ضمانات التوافق ودعوة باقي الأحزاب إلى الالتحاق بالحوار

تونس - فرح التومي - الجزيرة:

نزل خبر تحذير واشنطن لرعاياها من مخاطر السفر إلى تونس ودعوتها الأمريكيين الموجودين بالبلاد التونسية إلى توخي الحذر ووضع خطط طوارئ خاصة بهم، نزول الصاعقة على رؤوس مهنيي السياحة وعموم التونسيين الذين خاب أملهم في أبرز حليف غربي لهم خاصة وتونس تمر بفترة عصيبة كان الأمل في إسهام البيت الأبيض في تجاوزها يحدو كل الفئات هنا.

إلا أن لواشنطن رأياً آخر، فبعد أن وجهت الشهر الماضي تحذيراً «لطيفاً» إلى رعاياها في تونس بضرورة توخي الحذر تحسباً لأي اعتداءات يمكن أن تستهدفهم، ها هي اليوم تعلنها صراحة: الوضع الأمني في تونس غير مستقر وكميات الأسلحة المهربة في كامل البلاد تدعو إلى الخوف من تكرر سيناريوهات الاغتيالات، وإقرار حكومة الترويكا بوجوب تواصل حالة الطوارئ، كلها عوامل استندت إليها إدارة أوباما لتصدر تحذيرها الذي جال العالم في ظرف لحظات قليلة.

ويخشى مهنيو السياحة الذين عاشوا ولا يزالون تحت تأثير عمليات الاغتيال السياسي المسجلة بتونس هذا العام، وعزوف السياح الغربيين عن زيارة تونس وتغيير وجهتهم إلى الشقيقة المغرب بسبب غياب الأمن وتنامي التيارات المتشددة. فرجال السياحة الذين لم يستعيدوا عافيتهم السياحية بعد، كانوا يأملون أن تفضي جلسات الحوار الوطني التي انطلقت بعد أن زادت السياحة ركودا على ركود، إلى حل للأزمة السياسية الخانقة التي ألقت بظلالها على القطاع السياحي الهش، فكادت تقضي عليه نهائيا، باعتبار أن السائح الأجنبي والعربي يأتي الى تونس طلبا للراحة والاستجمام في ظل توفر الأمن والاستقرار إلا أن هذين العنصرين الأساسيين غابا، ومعهما غاب السائح هذه الصائفة وتكبدت المؤسسات السياحية خسائر جسيمة يصعب تعويضها.

رصاصة الرحمة للقطاع السياحي جاءت عن طريق البيت الأبيض من خلال بيانه الأخير، الذي يرى المراقبون أنه كان حرياً بأمريكا الانتظار قليلا إلى أن تهدأ الأوضاع وتظهر نتيجة الحوار الوطني خاصة وأن تصريحات الناطق الرسمي باسمه أكد ليلة الثلاثاء أن المشاركين في الجلسة الترتيبية للحوار عازمون على إنجاحه مهما كلفهم الأمر.

ويبدو أن التحذير الأمريكي لرعاياها بخطورة السفر إلى تونس، لم يصل إلى مكان اجتماع الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار الوطني، ذلك أن لا أحد منهم علق على البيان الأمريكي. ويرجع المحللون السياسيون ذلك إلى أمرين اثنين: فإما أن القيادات الحزبية استشعرت ذلك من قبل وبالتالي اعتبرته تحذيراً عادياً في ظل الظروف الراهنة، وإما حفاظاً على مصالحها الإستراتيجية المرتبطة بأمريكا وعدم رغبتها في توتير العلاقة التي تربط الطرفين.. قبيل الانتخابات وما تستوجبه من دعم خارجي لمن يريد الفوز في هذا الاستحقاق القادم.

ومهما كانت أسباب التجاهل، فالأكيد أن ممثلي الأحزاب السياسية انهمكوا بالفعل في مناقشة المسائل الترتيبية الضرورية لتوفير أقصى ظروف إنجاح حوارهم، وذلك بشهادة كافة القوى السياسية الحاضرة. فبالرغم من غياب رئيس اتحاد الشغل الراعي الأساسي للحوار بسبب حضوره مؤتمر الكنفدرالية الدولية للنقابات الحرة ببروكسيل البلجيكية، إلا أن الفرقاء السياسيين أبدوا رغبة جامحة في التوافق حول بنود مبادرة الرباعي الراعي للحوار.

ومما عزز فكرة التوافق تجاهل كافة الأطراف لبيان مجلس شورى حركة النهضة الذي يتعارض كليا مع مبادرة اتحاد الشغل بل ويرفضها جملة وتفصيلا، إلا أن أحزاب المعارضة التي اعتبرته شأناً داخلياً لا يعنيها ولا يضر بتقدم الحوار، ارتأت مواصلة أشغال الحوار وكان البيان لم يصدر بتاتاً.. وهو نفس الموقف الذي تراءى للحاضرين من خلال تصريحات ممثلي حركة النهضة وحكومة الترويكا الذين لم يتعرضوا لمضمون البيان ألبتة خلال الجلسة الترتيبية الأولى.

ولئن كانت الخلافات أو اختلافات وجهات النظر لا تزال قائمة بين مختلف القيادات الحزبية المشاركة، فإن الأمل أصبح قائما أكثر من ذي قبل في توصلها إلى حل توافقي بشأن تركيبة اللجنة المستقلة للسهر على الانتخابات بعد أن طال أمد تشكيلها بالرغم من السعي المحموم صلب المجلس التأسيسي من أجل الانتهاء من ملفها على مدى أشهر متتالية دون جدوى.

ويتضح من خلال تصريحات المشاركين في الحوار، أنهم واعون بأهمية الفرصة الأخيرة لتجاوز الأزمة المستعصية التي تعاني منها تونس منذ أكثر من شهرين ونصف بعيد اغتيال الشهيد محمد البراهمي والجنود الثمانية من طرف الجماعات الإرهابية المسلحة.

إلا أن التفاؤل الذي أعلن عنه الناطق الرسمي باسم الحوار الوطني، عميد المحامين محمد الفاضل محفوظ، قابلته القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا بالكثير من الحذر والتوجس، مما جعل الرؤية تزداد ضبابية بعد انقشاع سحبها لفترة قصيرة.

ويؤكد محفوظ على أن باب التحاق الأحزاب السياسية الأخرى بالحوار الوطني يظل مفتوحا، خاصة أمام إصرار الأحزاب الفاعلة على غرار نداء تونس وحركة النهضة، على أن يشمل الحوار كل القوى السياسية الموجودة في البلاد.

ولا يزال المحللون السياسيون يصرون على ضرورة أن تراجع الأحزاب السياسية التي امتنعت عن الإمضاء على مبادرة الرباعي الراعي للحوار، مواقفها وتنضم إلى باقي الأحزاب حتى تكون قرارات الحوار نابعة عن توافق جماعي وبالتالي ملزمة لكافة الأطياف السياسية بالبلاد.

 
موضوعات أخرى