Saturday 12/10/2013 Issue 14989 السبت 07 ذو الحجة 1434 العدد

الثنائيات الباعثة للضوء Light Emitting Diodes LEDs

د. محمد عبدالرحمن الحيدر

د. محمد عبدالرحمن الحيدر

1 - مقدمة

قال الله سبحانه وتعالى في الآية الخامسة من سورة يونس {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا} والتعبير القرآني يفرق بين الضوء والنور؛ حيث إن الإشعاع الصادر من المصدر وهي الشمس في هذه الحالة يسمى ضوءًا أما إذا ما انعكس من الجسم الساقط عليه فيسمى نوراً كما هو الحال في نور القمر لذا لا يمكن أن يكون هناك نور دون وجود مصدر للضوء كالشمس والمصابيح والعكس غير صحيح إذ بالإمكان أن يكون هناك ضوء ولا يوجد نور ما لم ينعكس الضوء على الجسم الساقط عليه أو يقع على العين مباشرة كما يمكن رؤيته عندما يتشتت خلال مروره بالدخان أو الغبار أو كما هو الحال في عروض الليزر التي تقام على شاطئ البحر حيث الرطوبة عالية ونحن في هذه المقالة الموجزة سنلقي الضوء على الثنائيات الباعثة للضوء Light Emitting Diodes LEDs وسنركز على النوع المستخدم للإضاءة المسمى الثنائيات الباعثة للضوء عالي السطوع High Brightness Light Emitting Diodes HBLEDs وسنطلق عليها اختصاراً الثنائيات الضوئية الساطعة نظراً لانتشارها بالأسواق في الآونة الأخيرة ولكثرة التساؤل عنها.

تركزت الأبحاث في مجال الثنائيات الباعثة للضوء بداية الستينات الميلادية من القرن الماضي وذلك باستخدام أشباه المواصلات وقد تم التوصل إلى تصنيع أنواع كثيرة منها وكانت تعطي لوناً واحداً فقط وكان التركيز هو الحصول على ثلاثة ألوان وهي الأحمر والأخضر والأزرق لأنها المكونات الأساسية للون الأبيض غير أن الضوء الصادر منها كان ضعيفاً لذا شاع استخدامها كمؤشرات في الأجهزة الإلكترونية المختلفة وفي حقبة زمنية معينة استخدمت على نطاق واسع في السيارات كمؤشرات السرعة والساعة وما إلى ذلك. وبعد فترة لم تعد تستعمل في السيارات لأسباب عديدة أدت إلى قصر عمرها.

لكن الأبحاث لم تقف عند هذا الحد بل كان التركيز في التسعينات الميلادية من القرن الماضي هو الحصول على ثنائيات تبعث الضوء الساطع ولتفريقها عن سابقتها فقد أطلق عليها الثنائيات الباعثة للضوء عالي السطوع High Brightness Light Emitting Diodes HBLEDs وسنطلق عليها اسم الثنائيات الضوئية الساطعة.

2 - الثنائيات الضوئية الساطعة HBLEDs

للحصول على اللون الأبيض هناك طريقتان الأولى تتمثل في استخدام ثلاثة ثنائيات ضوئية تتكون من الألوان الرئيسية وهي الأحمر والأخضر والأزرق لتمتزج مع بعضها وتشع اللون الأبيض أما الطريقة الأخرى والتي تستخدم في معظم مصابيح الإضاءة الموجودة في السوق فتعتمد على استخدام مواد فسفورية لتحويل الضوء الأزرق أو فوق البنفسجي إلى ضوء أبيض وبأطياف مختلفة كما هو الحال في مصابيح الفلورسنت وتتراوح الألوان البيضاء من اللون المائل للحمرة والذي يستخدم في إنارة اللحوم في السوبرماركت حيث تبدوا وكأنها طازجة. واللون الأبيض المائل للزرقة حيث يستخدم في محلات خياطة الأثواب الرجالية البيضاء حيث تبدوا أكثر بياضاً وهناك ألوان بيضاء عديدة تقع بين هذين اللونين معتمداً بذلك على نوع المادة الفوسفورية لتحاكي تلك المستخدمة في المكاتب والمنازل والصورة التالية توضح نماذج من أنواع مختلفة من المصابيح الثنائية الساطعة.

2-1 مزايا وعيوب الثنائيات الضوئية الساطعة

2-1-1 المزايا

أ‌- الكفاءة: كفاءة الضوء الصادر من الثنائيات الضوئية الساطعة لكل وات (watt) يفوق الضوء الصادر من المصابيح المتوهجة (Incadescent lamps) والتي بدأ يقل استخدامها وقد منع استخدامها في أمريكا وكندا نظراً لاستهلاكها المرتفع للطاقة مقارنة بما يصدر منها من ضوء. ولقد عم انتشار مصابيح الفلورسنت المدمجة لتحل محلها وهي تنافس إلى حد ما الثنائيات الضوئية الساطعة.

ب‌- اللون: يمكن الحصول على عدة ألوان منها دون الحاجة لاستخدام مرشحات ويقلل هذا من تكلفة شرائها.

ج- الحجم: حجمها صغير جداً إذ يقل عن 2 ملم.

د- الفتح والغلق: تعطي ضوءًا آنياً عند فتحها ولا تتأثر بعدد مرات الفتح والغلق أو بتعبير آخر الإشعال والانطفاء.

هـ- شدة الإضاءة : يمكن التحكم بشدة الإضاءة عن طريق استخدام دوائر تحكم كهربائية خاصة.

و- الحرارة: الحرارة المنبعثة عند إشعالها قليلة جداً وخاصة الأشعة تحت الحمراء وبذلك لا تتأثر الأقمشة المستخدمة داخل المبنى كالستائر وغيرها. وهذه الخاصية تقلل من حمل التكييف.

ز- العمر الافتراضي: تدعي كثير من الشركات المصنعة لهذا النوع أن عمرها الافتراضي يتراوح بين 50000 و100000 ساعة أو بين 15 و25 سنة وهذه الأرقام ليست مبنية على استخدام فعلي بل هي أرقام مستنبطة أو تقديرية أما الثنائيات الضوئية المستخدمة كمؤشرات وتحت ظروف معينة فقد استخدمت من السبعينات الميلادية من القرن الماضي حتى الآن.

ح- الصدمات: حيث إنها مصنعة من مواد صلبة من أشباه المواصلات فإنها أكثر مقاومة للصدمات الفجائية أو الاهتزازات مقارنة بمصابيح الفلورسنت أو المصابيح المتوهجة.

ط- يمكن استخدام الخلايا الشمسية لتزويدها بالطاقة خاصة في الأماكن النائية.

2-1-2 العيوب

أ‌- الثمن أو السعر: لا يزال سعرها مرتفعاً نسبياً مقارنة بمعظم مصابيح الإضاءة الأخرى. غير أن بعض ما يباع منها في السوق المحلية وخاصة تلك المصنعة من بعض الشركات الصينية لا تخضع لمواصفات تصنيع منضبطة وهي أقل جودة من غيرها.

ب‌- الحرارة: تلك أهم العيوب التي تعاني منها هذه الثنائيات حيث تتأثر كثيراً بدرجة حرارة الجو والحرارة الناتجة من التيار المشغل لها خاصة في أجوائنا الحارة ونرى تأثير ذلك جلياً في إشارات المرور في شوارعنا إذ يقتصر عمرها على أسابيع أو أشهر معدودة ويمكن الإقلال من تأثير الحرارة من خلال استخدام مشتت الحرارة (Heat Sink) وهذا عنصر ضروري عند استخدامها في السيارات أو الاستخدامات العسكرية ونرى في الشوارع أن كثيراً من صانعي السيارات بدأوا باستخدامها.

كإضاءة مساندة للأنوار الأمامية والخلفية وكذلك مصابيح المكابح الخلفية لكي ينبهوا سائقي الحافلات الذين خلفهم ويمكن الإقلال من التأثير الحراري بتقليل التيار المشغل لها وسيقلل هذا من قيمة الضوء المنبعث منها خاصة عند استخدامها للإنارة الخارجية.

أما في حالة استخدامها داخل مباني مكيفة لا تتعدى درجة الحرارة فيها 25 درجة مئوية فإن عمرها الافتراضي سيكون طويلاً غير أن الضوء المنبعث منها يضعف مع الزمن.

ج- نوعية الضوء: نظراً لنوع المواد الفسفورية المستخدمة للحصول على اللون الأبيض فإن الألوان البيضاء الصادرة منها قد لا تكون مقبولة عند كثير من المستخدمين مما يتطلب تجربتها قبل اتخاذ قرار نهائي باستخدامها وقد تظهر ألوان الأثاث بلون يختلف عما يفضله المستخدم.

د- زاوية الإشعاع: لا يتعدى الشعاع المنبعث من هذه الثنائيات عن عدة درجات تتراوح بين 8 و10 أو أكثر قليلاً مما يتطلب وضع مجموعة منها ضمن كبسولة واحده لإنارة مساحة محدده.

هـ - السلامة والأمان: هناك تخوف متزايد من الضوء الأزرق الصادر منها لأنه يتعدى حدود الآمان المسموح به من قبل بعض الهيئات المتخصصة وقد تحدث ما يسمى بالعمى المؤقت عند سقوطها على العين المباشرة إذا كان الضوء المنبعث منها براقاً ومحصوراً بزاوية في حدود 8 درجات أما وجود الزرنيخ أو الرصاص بداخلها ففي رأي كاتب هذا المقال أن وجودها في تركيبتها لا يمثل تهديداً لعدم استخدامها ولا يستحق اعتبارها كأحد العيوب، على عكس مصابيح الفلوريسنت أو الزئبقية التي تحتوي على الزئبق السام بداخلها وقد تسبب أضراراً عند انكسارها ومحاولة التخلص منها يدوياً.

3 - النظرة المستقبلية

هناك تنافس شديد بين آلاف الشركات ومراكز الأبحاث على مستوى العالم للحصول على ثنائيات ضوئية ساطعة

High Brightness Light Emitting Diodes HBLEDs تحسن من مزاياها وتلافي عيوبها وقد عمدت كثير من الشركات إلى تصنيع نجفات (lighting Fixtures) بمختلف الأشكال والألوان وتناسب أذواق شريحة واسعة من المستخدمين وتحاكي تلك المستخدمة في المباني حتى يمكن استبدال القديم من النجفات المستهلكة للطاقة بالثنائيات الضوئية الساطعة. وفي رأي الكاتب إن المباني الجديدة سواء كانت مكتبية أو سكنية فسيطغى عليها استخدام هذا النوع من مصادر الضوء مما يتماشى مع المباني الخضراء ولا يكاد يمر شهر إلا ونرى أنواعا جديدة منها. ولم تقتصر الأبحاث في هذا المجال على استخدام أشباه الموصلات لتصنيعها بل امتد لاستخدام مواد عضوية لتصنيع ثنائيات ضوئية ويطلق عليها الثنائيات الضوئية العضوية

Organic Light Emitting Diodes OLEDs وهي ثنائيات مسطحة مرنة تستخدم كشاشات عرض وقد تمكن بعض الباحثين من تصنيع عينة تصدر الضوء الأبيض وقد تنافس مستقبلاً شاشات العرض المستخدمة في التلفزيونات والحاسبات والإعلانات وهناك أبحاث تجرى للبحث عن مواد أخرى مناسبة.

وقد استخدم كاتب هذا المقال لوحة أبعادها 24سم x 37سم تحتوي على مجموعة من الثنائيات الضوئية الساطعة ويمكن تغذيتها بجهد يتراوح بين 100و220 فولت لإنارة أحد الشوارع الضيقة طوال فترة الصيف وكانت النتائج مشجعة كما تم استبدال نجفات هالوجين مستخدمه داخل منزله بنجفات تحتوي كل منها على مجموعة من الثنائيات الضوئية وهي تعمل بصورة جيدة للسنتين الماضيتين لكن الضوء المنبعث منها وكذلك مستوى الإنارة أقل مما كان عليه عند بداية استخدامها.

على الرغم من التقدم الهائل في أبحاث وتصنيع الثنائيات الضوئية الساطعة إلا أن استخدامها في بعض المجالات كإنارة الملاعب الرياضية أو الشوارع الرئيسية بعيدة المنال ولا يمكنها أن تضاهي مصابيح الصوديوم الصفراء (HPS) أو الهاليدات المعدنية (Metal Halides) أو الزئبقية.

أرجو أني قد وقفت في إعطاء طرح مبسط عن الثنائيات الضوئية الساطعة وحاولت الابتعاد عن استخدام المعادلات أو بعض النظريات ذات العلاقة وهناك ملايين من المواقع على الشبكة العنكبوتية تعطي تفصيلات ونماذج لنجفات مختلفة الأشكال والألوان والمواقع المذكورة أدناه تعطي تفاصيل أكثر مما جاء في هذا المقال وتحتوي على مصادر عديدة.

***

المراجع:

1 - http://en.wikipedia.org/Light-emitting_diode

2 - http://en.wikipedia.org/wiki/LED_lamp

3 - http://edisontechcenter.org/LED.html