Tuesday 15/10/2013 Issue 14992 الثلاثاء 10 ذو الحجة 1434 العدد
15-10-2013

تويترات وفيسبوكات الحج

هذه هي مكة التي أخذت شهرتها تنمو وتتسع حتى قصدها الناس من كل فج عميق.

هذه مكة التي سكنتها قريش واعتزت بما كان في يدها من مفاتيح الكعبة.

هذه هي مكة التي تتابع الوحي فيها ثلاث عشرة سنة، نزلت فيها كل السور المكية.

في وسط مكة تقريباً تقع العين على المسجد الحرام بقبابه ومآذنه ونورانيته.

هذه هي الكعبة التي جعل الله موضعها وما حولها مثابة للناس وأمناً.

هذه هي الكعبة، وما أن يراها الرائي حتى يشد إليها نظره ويخفق لها قلبه، وتتحرك نحوها قدمه.

هذه هي الكعبة التي يقصدها كل عام مئات الألوف من الحجاج طوعاً لأمر ربهم، وتطهيراً لنفوسهم، ورياضة لقلوبهم.

لقد جعل الله تعالى الكعبة قبلة للمسلمين واختار لها البلد الأمين.

قال العلماء: الحج المبرور هو المقبول، وهو الذي جاء على الوجه الأكمل باستيفاء الأعمال البدنية والقلبية.

الحج المبرور الذي لا رفث فيه ولا فسوق أي الذي ليس فيه كلام فاحش ولا خروج عن آداب الشرع وحدوده.

من حج الحج المبرور، واستغرق قلبه بمثل هذا الإحساس والشعور، رجي أن يمحى ما كان علق بنفسه من آثار الذنوب والشرور.

إن حكم الحج كثيرة، ففي كل واحد من أعمال المناسك تذكرة للمتذكر وعبرة للمعتبر.

في السعي بين الصفا والمروة اظهار للخلوص في الخدمة ورجاء للملاحظة بعين الرحمة.

في الوقوف بعرفة وازدحام الخلق وارتفاع الأصوات باختلاف اللغات تذكر لاجتماع الأمم بين يدي الله تعالى يوم القيامة.

في رمي الجمرات طاعة للرحمن وانقياد لأمره وارغام للشيطان وقصم لظهره.

في كل مشعر وكل شعيرة حكم ومقاصد نبيلة.

ما أجمل رؤية الحجاج محرمين وملبين، ولله درهم يبتغون فضلاً ورضواناً من ربهم.

قال علماؤنا -رحمهم الله تعالى-: إن لحج بيت الله آداباً إذا روعيت وقام الحاج بها، عاد -بإذن الله - موفور الحسنات، مقبول الأعمال.

من الآداب المستحبة أن يجتهد الحاج في ارضاء والديه ومن يتوجب عليه بره وطاعته من استاذ ومعلم ورحم قريب.

إذا حججت بمال أصله سحت

فما حججت ولكن حجت العير

على الحاج أن يستكثر من الزاد، والنفقة من المال، ليواسي من كان محتاجاً من القاطنين في تلك البقاع المباركة، ويأخذ بيد البائسين.

على الحاج أن يترك المماحكة والمشاححة فيما يشتريه، بأن يكون سموحاً في البيع والشراء سموحاً في الأخذ والعطاء.

من الآداب في الحج، أن يتعلم الحاج كيفية الحج وأحكامه وما يحرم عليه وما يحل له، وما يجب وما يسن.

على الحاج أن يستصحب معه كتاباً واضحاً في مناسك الحج، جامعاً لأحكامه ومقاصده، يديم مطالعته مع سؤاله لأهل العلم والفتوى في جميع أعمال الحج.

من الآداب أن يطلب الحاج له رفيقاً صالحاً موافقاً راغباً في الخير كارهاً للشر، إن نسي ذكّره وإن ذكر أعانه.

من الآداب أن يستعمل الحاج الرفق وحسن الخلق مع الرفقة والأصحاب ويتجنب المخاصمة مع الناس، والمخاشنة والمزاحمة في الطريق وموارد الماء.

على الحاج أن يصون لسانه من الشتم والغيبة والألفاظ القبيحة.

قال صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه).

إن الحج والزكاة هما الركنان الاجتماعيان من أركان الدين، يقوم عليهما الأمر بين الفرد والفرد، وبين الفرد والجماعة.

لقد كان الحج ولا يزال مطهر الدنيا، يزيل عن جوهرها أوزار الشهوات وأوضار المادة.

كان الحج ولا يزال ينوع السلامة تبرد عليه الأكباد الصادية العطشى وتهدأ لديه الأعصاب المرهقة.

كان الحج ولا يزال مثابة الأمن، تأنس فيه الروح إلى موطن الإلهام، ويسكن الوجدان إلى منشأ العقيدة.

كان الحج ولا يزال موعد المسلمين في أقطار الأرض على عرفات يجتمعون على الوداد، ويتآلفون على البعاد.

هنالك في مشعر عرفات يقف المسلمون حيث وقف صاحب الرسالة وحواريو النبوة وخلفاء الدعوة وأمراء العرب وملوك الإسلام وملايين الحجيج من مختلف الألوان والألسن.

الحج مؤتمر جامع للمسلمين قاطبة وهو موسم عبادة وموسم تجارة، تصفو فيه النفوس والأرواح، وتروج فيه السلع والبضائع.

قال العلماء: والمنافع التي يشهدها الوافدون إلى بيت الله الحرام كثيرة ومتنوعة، تختلف حظوظ الناس منها.

في الحج منافع روحية، تفيض من جلال المكان وروعته وبركته، وهناك منافع مادية تجارية، وهناك منافع أخروية.

العبادات في الإسلام جانب مهم من جوانب الدين، تحمل في حقيقتها معاني كثيرة، وأخلاقيات حسنة، تعود على المسلم فرداً وجماعة بالخير.

- المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 
مقالات أخرى للكاتب