Saturday 19/10/2013 Issue 14996 السبت 14 ذو الحجة 1434 العدد
19-10-2013

كرامة سيارتي!

لم أفرح في حياتي كما فرحت هذه الأيام، وأنا أرى ردود الأفعال حول قضية قيادة المرأة للسيارة، بهذا الشكل المُشرّف، وهذا الحِراك الراقي. ولن أخفيكم، عندما أقول إنني عندما كنت أطالب بهذا الحق قبل عشر سنوات على سبيل المثال، كان المؤيدون من حولي قلة، ومنهم من هو مؤيد دون أن يُعلن هذا خوفًا من ردود الأفعال الإقصائية، أما في هذا الوقت فعلى الصعيد الشخصي، حتى من كنت أراهم رافضين لهذا المطلب الحقوقي، فهم الآن من أوائل الداعمين والمشجعين له، ولم أعد أرى سوى قلّة رافضة، والرّفض حقٌّ مثلما أنّ القبول حقٌّ، المهم أن لا يفرضه أحدٌ منا على الآخر، بحيث إنّ الشخص الذي لا يرغب بقيادة امرأته السيارة لن يجبره أحد على هذا، وله كامل الحق في منعها - إنْ هي ارتضت - ووافقت رأيه.

لي تجربة شخصية تستحق أن أشارككم بها، وأجزم أنّ عشرات النساء السعوديات عشنَ تجارب شبيهة بها، إذ اشتريت سيارة عندما كنت أدرس خارج السعودية، وقد ارتبطت بسيارتي ارتباطًا حميميًا، فلم أقبل العودة إلى أرض الوطن دون أن ترافقني، وهذا ما حصل، أتذكّر عند دخولها إلى فناء بيتي بالرياض ركبتها مرحبة بها، كل ما فيها يعكس شخصيتي، فقد كنت أهتم بها وأرعاها كطفلة مدلّلة، وأول مشوار أردت أن أصحبها معي في الرياض، استيقظت فجأة بجلوسي على المقعد الخلفي الذي لم أجلس عليه من قبل، وشعرت بأنّ جلوس السائق في المقعد الذي كان مخصصًا لي هو نوع من انتهاك لحقي، فبأي حق يجلس غيري في هذا المكان الذي جلست عليه لمدة عامين؟ لقد كنت أتألم وأنا أرى تلك الأصوات التي بدأت تظهر على حديدها، أو خراب بسبب سوء الاستخدام وكأنّ شخصًا كان يضرب طفلتي أمامي وأنا مستسلمة لا أحرك ساكنًا من شدة الاستلاب!

قد يُقلل - بعضهم - من مشاعري تلك، لكنها حقيقة مؤلمة لأنّ الارتباط بالسيارة لا يختلف عن الارتباط بالأشخاص، وهذا الرابط لا يُمكن أن ينشأ من المقعد الخلفي، هذا الرابط الوثيق يبدأ في تكوينه من مقعد السائق الذي يدفع عرق تعبه ليشتري هذه السيارة، وليس السائق الذي لا يشعر بقيمة السيارة ولم يخسر عليها ريالاً من جيبه.

إنّ الحِراك المجتمعي الحاصل هذه الأيام حول قيادة المرأة للسيارة يُبشر بالخير، وهو يأتي تجاوبًا مع كافة التصريحات الرسمية التي أكدت أنّ فك حظر قيادة المرأة يعود إلى قرار المجتمع، وها هو المجتمع بكل مكوّناته يقرر أن نقود، وأن نتحرّر من سلطة السائقين ومشاكلهم التي تبدأ معنا من أول اليوم إلى آخره.

كلِّي ثقة أنّ هذا الحق الأصيل سيعود إلى المرأة في السعودية، وستشهد الأيام القريبة ضحكنا على تلك الأيام التي كانت فيها المرأة لا تقود، وستكون أيامًا من عبث الذكريات، سنتجاوزها ونعبر إلى ما هو أهم وأكبر في قضايانا التي أراد - بعضهم - عن قصد إيقافها عبر تعطيل حقوق تجاوزها الزمن!

www.salmogren.net

 
مقالات أخرى للكاتب