Thursday 24/10/2013 Issue 15001 الخميس 19 ذو الحجة 1434 العدد

شعراء من الرس «الطبعة الخامسة» 2 - 2

تأليف - فهد المنيع الرشيد:

عرض وتحليل عبد الله الصالح الناصر الرشيد

إلى هنا اكتفي بهذا القدر من الذكر لهؤلاء الشعراء وفيما تبقى سوف أعطي لمحطات موجزة وآراء مختصرة عن بعض الشعراء الباقين والذين يقف على رأسهم شاعران كبيران هما محمد بن ريس وقصة وفائه مشهورة ومذكورة في الكتاب، والشاعر الثاني إبراهيم الخربوش وهذا الشاعر غزير الإنتاج ومعروف بغيرته وحبه لوطنه طيب الله ثراه وأسكنه واسع جناته. كما أن للشعراء المخضرمين نصيبا وافرا من هذا الكتاب وشعرهم لا يقل أهمية عمن سبقهم.

وسوف يكون لهم مع مستقبل الأيام مكانة مرموقة تضاف إلى مكانتهم الطيبة في الوقت الحاضر ومن هؤلاء الشعراء الشاعر صالح الريس التميمي وهو شاعر طموح وصريح وشعره جزل وعميق وقيق أيضاً، وقد اعجبتني صراحته في معالجة المشكلات التي تحيط به وبأسرته وكذلك حرصه على توحيد كلمة أبناء وطنه الرس وحثهم على ترك الاختلاف فيما بينهم وهذا لا شك من واجبات الشاعر والكاتب أيضاً فيجب أن يعيش مع مجتمعه ولا يعيش لنفسه فقط اكثر الله من أمثاله، هذا وقد أعجبتني قصيدته في أهالي الرس التي يحثهم فيها على التعاون ونبذ الاختلاف، هذا كان في السابق أما الآن فقد توحدت قلوبهم على المحبة يقول فيها:

يا الله يا اللي عالم كل مكنون

تفرج لقلب كاثرات شطونه

يا خالق الدنيا على الكاف والنون

يا نافخ بالصور يا بالمعونة

تكفون بالله يا أهل الحزم تكفون

نوماسكم والعز لا تتركونه

عاداتكم عند المواجيب تافون

واللي يدور ضهدكم تضهدونه

جبتوا لكم عله وغبن وطاعون

همٍ بكل قلوبكم تنقلونه

أسباب ما بي شفت وانتم تشوفون

عمل الخنا يا ناس ينجاز دونه

ترى الرجال ما ينطح الكود بالهون

راعي الشرف ما يرتضي بالمهونه

والرس من تاريخ الأيام مصيون

دونه رجال بالنمش يحتمونه

أغراض الشعر

يلحظ المتتبع لمحتويات الكتاب ظاهرة إبداع بعض الشعراء القدامى والمحدثين في عطائهم الشعري في شتى فنون الشعر ومجالاته وأغراضه مثل الغزل العذري الشفاف النقي والشكوى من صروف الزمان وتقلباته، وما يكتنف حياتهم من شظف العيش وقلة الحيلة وضيق مجال العمل بسبب الطبيعة القاسية الجافة وأصبح بعضهم يعول فيما يلاقيه من نكد وضيق وعوز إلى سوء الحظ الذي يقف دون تحقيق أمانيه في الحياة المعيشية على الأقل، وهذا شاعرنا الشعبي صالح بن فهد السبيل يقول في قصيدة طويلة له:

جلبت أنا حظي على كل الامصار

ولا لقيت بكلها من يسومه

الليل يمضي في هواجيس وأفكار

عيني لذيذ النوم منه محرومه

والشاعر الخفيف الظل صالح السبيل لمن لا يعرفه فهو مع أنه من فرسان الشعر الشعبي المبرزين فهو من فرسان الكرم المعدودين، ولو كان مقتراً أو مقتصداً لأصبح من أصحاب الثراء والثروة لكنه صاحب أريحية وشهامة ومروءة ونخوة عربية أصيلة ولهذا كان بينه وبين جمع المال عداوة أو عدم توافق وفي هذا المعنى قال الشاعر المتنبي:

لولا المشقه ساد الناس كلهم

الجود يفقر والاقدام قتال

وبما انه شاعر غزير النتاج فقد قام بجمعه وتبويبه وطبعه لما يحفل به شعره من فنون الشعر وأغراضه المتعددة، وقد صدر في خمسة أجزاء في طباعة أنيقة ومنقحة متضمناً مجالات الوصف والرثاء والمدح بأصالة جزالة.

وما دمنا أشرنا إلى مواقف الشعراء من ظاهرة سوء الحظ فيجب أن لا يغيب عن ذاكرتنا قصيدة مشهورة للشاعر سليمان بن محمد الهزاع عن هذه الظاهرة ومع ورورد نماذج من قصائده في هذا الكتاب إلا أن هذه القصيدة لم تنشر على الرغم من أهميتها وظرفها وسلامة عباراتها العفوية ومطلع القصيدة يقول:

يا من يسوم الحظ ما بيه ما بيه

جازم على بيع الخنوب الربوضي

شاعر بان واختفى

في طبعة سابقة من هذا الكتاب واظنها الثانية حفلت بترجمة ومختارات من إنتاج أحد شعراء الرس المعاصرين ولكن في الطبعة التي بين أيدينا لاحظت أن هذا الشاعر اختفى شعره وترجمته على الرغم من انه شعره تلحظ فيه ومضات الإبداع عند الموهوبين في الشعر وخاصة في مجال الغزل العذري البريء النابع من الخيال الشعري الفطري ليس إلا، والدليل على مصداق كلامنا عن هذا الشاعر هو قصيدته الألفية التي يقول مطلعها:

الألف أولف من بيوت نظيفة

على حبيب القلب واسمه لطيفه

والشعر متى ظهر إلى الوجود وتناولته ألسنة الرواة وتم الاحتفاء به صار شعراً مشاعاً للجميع يتداولونه ويستفيدون من إبداعه وعطائه.

ملاحظة عابرة

1 - في طبعة الكتاب الأولى والثانية كان بعنوان - شعراء الرس النبطيون - وفي الطبعات الأخيرة تغير إلى اسم - شعراء من الرس وفي رأيي أنه يترتب على هذا التغيير تبعات والتزامات منها أن تشمل شعراء الرس باللغة الفصحى وما أكثرهم أمثال الدكتور إبراهيم العواجي ومحمد العامر الرميح ومحمد المسيطير وصالح حمد المالك وفهد النفجان وصالح العبد الله المالك وصالح العوض وعلي صالح الضلعان وعبد الله الكدري وناصر عبد الرحمن الضويان وغيرهم وان يفرد لهم ملزمة كبيرة أو جزء خاص يترجم لهم ويحمل مختارات من إنتاجهم وآمل أن يتم ذلك في القريب العاجل لتكتمل منظومة شعراء المحافظة في الفصحى وفي النبطي.

2 - هناك بعض الكلمات العامية تقال بلهجة محلية صرفة قد يغيب فهمها لدى بعض القراء فلو أفرد هامشاً بسيطاً في أسفل الصفحات لشرح بعض الكلمات أو العبارات الغامضة تعميماً للفائدة لكان أفضل، وبعد ذلك كله يبقى هذا الجهد المميز والعمل الدؤوب للمؤلف دليل وعي وإخلاص ووطنية فياضة لا يستغرب من أمثاله من الأدباء الموهوبين والمؤهلين خاصة إذا ما علمنا عن عصامية المؤلف وكفاحه في العمل والدراسة فهو أحد خريجي جامعة دمشق المتفوقين وأحد المبرزين في العمل الإداري، حيث عمل في مصلحة معاشات التقاعد ووزارة البترول والثروة المعدنية حتى تقاعد أخيراً وهو عضو في النادي الأدبي في القصيم. وله مساهمات متعددة وملموسة في كتابة المقالة الأدبية والقصة القصيرة والموضوعات الاجتماعية، حيث يتم نشرها تباعاً في كثير من صحفنا المحلية - وفقه الله - وأكثر من أمثاله.

خاتمة

بهذا القدر المحدود وهذا الجهد المتواضع آمل أن أكون قد وفقت في إعطاء نبذة مختصرة عن هذا الكتاب الحافل بالعطاء والجهد المتميز علماً بأنه سبق لمحرر هذه السطور ان كتب تعريفا وتعليقا بما يخص الطبعة الأولى إبان صدورها قبل ثلاثين عاماً وقبل أن يتضاعف حجم الكتاب ويشمل جميع شعراء الرس ونواحيها، وقد تم نشر التحليل السابق في جريدة الندوة في عددها رقم 3265 وفي موضوعنا هذا إحاطة ببعض ما تم نشره سابقاً مع بعض الإضافات اللازمة حسب حجم ومحتويات الكتاب في طبعته الأخيرة.

وللمؤلف كتاب قيم صدر أخيراً عن تاريخ الرس ماضيها وحاضرها في طباعة شاملة حافلة، بذل فيه جهداً موفقاً حاز رضا وتقدير كل من حظي بقراءته.. والله الموفق.