Saturday 26/10/2013 Issue 15003 السبت 21 ذو الحجة 1434 العدد
26-10-2013

الدوافع الأمريكية والإيرانية في إعادة العلاقات

يعاد الحديث مرة أخرى عن سعي إدارة أوباما الأمريكية لإعادة العلاقات مع إيران، ومحاولة الاستفادة من التغير الذي حصل في إيران بعد انتخاب حسن روحاني. هذا الحديث ورغم أنه أُشبع بحثاً منذ أن بدأ الأمريكيون بالذات يتلمسون إيجاد طريقة لبحث تنشيط علاقاتهم بالنظام القائم في إيران، والذي بدأ حتى قبل انتخاب روحاني، وجرت محاولة سبر غور الإيرانيين عبر وسطاء منهم عرب وأجانب وحتى أمريكيون يعملون كموظفين كبار في الأمم المتحدة، فإن إيران لم تمانع في إعادة العلاقات وإن أظهرت تشدداً ومطالب تفهمتها إدارة أوباما التي تعاني من حمل ثقيل، كما إيران، إذ إن أوباما تحاصره الديوان، وعجز الموازنة الأمريكية، ولهذا فلا يريد الالتزام بأي أعمال حربية أو حتى حشود عسكرية تزيد هذه الأعباء، بل يبحث عن مخرج لمعالجة عجز الموازنة بالبحث عن مكاسب اقتصادية. والإيرانيون الذين يعانون من حصار اقتصادي وعزلة دولية رفعت نسبة التضخم إلى 47 بالمائة، جعلتهم أكثر استعداداً لسماع الرغبة الأمريكية، بل هناك تحليلات تقول إن انتخاب روحاني وتسهيل نجاحه في الجولة الأولى جزء من التمهيد الإيراني لإعادة العلاقات الطبيعية مع أمريكا بعد أن ضيق الخناق كثيراً على إيران والتي لم تعد تحتمل بعد مزيداً من العقوبات.

طبعاً من حق إيران أن تبحث عن مخرج، خصوصاً أنها تلقت تطمينات من إدارة أوباما عبر الوسطاء الذين تواصلوا مع مكتب خامنئي، على أن تلبى معظم مطالب خامنئي، خاصة فيما يختص بالرفع التدريجي للعقوبات الاقتصادية مقابل وقف تخصيب اليورانيوم، كما أن إدارة أوباما ستقنع حلفاءها الغربيين بفك العزلة عن نظام خامنئي، وهو ما بدأته بريطانيا التي أعادت تنشيط القنوات الدبلوماسية مع طهران على مستوى القائم بالأعمال، كما أن إدارة أوباما لمحت إلى عدم معارضتها لتعظيم دور طهران الإقليمي في المنطقة.

كل هذا بدايات، وواشنطن تنتظر أن تبدأ طهران في القيام بخطوات ملموسة في مجال الملف النووي، بدءاً بالإعلان عن خفض نسب التخصيب لليورانيوم والإعلان عن السماح للمفتشين الدوليين بالزيارات المفاجئة والمعلنة للمراكز النووية ومراكز الأبحاث والمفاعل النووي الإيراني، وصولاً إلى التخلص من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة. وهذه الخطوات ستقابلها خطوات أخرى من الجانب الآخر تتمثل في الرفع التدريجي للعقوبات الاقتصادية، والتخفيف من العزلة الدولية. ورفع العقوبات الاقتصادية سيتيح للشركات الأمريكية العودة إلى الساحة الإيرانية والدخول في مشاريع تحديث الصناعة البترولية ومشاريع البنية التحتية التي توقفت منذ وقت طويل. وهذا ما يبحث عنه أوباما لتنشيط الاقتصاد الأمريكي بأمل أن يساعد على تخفيف العجز الذي يحاصر الميزانية الأمريكية.

إذن هناك مصالح مشتركة دفعت كلاً من طهران وواشنطن على تنشيط العمل على عودة العلاقات بين البلدين. أما ما هو تأثير ذلك على الدول الأخرى بما فيها حلفاء أمريكا من الغربيين أو أصدقائها في المنطقة، وتأثير ذلك على حلفاء إيران وأصدقائها في المنطقة وخارجها، فذلك ما يحتاج إلى مقالة أخرى.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب