Sunday 03/11/2013 Issue 15011 الأحد 29 ذو الحجة 1434 العدد

4.7 مليون سعودي من فئة (10-19 عامًا) سينضمون لطالبي المساكن في 2023م

تقديرات طلب السكن أقل كثيرًا عن الحجم الحقيقي

الجزيرة - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:

سادت حالة من التفاؤل بظهور وزارة متخصصة للإسكان، بحيث تتولى كل ما له صلة بحلّ مشكلة الإسكان، كجهة مركزية تستطيع صنع قرارات سريعة ووضع حلول عاجلة للإسكان.. إلا أنّه وبعد مرور ما يناهز العامين سادت حالة من القلق، فالجميع يترقب ظهور إنجازات حقيقية على أرض الواقع لعلاج مشكلة الإسكان ومع بزوغ فجر كل يوم نرى مشكلات جديدة ترتبط بالإسكان.. كيف ولماذا؟ أما آن الأوان لوضع حلول عاجلة لأزمة الإسكان؟ العجز المتراكم في الوحدات الإسكانية يقدر بما يناهز المليون وحدة سكنية، فهل سيكون في المقدور مواجهتها مع زيادة سنوية بنحو 250 ألف وحدة سكنية؟ إن ما يصعب أزمة الإسكان هو الرقم «المعلن» الذي قفز به عدد سكان المملكة اليوم ليصبح 29.99 مليون نسمة الآن؟ ليس هذا فحسب، ولكن الزيادة عن آخر عدد معلن للسكان جاءت نتيجة زيادة صريحة في أعداد المواطنين، بل ما يفاقم الأمر هو استمرار حدوث قفزات في عدد السكان، مع الخروج التدريجي والناعم للمخالفين لنظام العمل والإقامة من المملكة.

عندما بدأت الوزارة تتولى مقاليد قضية الإسكان في 2011م كان عدد السكان المعلن للمملكة هو 28.4 مليون نسمة تقريبًا.. وكان عدد السعوديين يقدر بنحو 19.4 مليون نسمة، الآن آخر رقم معلن لعدد السكان هو تقريبًا 30.0 مليون نسمة، منهم 20.3 مليون من السعوديين، إنها طفرة تصب في غير صالح وزارة الإسكان، بل إن توقعات السكان التي تشير احصاءات مصلحة الاحصاءات العامَّة أنهَّم سيصلون إجمالا إلى 34.9 مليون نسمة في عام 2020م، ومن المقدر أن يصل عدد السعوديين فيهم إلى حوالي 23.2 مليون نسمة.. أيّ أن النمو السكاني يعتمد بكثافة على نموِّ المواطنين.. وبالتالي، فإنَّ نمو السعوديين يمثِّل النمو الحقيقي في الطلب على المساكن في المملكة.. فهل وزارة الإسكان ستتمكن مواجهة الطلب على المساكن حينها؟

توقعات النمو في السكان بالمملكة ليست هي جوهر المشكلة، ولكن جوهرها يتركز في تطوّر معدلات النمو في بعض الفئات العمرية للسكان، أهمها فئة الشباب من أعمار 10-19 عامًا، هذه الفئة تشكّل حوالي 23.0 في المئة (حسب مسح 2007م) من إجمالي السكان السعوديين، وهذه الفئة نمت وتطوّرت بشكل مذهل خلال السنوات الأخيرة.. بمعنى أن عدد 4.7 مليون سعودي حاليًّا في أعمار (10-19 عامًا)، هؤلاء بعد عشر سنوات سيصبحون طالبي مساكن لأنهم سيكونون في عمر الزواج تقريبًا.. إذن الطلب على المساكن المقدر حاليًّا الذي تتمسك به غالبية الدراسات يُعدُّ أقل كثيرًا عن الطلب الحقيقي الذي يمكن أن تواجهه وزارة الإسكان مستقبلاً.. فما بالنا والطلب القديم والمتراكم من فترة خطة التنمية التاسعة لم يتم تلبيته حتَّى الآن.

غالبية الدراسات تؤكد على أن نمو الطلب على المساكن سيكون بنحو 250 ألف وحدة سكنية سنويًا.. ولكن واقع تقديرات النمو السكاني للفئة العمرية (10-19) عامًا يشير إلى حقائق مختلفة، وقد تمثِّل مفاجآت، مثلما يتجاوز النمو السكاني الحدود المتوقعة.. فهناك ما يربو على 4.7 مليون شاب وشابة سعودية يمكن أن يتحوّلوا فجأة ومعًا ومشتركين إلى طالبين للمساكن خلال السنوات العشر سنوات الأخيرة.

ومشكلة ثالثة تواجهها وزارة الإسكان، وهي التركز السكاني بالمملكة في مناطق ومدن معينة، فأعلى التركزات تأتي في منطقة مكة المكرمة، ثمَّ الرياض، وفي هاتين المنطقتين تحديدًا تظهر مشكلة الكثافة السكانية، وأيْضًا كثافة الطلب على المساكن.. وتزداد حدة المشكلة بزيادة ندرة الأراضي بشكل يدفع الاقتراحات جميعها إلى الخروج خارج نطاق المدن العمرانية، وهو ما لا يلقى قبولاً غالبًا من طالبي المساكن.

أما المشكلة الرابعة، فهي تزايد الرغبة في الزواج، أو شيوع الزواج المبكر، التي تضع قيودًا كبيرة على دفع وقفز الطلب على المساكن.. أن مفهوم الزواج في الاقتصاد هو تحوَّل مسئولية الإنفاق من مُجرَّد فرد إلى أسرة، وبالتالي تكون أولى متطلباتها إيجاد المسكن.

أيْضًا توجد مشكلة خامسة، وهي طلب الاحلال، وهو الطلب الخفي الذي لا يستطيع أيّ باحث تقديره، لأنَّه يرتبط بمتغيِّرات وعناصر مختلفة، من أهمها تزايد مستوى الدخل للفرد، ثمَّ تباين الرغبات والتفضيلات الاستهلاكية، فضلاً عن ارتفاع التقليد لدى الأفراد لبعضهم البعض.. فلمجرد أن حيًا معينًا نال القبول لدى بعض الفئات الراقية أو مرتفعة الدخل، تجد فجأة عليه إقبالاً، وتظهر ميول من كثير من السكان لمغادرة مساكنهم القديمة والسعي لاستبدالها بمساكن جديدة، بشكل يستهلك جزءًا رئيسًا من المعروض من المساكن الجديدة، التي تستهلك من قبل فئات وشرائح تشتري المساكن أو تستحوذ عليها، وهي ليست في حاجة إليها.

من الآن وحتى عام 2020م، إذا افترضنا أن الطلب السنوي على المساكن يعادل 250 ألف وحدة جديدة فقط، فإنَّ حجم الطلب الإجمالي المتراكم المطلوب من وزارة الإسكان توفيره من المقدر أن يصل إلى حوالي 3 ملايين وحدة سكنية.. فهل في المقدور إتاحة هذا الحجم من المساكن؟

إن منتج المساكن ليس هو منتج منفرد، مثلما كثير من المنتجات الصناعيَّة أو الخدميَّة الأخرى، بل هو ناتج منظومة كبيرة ومُتعدِّدة من العناصر والمتغيِّرات، فإنتاج المسكن يرتبط بإتاحة الأراضي، والتمويل، والمقاول، ومواد البناء، والتفضيلات للمستهلكين، وغيرها. ولسوء الحظ يبدو أن وزارة الإسكان قد تكشفت لها العديد من المشكلات والمعوقات، من أهمها ندرة الأراضي، وتصنيف المقاولين، وأسعار مواد البناء، وتباين تفضيلات السعوديين لشكل وتصميم المساكن، وغيرها.. لذلك، فإنَّ العلاج الحقيقي للإسكان يستدعي النظر في كلِّ هذه المشكلات، ووضع حلول عاجلة لها، لأنّها تُؤثِّر بشكل أو بآخر في حل أزمة الإسكان.. لذلك، فقد تطول الفترة لبدء تلبية الطلب بطول فترة إيجاد الحلول لهذه المشكلات.

 

موضوعات أخرى