Tuesday 05/11/2013 Issue 15013 الثلاثاء 02 محرم 1435 العدد

رحمك الله يا والدي حلوان مفلح الصوالحة

قدرنا في هذه الدنيا أنّ لكل أجل كتاب قال الله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}. رحلت عنا يا والدي ولم يمر عليّ ذلك اليوم كسائر الأيام، كان يوماً مثقلا بالهموم ممتزجاً بالحزن وكأن أحزان العالم وهمومهم قد جمعت وطرحت فوق ظهري كالجبال.. هكذا كان يوم تشييع جثمان والدي رحمه الله..

رحلت يا والدي عن هذه الدنيا ومن بعدك أصبحت أيامي سواسية تغيّر كل شيء بالنسبة لي ولم يعد لقهوة الصباح ولا لرائحة النار قيمة فقد افتقدتا نكهتهما وقيمتهما في أي صباح يمر بدونك وبدون تلك القصص والقصائد التي كنت ترويها لنا والنصائح التي كنت تسديها لنا في كل صباح..

رحلت عنا يا والدي وتركت خلفك أعمالك الصالحة وسيرتك العطرة وأخلاقك النبيلة التي لا زال يذكرها كل من كان يعرفك أو قابلك أو زاملك.. وكم اجتهدت وثابرت على تربيتنا التربية الصالحة وحرصت على تعليمنا تعاليم ديننا الحنيف.. وكنت لا تضيّع فرصة أو موقفاً يمر حتى تلتفت لنا ونحن بجانبك لتعلمنا مما تراه مناسبا من نصح وإرشاد من تلك التجربة الطويلة..

رحلت عنا يا والدي وتركتنا خلفك في هذه الدنيا نشتكي ألم الفراق وحر الوداع وعزاؤنا الوحيد أننا باقون على عهدك نعمل بما كنت توصينا به وبما ربيتنا عليه ونستحضر ذكرك في كل لحظة تمر علينا فيها بسعادة وكأنها افتقدت لأحد أركانها الأربعة.. ندعو لك الله ونبتهله أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة ولا يجعله حفرة من حفر النار..

رحلت عنا يا والدي واستعصت حروف الشعر أن ترثيك شعرا ونثرا وكأني عاجز عن التعبير.. فكلما خرجت بقصيدة أشعر أنها أقل مما كنت أطمح إليه أو أقل مما تستحقه.. ولأن الفقد شعور يستحيل وصفه ومصاب لا تعبر عنه الكلمات فما قلت فيك إلا بعض مشاعر اجتاحتني على حين غرة رغم أنها قليلة بحقك:

عظّم الله أجرنا فيمن فقدنا من فقيد

وأحسن الله من عزانا وخفف الله المصاب

البقاء لله وحده عالما يوم الوعيد

وبالقضأ خيره وشره مؤمنين ابلا عتاب

حكمة الله في عباده والرحيل أمر أكيد

وابن آدم مهما عمّر مقفية فيه الركاب

مؤمن ٍ آمنت بـ الله وحافظ السنة رصيد

وسنة الله بإبن آدم بالنهاية للتراب

تابعا سنة محمد مبعدن عن كل كيد

وإلا قدر أبوي عالي ومسكنه فوق السحاب

آه من فرقاه شبّت بالصدر نار الوقيد

آه يا هي من مصيبه تحتضن جور العذاب

آه ليت العمر يهدى والليالي له تعيد

آه يا كثر الأماني والحزن والاكتئاب

أذكره أيه أذكر أنه عزوة اليوم الشديد

كان فزعة كان هيبه كان مرفوع الجناب

كان ابوي بطيب نفسه مدرسة علماً فريد

شامخاً مرفوع هامة لا يعيب ولا يعاب

أمس كان هناك جالس والقدوع أحلا القصيد

ودلة الرسلان منها كيفنا بالشعر طاب

بين ضحك وبين بسمة وبين ماضينا المجيد

وإن جهلنا بالسوالف نستمع منه الصواب

كان وجه الصبح شاهد كان بالدنيا زهيد

للصلاة وللصيام وللوصل بين القراب

فاقدينك وانت فينا يا يبه دم الوريد

وأنت صدر محتضنّا من الطفولة للشباب

من رحلت وغبت عنّا والحزن فينا يزيد

وكن هذا الكون بعدك من خرابٍ في خراب

أدعي الله في سجودي ربنا العالي الوحيد

هو سميع وهو عليم ٍ والدعاء عنده مجاب

يرحمه، يغفر ذنوبه يدخل الجنة سعيد

ويشرب الكوثر وينعم بين مالذا وطاب

رحلت عنا يا والدي وعزاؤنا أن هذا هو القدر وليس لنا إلا الصبر (إنا لله وإنا إليه راجعون).. رحمك الله يا والدي وأسكنك الفردوس الأعلى.

- محمد حلوان الشراري