Saturday 16/11/2013 Issue 15024 السبت 12 محرم 1435 العدد
16-11-2013

خطوة تصحيح .. ولكن

إذا كان دخول الأجنبي، بشكل غير نظامي، أو بطريقة التهريب والتجاهل، إلى أي دولة في العالم، يعد جريمة يتحملها هو بالدرجة الأولى، فإن من أهمل أو تغاضى أو تجاهل أو تآمر أو زوَّر دخوله، يتحمل جزءاً مماثلا من العقوبة، بل والعقوبة العلنية أمام الملأ، كي يكون عبرة لغيره، من المواطنين ضعاف النفوس، الذين يرمون أمن الوطن خلف ظهورهم بمجرد قبض حفنة من المال.

أي مواطن حرّ، ونزيه، ومخلص، يبارك هذه الحملة التصحيحية للبلاد، هذا لا خلاف عليه، ولكن هذا المواطن الحرّ النزيه الذي يحب وطنه، ويخاف عليه، يجزم بأن من يتآمر على هذه البلاد لمنفعة مالية شخصية هو يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون، ولابد أن تطال العقوبة كل الشركاء في تهريب، وتسهيل مرور وتنقل هؤلاء داخل أرض الوطن، بدءاً من موظف الجوازات على الحدود، وحتى المهربين من سائقي الأجرة أو الخصوصي الذين ينقلون هؤلاء من موقع إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى، مروراً بكل شركاء هذه الجريمة، ممن يقوم بإيوائهم وإسكانهم وتأجيرهم، ومن يقوم بتشغيلهم، حتى لو كان داخل المنازل الخاصة!.

على القائمين على هذه الحملات التصحيحية أن يؤمنوا بأن ما يقومون به هو الخطوة الأولى للتصحيح، لكنها حتماً لا تكفي، ولن توقف سيل المتسللين عبر الحدود، أو الهاربين من كفلائهم، سواء كانوا أشخاصاً أو منشآت تجارية، إلا إذا فرضت عقوبات صارمة، تطال كل من له يد في انتشار هؤلاء في الشوارع والأحياء القديمة، بل حتى من يهرب منه عامل منزلي أو عامل شركة، يجب أن يقوم بالإبلاغ عنه، ويجب على مراكز الشرط أن تتعامل بجدية وصرامة مع هذه البلاغات، لا أن تكون الإجابة النمطية: «سجل معلوماتك وإذا لقيته قل لنا».

علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا اليوم أكثر من أي وقت مضى، هنا في الداخل توجد عصابات منظمة تتاجر بالعمالة، وبالذات العمالة المنزلية، يتخطفونهم من لحظة وصولهم في المطارات، يوزعون عليهم كروتاً وأرقام هواتفهم، يقومون بتشغيلهم بأضعاف مرتباتهم، ويحصلون على عمولات نقلهم من منزل إلى آخر، بخلاف الأعمال غير الأخلاقية التي تحدث من قبل العاملات المنزليات، عند سكنهن في بيوت مخصصة لمبيتهن، قبل تسليمهن إلى عميل جديد أو منزل طالب الخدمة.

لا يخفى على أحد، أن هذا التصحيح على كافة الجبهات، وليس على جبهة الترحيل فقط، سيكون له نتائج مثمرة ومتميزة، ليست على مستوى الأمن فحسب، رغم أهميته، وإنما حتى على مستوى فرص العمل المتاحة للمواطنين، خاصة أن تجارة التجزئة، والنقل، يسيطر عليها هؤلاء، بل حتى الأعمال الفنية والحرفية، التي تدر أموالاً طائلة قد تكون فرصة جيدة للمواطنين من ذوي التخصصات المهنية والفنية.

لا شك أن منح المواطن هذه الفرص العادلة، وضمن منافسة شريفة، مع وافدين يعملون بشكل نظامي في مؤسسات وشركات ترعاهم، وتراقبهم، وتكفل حقوقهم، بل وتمنحهم فرصة النقل النظامي من مؤسساتهم إلى مؤسسات أخرى منافسة، لن يوجد العمالة السائبة كما هي الآن، التي قد تكون قنبلة موقوتة تربك الأمن الداخلي يوماً ما، وسيمنحنا هذا التصحيح فرصة النمو الاقتصادي بشكل أكبر، وأكثر تنظيماً مما يحدث الآن.

مقالات أخرى للكاتب