Sunday 17/11/2013 Issue 15025 الأحد 13 محرم 1435 العدد
17-11-2013

ثلاث يقوضن البنيان

بعض المقولات تحتاج إلى إثبات يدلل على صحتها، وبرهان على صدق دلائلها، وبعضها الآخر يعد من نافلة القول أن يسار إلى إثبات صحتها وصدق دلائلها، لا سيما إذا كانت مصادر الاعتماد والتسليم بصحة المقولة وصدقيتها مستمدة من الخبرة البشرية، فالخبرة البشرية معين لا ينضب من المعارف والحقائق التي بلغت درجة لا يرقى إليها الشك أبدا، بحيث يعد من هدر الوقت والجهد أن يسار إلى إثباتها بالدراسة والتحليل والتعليل.

من تلك المقولات ما ينسب إلى أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهنالك ثلاث وسائل هي:

*- اهدم الأسرة *- اهدم التعليم *- اهدم الرموز القدوات

ولكي تهدم الأسرة:

عليك بتغييب دور الأم الحقيقي، تغييبها عن دورها الرئيس المتمثل في التنشئة والتربية، فمتى ما شعرت الأم بالخجل من وصفها بـ”ربة بيت” فقل على أدوارها السلام، لأن من يخجل من أدواره لن يتفاعل معها كما يجب، ولن يولي تلك الأدوار اهتمامه ويخلص في أداء الواجبات المحققة لأدائها، ومن عجائب معول الهدم هذا أنه يخرج المرأة من أدوارها المتوافقة مع فطرتها ويكلفها بأدوار نشاز خارج إطار أنوثتها، ساقوها إلى مواقع ومواقف أشد عناء من الناحية النفسية وكلفة من الناحية البدنية من أدوارها الرئيسة المتعارف عليها في كل الثقافات والحضارات.

ولكي تهدم التعليم:

عليك بـ”المعلم” لا تجعل له أهمية في المجتمع، وقلل من مكانته وشأنه حتى يحتقره طلابه، يعد المعلم العنصر الرئيس بل والأهم في جملة عناصر العملية التعليمية، فمهما بلغت عناصر العملية التعليمية من درجات الكمال جودة وإثارة، تبقى ثانوية أمام دور المعلم، لأن المعلم المربي هو من يدير المعرفة في الفصل مع الطلاب، وهو من يثريها وينتج منها معارف جديدة، هو من يكسب المواقف التعليمية حيوية، هو من ينمي شخصيات الطلاب بتعزيز النجاحات ومعالجة أوجه النقص والتقصير -المتوقعة- بالأساليب التربوية البناءة.

ولكي تسقط القدوات:

عليك بـ”العلماء” اطعن فيهم، قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لقولهم، ولا يقتدي بهم أحد، العلماء هم ورثة الأنبياء، لأن لمقولاتهم أهمية وقيمة، أهمية في توحيد الصفوف ورصها وائتلافها، وقيمة في كونهم الأعرف بما يحقق الصالح العام، وفق قواعد معرفية مستندة لأصول ثابتة أصيلة، إن إقصاء العلماء عن الحياة العامة، وإضعاف موقفهم بالتجاوز أو الإهمال، يفضي إلى تشرذم البنية المجتمعية، وتفكك المجتمع وانقسامه، وتعدد ولاءاته وانتماءاته، وإلى التحزب والتكتل تحت عناوين تؤسس لفتن تنتهي حتما إلى التدابر ومن ثم إلى التناحر وتفكك المجتمع، وفقدان أمنه النفسي والاجتماعي.

وحتى لا يقوض البنيان من داخله وبأيدي أبنائه، على المجتمع أن يتنبه إلى وجوب المحافظة على “الأم الواعية” بأدوارها، وأن يعمل على تعزيز ممارستها لتلك الأدوار وفق ما يتوافق مع فطرتها وطبيعتها البشرية، وألا يغتر بدعاوى الضلال التي لم تجن منها المرأة سوى فقدان الذات والمزاحمة على أدوار أفقدتها أنوثتها، والاحترام والتقدير.

وحتى لا يقوض البنيان من داخله وبأيدي أبنائه، على المجتمع أن يعرف قدر المعلم، وأن يقدره حق قدره، وأن يحفظ له مكانته السامقة ليس في الميدان التعليمي فحسب بل بين عموم المهن المجتمعية التي تعد مهنة التعليم والمعلم في قمة هرمها.

وحتى لا يقوض البنيان من داخله وبأيدي أبنائه، على المجتمع أن ينزل العلماء منزلتهم اللائقة، وأن يثمن عاليا أدوارهم باعتبارهم القدوة والمرجع الذي يجب أن يسمع قوله ويستجاب لرأيه.

abalmoaili@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب