Thursday 21/11/2013 Issue 15029 الخميس 17 محرم 1435 العدد
21-11-2013

جحيم على الأرض - النسخة السعودية

تُصاب بالدهشة والذهول وأنت ترى صورة من صور جحيم الأثيوبيين المقيمين بصورة غير قانونية في المملكة العربية السعودية على إحداث مظاهر الشغب في أماكن متفرقة وتحقيق تلفيات مادية وبشرية. وتتعاظم هذه الدهشة في صورة أخرى

لجحيمهم عندما تظاهر بعض أفراد الجاليات الأثيوبية أمام سفاراتنا في الخارج في دول تطبق قوانين الهجرة والإقامة ولا تستثني أحداً منذ زمن بعيد. وتقف هذه الدهشة عند سقفها عندما ترى صورة ثالثة من جحيمهم على السعودية وهي عندما يتم إنتاج فيلم عن معاملة الأمن السعودي مع فئات ضالة تستحق العقاب ويطلق عليها بأنها من الأثيوبيين ويتم ترجمته بلغات عدة ويبث على قنوات إعلامية جماهيرية.

أليس من حق السعودية أن تطبق بحزم الأنظمة على المقيمين سواسية، لماذا لم يخرج في أعمال تخريبية إلا الأثيوبيون، أليس الأثيوبيون معتادين على تطبيق الأنظمة في مجتمعهم، أليس في أثيوبيا قوانين تطبق على الجاليات التي تعيش على أرضها ولا تميز بين أحد منهم.

لم تعف السعودية مواطنيها من تطبيق الأنظمة والقوانين التي تنظم كافة سلوكياتهم، وتفًرض عقوبات صارمة عليهم في حالة التخلي عنها قصداً أو جهلاً أو التقصير في الأخذ بها. ما بال هؤلاء القوم لا يعقلون، أليس منهم رجل رشيد يتم التحاور معه، أليس لديهم كبير يتم الرجوع إليه. هذه هدايا الوداع التي تتلقاها السعودية من هؤلاء، هذه أشكال الاعتراف بالجميل للسعودية أن فتحت حدودها لهم لطلب العلم والرزق والعلاج من ناحية وتستّرت عليهم نظير جرائمهم التي هزت الضمير الإنساني أعواماً عديدة من ناحية أخرى.

وتعجب كل العجب عندما خرج ممثلهم الأكبر سفير أثيوبيا لدى السعودية ويبرر ضمناً وصراحة هذه التصرفات الغوغائية عبر قناة جماهيرية تصل إلى أصقاع الدنيا بأن هذه ردود أفعال طبيعية مقابل تصدي الأمن والشباب السعودي لها. ما الرسالة التي يريد أن تصل لنا؟

لقد تجاوز أذى الأثيوبيين كل التوقعات، إذ لم يحترموا هيبة الدولة، ولا حرمات الإنسان في دمه وماله. أنها مشاهد تجعل كل ذي عقل يتساءل عن الجرم الذي ارتكبته السعودية معهم، ربما لا يفرًقون بين الإحسان والإساءة، وربما لا يفرّقون بين دولتهم والسعودية، وربما أنهم يرون أنهم الفئة التي لا تقهر.

وفي هذا الحيز من مقالتي أذكر أن هناك من الأثيوبيين شرفاء إذ يحترمون أنفسهم وخير سفراء لدولتهم، ولثوابتهم التي يحافظون عليها، وأثبتوا وجودهم في ميادين العلم والعمل والجوار والزمالة في المهنة.

وبلادنا لها حقوق علينا نحن السعوديين ولاسيما في هذه الفترة، ومنها عدم اختلاق وبث الشائعات التي تسيء للأمن السعودي، ففي هذا العمل رفع لمعنويات هذه الفئة الضالة، ومن الحقوق إيصال صور من كرم احتواء السعودية لمن سلًم نفسه طواعية إلى وسائل الإعلام الدولية المختلفة، وقنوات التواصل الاجتماعي، ومن الحقوق إقامة معارض في السفارات السعودية في الخارج وتوجيه الدعوات لها لمختلف الناس، ومن الحقوق توجيه اهتمام خطباء الجوامع لإلقاء خطب عن ردود أفعال الحكومة السعودية الإنسانية وإبراز شيء من جرائم هذه الفئة الضالة وتستر الأمن السعودي عليها، ومنها مقارنة الموقفين الرسميين الأثيوبي السعودي، وإفساح الطرقات للأمن السعودي لمباشرة مهامه على نحو منظم بدلاً من التدخل غير المخطط له... إلخ.

إنها شيء من الحقوق إذا قصرنا في الأخذ بها لن نهرب من تأنيب الضمير، ووصف النفس بالتقصير، والخذلان من إدارة الأزمة التي تمر بها بلادنا بصورة واعية، وتفويت الفرص على الحاقدين المتسترين الذين يسرهم هذه الحال التي تمر بها بلادنا.

وأنا أجزم بأنها سحابة صيف سرعان ما تنقشع؛ لأن الحق بيًن والباطل بيّن، والمجتمع الدولي الذي يشاهد هذه الفئة الضالة لا شك أنه يمقتها ويسخر منها، بل ولا يرحب بها أن تقيم على أرضه.

طهور إن شاء الله يا بلادي مما أصابك من الأذى، وتأكدي أن وراءك رجالا ونسوة أخيارا سيدافعون عنك وبالطرق المشروعة في مختلف المناسبات، ويعتبرون ذلك واجبا في أعناقهم وشرفا يظل يلاحقهم ما بقيت في أجسادهم من حياة، وما خلّدوا من أعمال بعد موتهم.

drmusaedmainooh@hotmail.com - Malnooh@ksu.edu.sa

كلية التربية - جامعة الملك سعود

مقالات أخرى للكاتب