Sunday 24/11/2013 Issue 15032 الأحد 20 محرم 1435 العدد
24-11-2013

مهام جديدة لمليشيات المرتزقة

في بلد تضرب الفوضى بأطنابه من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، لا يمكن أن تسيطر أجهزته الرسمية على كل مناطقه، ولهذا فقد انتشرت العصابات والمليشيات في ذلك البلد.

العراق الذي كان في عهد نظامه السابق يمتلك رابع أقوى الجيوش البرية في العالم، عملت قوى الغزو والاحتلال على تدمير كل مؤسساته الأمنية والإدارية، فقد اتخذ الأمريكيون قراراً تدميرياً بحل الجيش العراقي والأجهزة الأمنية، وأنشأوا تنظيمات مسلحة من الجماعات التي قدمتْ معهم في حملة احتلال العراق. ولأن حدود العراق قد فتحت جميعها فقد قدمت إلى أراضيه مليشيات الأحزاب التي أنشئت في الدول التي خاضت معارك مع الجيش السابق، ولأن الأحزاب الطائفية الشيعية التي أنشئت في إيران قد أقيمت من قبل مخابرات النظام الإيراني وأُعدت لمهام تدربوا عليها، فإن هذه المليشيات ومنذ اللحظة الأولى لدخولهم الأراضي العراقية بدأت تنفذ ما أُعدت من أجله. فمن هذه المليشيات من تخصص في اغتيال الضباط الطيارين العراقيين الذين تميزوا في الحرب الإيرانية العراقية، وأخرى قامت بمطاردة وقتل العلماء العراقيين من أساتذة الجامعات والأطباء، أما المليشيات الأكثر دموية فقد نشرت القتل والرعب في الأحياء التي يقطنها أهل السنة وبالذات في مدينة بغداد. كما أُنشئت جيش مليشيات حمل اسم جيش المهدي لقتل أهل السنة.

هذه المليشيات هي أذرع إرهابية للأحزاب الطائفية. والعراقيون يعرفون انتماء هذه المليشيات لتلك الأحزاب، فمليشيات بدر التي تميز أعضاؤها بالغدر وتنفيذ الاغتيالات بحق الضباط الطيارين والعلماء هي الذراع الإرهابي لحزب الثورة الإسلامية الذي كان يرأسه عبدالعزيز الحكيم وورثه في الرئاسة ابنه عمار الحكيم. أما جيش المهدي فكان يتبع للتيار الصدري الذي أنشأه مقتدى الصدر، والذي تفرع منه مليشيات أكثر منه دموية وعنفاً وأثكر تشدداً، وقد وجدت هذه المليشيات بعد انشقاقها من التيار الصدري من يرحب بها ويتبناها، فعصائب الحق، وأبو الفضل العباسي، والمختار وجدت ترحيباً في حزب الدعوة الطائفي الذي يرأسه رئيس الحكومة العراقية الحالي نوري المالكي.

هذه الأذرع الإرهابية، كما أحزابها لها ارتباط طائفي وسياسي ومادي بالنظام الإيراني عبر فيلق القدس، الذي ينسق أعمالها ويوزع المهام عليها ويمدها بالأموال. وبعد الحصار الاقتصادي المضروب على إيران وتقلص الأموال المقدمة للمليشيات الأرهابية، سُمح لها بالعمل لحسابها الخاص، ولكن وفق التوجيهات والمخططات التي تخدم إستراتيجية نظام طهران، فألوية أبو الفضل العباسي نقلت عملها إلى سورية، وضمت هذه المليشيات الإرهابية نظيرتها في الإرهاب عصائب الحق ليشكلوا فصيلاً إرهابياً يجمع الطائفيين العراقيين تحت مسمى أبو الفضل العباسي.

أما باقي المليشيات الإرهابية التي أصبحت شبه عاطلة عن العمل فبدأت تكلف بالقيام بأعمال استفزازية للدول المجاورة. ومع أن تلك المليشيات معروفة بانتمائها، إلا أنها ومن أجل التضليل تطلق على نفسها أسماء طائفية للتدليل على أعمالها المذهبية، كتنظيم المختار الذي أدعى مسؤوليته عن إطلاق ست أو خمس قذائف مورتر في الصحراء العراقية باتجاه الأراضي السعودية في المثلث الذي يجمع البلدين بأراضي الكويت.

قبل ذلك بعام تقريباً قام تنظيم إرهابي مشابه بإطلاق صواريخ على ميناء مبارك الذي تنشئه دولة الكويت. مثل هذه الأعمال الاستفزازية تقوم بها مليشيات مرتزقة مقابل حفنة من المال تعوض ما افتقدته من الأموال التي كانت تزود بها لقاء أداء خدمات طائفية باتت مكشوفة ومرفوضة حتى من أبناء الطائفة التي ينتمون إليها.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب