Sunday 24/11/2013 Issue 15032 الأحد 20 محرم 1435 العدد
24-11-2013

شريطٌ يُعاد للقراءة...!!

قبل عقدين أو قريباً منهما، ونحن ننتقّل خلال ساعات النهار من جهة لأخرى في مدينة الرياض، حين نضطر للخروج من أعمالنا لحضور اجتماعات، أو مجالس عمل، أو أيّ ارتباط ينصب في واجبات المسؤولية، بدأنا نلحظ وجود أطفال في سنّ التعلُّم يتجوّلون في الشوارع، يقفون عند الإشارات، يتسارعون نحو نوافذ العربات، يسألون الناس نقوداً.. أيْ إنهم يشحذون..!!،

في حينه، كان ذلك المظهر جديداً علينا، إذْ نادراً ما كنا نجد أيّ وقت امرأة تحمل طفلاً، أو مسنّاً يتوكأ، أو مريضاً يرتجف..، يمدّون أيديهم، فتمتد لهم الأيدي للإحساس بصدق حاجتهم لأنها لم تكن ظاهرة ملفتة يرتاب منها كما حدث فيما بعد..!

غير أنّ ظاهرة الصغار من الأولاد تحديداً تفاقمت..، الأمر الذي اتخذت في حينها نافذة مقالاتي سبيلاً للكتابة عنها، ناشدت وزارة التعليم، والتربية، بل وزارة الشؤون الاجتماعية، والآباء، وأولياء الأمور من كانوا عن أسباب هذه الظاهرة، وأذكر أنّ إحدى تلك المقالات كان عنوانها مساءلتهم عن الصغار وماذا يتعلمون في الشوارع..؟ وفي آخر أينهم من طلبة المدارس الذين يتسكّعون خارج الفصول الدراسية..؟ وهل الشارع أصبح فصلاً دراسياً لهم، وما الذي سيتعلمونه عن الإشارات..؟

وتطوّرت الظاهرة لتصبح من الضرورة أن تكافحها الجهات الأمنية، ..وحدث..

وبمثل ما أن المؤسسة التعليمية ملزمة بمتابعة كل طفل في أسرة ليتعلم، ليوجد في المدرسة في أوقاتها النظامية، كان لزاماً أن يكون التعليم إجبارياً ضمن شروط إنسانية وحقوقية لمحو الأمية، ورفع مستوى التعليم بين الناس، وأيضاً اتباعاً لأهداف عامة تقرّها سياسة النظام، وبنوده، وشروطه، يتفق مع توجُّهاته نحو عناصر المجتمع، ومواكبته لسيرورة العالم، وأنظمته لتنفيذ حقوق الإنسان الفرد، إذ تقرّ في أولياتها بصرامة أن يتعلم الفرد، وأن يُحمى من بوائق الانفلات، والتسيُّب، والمرض، والفاقة، فينشأ بتربية منظمة، ومقنّنة، وذات مردود..

+ولذا جاءت ظاهرة الصغار الشحّاذين في عين الشمس منافية لهذا، حين يكون الوقت الذي يتوقّع أنهم حاضرون فيه في المدرسة، يكونون متسكّعين فيه في الشارع..

ثم كشفت أحداث جاءت فيما بعد أنّ هناك من تلقف، وتلقى هؤلاء المتسرّبين من المدرسة، وغيرهم من الذين لا يدري عنهم آباؤهم شيئاً ليكونوا طعماً للمضلّلين..

والشاهد من ضمن الشواهد، أولئك الذين مرّوا بنا خلال السنوات الماضية من شباب غُرروا فكانوا قنابل بشرية ضد الوطن..

أعاد لي فكرة إلزامية التعليم، وضرورة إحصاء الموجب عليهم الانضمام للمدرسة من الصغار، وفق إحصاءات تعداد السكان, لتصبح العملية مترابطة، ومتوافقة ما صرّح به أحد الموقوفين من منعه تعليم أبنائه .. في حين أنّ هذا القرار منه ما كان سيتم لو أنّ هناك قراراً مضاداً له في نظام التعليم، يلزم كل ولي بسلطة النظام أن يدرج أبناءه في سلك المدرسة دون أن يكون له في هذا أيّ خيار..

فكم من الخيارات غير النافعة، بل الضارة التي تُترك حبالها على الغارب بأيدي الآباء، والأمهات، تماماً كالتي في أيدي الأزواج، وأولياء الأمور، في حين هي مضرّة، وسالبة حقاً لعنصر بشري هو أو هي منذ أن تطول بهما أقدامهما يصبح لهما الخيار في شأنهما الخاص..،

فهل يقاد الصغار بلا إرادة للتهلكة لمجرّد أنّ آباءهم يجهلون الصواب في قرارهم، أو الخطأ..؟

الآن لدينا ظواهر أخرى استجدت بين الصغار، نتيجة ما يتعرّضون له من تيارات كثيرة لا تواكبها دعامات تعليمية، وتربوية جادّة، ونابهة، ..ضرورة ينبغي لجميع الأطراف تذكُّرها، وإقامة حسابات لها لاتقاء ما ستعود به عليهم من الخسائر فيما لو تركوا لتأثيرها دون توجيه باهتمام، وتجنيب بتوعية.

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب