Tuesday 10/12/2013 Issue 15048 الثلاثاء 06 صفر 1435 العدد
10-12-2013

خلوات محمد بن راشد ...!

في كل المشكلات والإخفاقات حتما هناك علة في الإدارة، ومع كل إنجاز ونجاح أيضاً فتش عن الإدارة الفاعلة بتفاصيلها ومعناها الواسع.. دائما ابحث عن الإدارة وأساليب القيادات الإدارية وحجم الإبداع أو التقليد والركود، هنا سيكون سهلا عليك تشخيص المشكل وتقييم الإنجاز.

جزء رئيس في تفرُّد دبي المتفق عليه أيها السادة، حتى على جيرانها وشقيقاتها من الإمارات الأخرى، هو تبنيها أساليب إدارية غير تقليدية، تقديمها لمبادرة بعد أخرى في تكاثر أشبه بانفجار وانشطار إبداعي غير مسبوق، إنها المنجز العربي في العصر الحديث الذي يسجل لرمزها الشيخ محمد بن راشد صاحب الرؤية ودروس الإدارة، بعد أن تجاوز بالإمارة حجم وإمكانات مواردها الطبيعية المحدودة.

دائما تضع دبي هدفاً - أهدافاً للمستقبل، يحسبها البعض إعجازاً، لكنها تتحول إلى واقع بعد أن تسبقها وتتفوق عليها لتخلق أهدافاً جديدة أبعد “قد” تبدو مستحيلة للبعض - أيضا، لكنها لا تلبث أن تتحقق.

منذ سنوات قدَّم الشيخ محمد بن راشد بعد توليه حكم دبي، ورئاسة وزراء الحكومة الاتحادية - وهو منصب منفصل عن رئاسة الدولة الإماراتية - نسقاً جديداً ينقل جلسات مجلس الوزراء الرسمية ببروتوكولاتها المعتادة، إلى ورش عمل خارج أسوار المكاتب وقاعات الاجتماعات، إلى الأماكن الفسيحة في البر والبحر، خارج المعتاد، خارج الصندوق، وهي إشارة إدارية تقول للوزراء فكروا خارج السياق والنسق التقليدي، ابتكروا أفكاركم الخاصة، قدموا حلولاً وبرامج غير رسمية لكنها فعالة بالضرورة.. بنفس الطريقة تقريبا التي تدار فيها الشركات العالمية الكبرى.

خلوته مع وزرائه يومين في جزيرة صير بني ياس هذا الأسبوع، ركزت على مناقشة عدة موضوعات لتطوير قطاعي الصحة والتعليم.

حيث تم تقسيم محاور الخلوة الوزارية بناء على نوعية وطبيعة الأفكار المطروحة، وخرج اليوم الأول وحده من الجلسة الوزارية الخلوية باعتماد 12 مبادرة لتطوير التعليم في الإمارات.

وغالبا ما كانت هذه الخلوات تتطرق إلى قضايا استراتيجية محددة تتعلق بالأمن والعمل والتعليم والصحة والرفاهية.. الخ..

أكتب المقال والوزراء الإمارتيون على وشك إنجاز خلوة هي الأطول من خلوات محمد بن راشد بفريق جهازه التنفيذي على مستوى دولة الإمارات..

يتميز الجهاز التنفيذي للحكومة الإماراتية الاتحادية بحجمه المعقول، ومركزيته المحدودة، حيث يتيح نظام (الاتحاد للإمارات) أجهزة محلية داخل كل إمارة، مع حكومة أشبه بالنظام الفدرالي ترسم الاستراتيجيات ومتابعة التنفيذ والتقييم، وتتولى وزارات سيادية (الدفاع، الداخلية، الخارجية) قواعد مشتركة وموحدة وحازمة.

لذا حجم التنمية والازدهار في كل إمارة يتفاوت حسب مواردها وإدارتها، لذا تأتي دبي في المقدمة بإدارة إبداعية وموارد طبيعية أقل، ومعها تتفوق أبو ظبي صاحبة الدخل القومي الأعلى، والتي تقدم عطاءات ومنحاً مادية لمساعدة الإمارات الأقل تحت مظلة الاتحاد.

لكن هذه الخلوة تحديدا اتصفت بتفاعل غير مسبوق، مدعومة بشبكات التواصل الاجتماعي وهشتاق سابق للعصف الذهني الإماراتي حول الموضوعات ذات الصلة. حيث كان حجم التفاعل لافتاً حتى للمراقب من الخارج، والنتيجة استقبال ما يقارب 65 ألف مشاركة واقتراح.

اللهم ارزق العالمين العربي والإسلامي المرونة والقدرة والوعي والغيرة النافعة عامة، وأكثر من خلواتنا الإدارية في مجالس المناطق والمحافظات.. ولجان الشورى والأجهزة التنفيذية المختلفة خاصة، واجعل الحيوية منهجهم والابتكار طريقهم، ونفض البيروقراطية قدرهم.. والعمل العمل العمل سيرتهم.

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب