Saturday 14/12/2013 Issue 15052 السبت 11 صفر 1435 العدد
14-12-2013

ملاذ الأمة الأخير

في البدء لابد من التأكيد على أنني لست كاتباً متخصصاً ولا حتى غير متخصص، وإنما أنا عربي بسيط هزه من أعماقه ما رآه وما زال يراه من مؤامرات تحاك ضد هذه الأمة لمصلحة أعداء هذه الأمة: الفرس وأذنابهم من بعض الشيعة والنصيريين منذ الغزو العراقي للكويت، وربما قبله، والذي توالت بعده فصول هذه المؤامرة ربما أسرع بكثير مما كنت أتوقع حيث إن المؤامرة الكبرى في الحقيقة قائمة على هذه الأمة منذ ظهور الإسلام وفتح فارس ليس من الفرس فقط ولكن من اليهود والعالم الغربي فيما بعد.

لقد كانت جزيرة العرب الرحم الذي ولد منه هذا الدين العظيم والمهد الذي خرج منه نور الإسلام إلى بقاع الأرض كافة بسواعد أبناء جزيرة العرب وبعد الفتح الإسلامي لمصر أصبحت مصر السند القوي لحماية هذا الدين وهذه الأمة على مر العصور، وبناء على هذا: هل نستطيع أن نحلم (مع أنه حلم صعب المنال ولكنه ليس مستحيلاً بالرغم من كل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر الآن حيث أن مصر لعبت مثل هذا الدور في ظروف مشابهة ضد الصليبيين والمغول) أقول فقط نحلم برؤية تحالف مصري سعودي يقف في وجه مشروع تفتيت الدول العربية السنية مقابل تمسك الدول الكبرى وإسرائيل بالأنظمة الشيعية الفارسية، بل ودعمها بكل أنواع الدعم السياسي والعسكري والمالي، ولنا فيما حدث ويحدث في سوريا أكبر البراهين على ما نقول فلقد تركت الأنظمة العربية المستبدة تسقط بثورات شعبية ما عدا ليبيا التي تدخل الغرب مع ثورة الشعب الليبي لإسقاط طاغيتها عندما بدأ بقصف شعبه بالطائرات والدبابات والمدافع لمدة أيام فقط، حيث كان ينقص الطاغية شرطين ليتمتع بدعم وحماية إسرائيل والدول الغربية أولهما مجاورته وعمالته لإسرائيل، والثاني وقوعه تحت النفوذ الفارسي المباشر كما هو حاصل مع النظام السوري بالإضافة إلى عامل النفط الذي شكل سبباً رئيسياً لتدخل الدول الكبرى ولو توفر للقذافي الشرطان الأولان لكان الغرب أطلق يده في إبادة شعبه كما هو حاصل مع النظام السوري، بينما وقف العالم الغربي كله وإسرائيل حاجزاً مانعاً في وجه سقوط النظام السوري والذي هو أكثر فساداً واستبداداً ووحشية من كل الأنظمة التي سقطت وترك الشعب السوري يباد بشكل مخز، أي برهان أكبر من هذا حيث أنها المرة الأولى في التاريخ المعاصر أن تقوم دولة باستعمال كل ترسانتها من الأسلحة بما فيها الكيماوية ضد شعب أعزل، وأول مرة تقوم فيها دول بقصف شعبها بكل أنواع الطائرات لمدة سنتين متتاليتين والعالم الغربي لا يتفرج فقط بل يساند هذا النظام المجرم بكل الوسائل، وآخرها خديعة الحل السياسي، وكذلك خديعة تسليم الأسلحة الكيماوية والتي كلها تصب في إفلات هذا النظام المجرم من العقاب، بل وفي إعادة إنتاجه مجدداً (ماذا لو قام السلاح الجوي البحريني أو اليمني بقصف القرى والبلدات الشيعية وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها بحجة مقاومة المؤامرة الفتنوية الفارسية على عروبة البحرين أو اليمن هل كان الغرب سيسكت!!؟)، وليس ما قيل ويقال عن وجود الماتلين الإسلاميين المتشددين وهم قلة إلا جزء من هذه المؤامرة وهذا الخداع فقد ألحق هؤلاء المقاتلون أشد الأذى بالثورة السورية وقدموا أكبر خدمة للأسد وعصاباته الفارسية الشيعية، والتي أتت من كل دول العالم، وبالأخص من لبنان والعراق واليمن، بل والأدهى هو منع العالم الغربي وصول السلاح المناسب للثوار السوريين تحت ذرائع واهية الغرض منها ترك المجرمين يفتكون بالشعب السوري.

إن أمل هذه الأمة المنكوبة معقود على هذا التحالف المصري السعودي الذي هو آخر خطوط الدفاع في وجه المؤامرة الغربية الصهيونية لتمزيق الأمة لمصلحة الفرس والشيعة والنصيريين الذي هو في نهاية الأمر مصلحة إسرائيلية غربية حيث أنه من الثابت تاريخياً أن الفرس والشيعة والنصيريين لم يشكلوا في السابق ولا يشكلون الآن أي تهديد للصهاينة ولا للغرب؛ فمنذ عهد إسماعيل الصفوي لم تتعارض مصالح الفرس مع مصالح اليهود والغرب إلا مرة واحدة عندما أسقطت الولايات المتحدة حكومة الدكتور مصدق في خمسينيات القرن الماضي بسبب البترول والمصالح التجارية فقط، وكذلك اشترك اليهود والفرس في حلم هدم الكعبة المشرفة وقتل العرب حيث أن هذا موجود في أدبيات اليهود الدينية، وكذلك في الدين الشيعي الذي اخترعه الفرس والذي يقول أن المهدي المزعوم سوف يقضي على العرب ويهدم كعبتهم، وما إسلامهم الذي يزعمونه إلا شكل من أشكال التقية الفارسية المنشأ، ولم يوجد أي عداء تاريخي بين الفرس واليهود على الأقل منذ ظهور الإسلام، بل كان وما زال بينهم تحالف لا يحتاج لكثير من العناء لاكتشافه، ولنا في تصريح الرئيس الإسرائيلي قبل أيام عن العلاقة بين الفرس واليهود خير مثال حيث قال أنه لا توجد عداوة بين الشعبين.

وقد يتضح هذا التآمر أكثر عندما نرى نتائج الإتفاق الإيراني مع الدول الكبرى بشأن برنامج إيران النووي بمعنى أوضح ما هي الأثمان والتنازلات التي سيدفعها الفرس في المنطقة (بالرغم من شعور محور الفرس وأذنابهم أن الأمور تسير لمصلحتهم)، وهل إكتشاف الأمريكي متأخراً الخسائر الثقيلة لهذا المؤامرة مع الفرس ومنها مخاطر قهر الأغلبية الساحقة لمصلحة الأقلية وما سيحدثه هذا من دمار كارثي في المنطقة قد يهدد في النهاية أمن إسرائيل التي هدفت هذه المؤامرة لجعلها أكثر أمناً.

فهل تسمح القوى الكبرى لهذا الحلف بالظهور أم يتم إجهاضه كغيره من المشاريع العروبية التي سبقته هذا بافتراض إمكانية تحقق هذا الحلم، وهل يستطيع هذا الحلف في حال قيامه إقناع الغرب وإسرائيل بأنه موجه فقط للوقوف في وجه التمدد الفارسي في المنطقة، وليس ضد مصالح الغرب المشروعة، وماذا بقي لهذا الحلف من أوراق تفاوضية مع الغرب لإقناعه أو إجباره على مراعاة المصالح العربية.

إن أكثر ما أخشاه هو أن تكون مصر في وضعها الحالي الشديد الإضطراب غير قادرة على أن تقوم بدورها التاريخي والذي سوف يقرر مصير المنطقة لعقود كثيرة قادمة.

مقالات أخرى للكاتب