Monday 16/12/2013 Issue 15054 الأثنين 13 صفر 1435 العدد
16-12-2013

عمل المرأة .. وعود على بدء !

الحديث عن المرأة في بلادي معين لا قاع له ولا قرار. البعض يتحدث عنها حديث الواثق بما يقول، والمطمئن لما يقول، وكأنّ لديه (تفويضاً) منها يقهر الحجج، فإما (أفرط) في المحافظة عليها إفراطاً يودعها غياهب الجدران، وإما (فرّط) باسم (الحرية وتقرير المصير) معرضاً إياها لما يترتب على ذلك من محن وفتن.. ظاهرة ومستترة! وهناك موقف معتدل يلتمس لها سبيلاً (وسطاً) يبعدها عن (إفراط) أولئك و(تفريط) هؤلاء!

* * *

- ويأتي (عمل المرأة) محكَّاً مهماً وحرجاً بين الأضداد عند الحديث عنها، وجلّ المتحاورين ينطلقون في اتجاهين متضادين من نقطة (الخوف) عليها إن هي اقتحمت سوق العمل أو (أُقحِمَت) فيه، وكذلك الخوف عليها، إنْ حيل بينها وبين العمل، من فتنة الوحدة، وغلبة الفراغ، وضيق (ذات اليد)!

* * *

- وهناك من الناس من ينشد (موقفاً وسطاً) للتعامل مع قضية عمل المرأة، يوائم بين الخصوصية الاجتماعية لها من جهة وشراكتها التنموية مع الرجل من جهة أخرى، ويقنن دخولها سوق العمل وفقاً لذلك.. بل ويذهب أصحاب هذا الموقف إلى القول إنه عند نشوء تضارب بين مصلحة الأسرة، ومصلحة العمل، فترجح الأولى على الثانية، كي لا يفقد المجتمع، ممثلاً بالأسرة توازنه، وتحصدَ الأسرة نفسُها المحصلاتِ السلبيةَ الناجمة عن ذلك، مثلما نشهد الآن في مجتمعات الغرب.. وبعض المقلدين لها في الشرق!

* * *

- وأود أن أشير في هذا السياق إلى أن قواعد الخدمة المدنية وإجراءاتها التنفيذية في بلادنا تتبع (سبيلاً وسطاً) في التعامل مع قضية عمل المرأة.. فلم تغفل خصوصيتها الاجتماعية واختلافها عن الرجل في بعض الأمور، انطلاقاً من ذلك، لكنها ساوت بين الاثنين فالمرأة والرجل في ناموس الخدمة المدنية متساويان في قواعد التوظيف والأجر والبدل والجزاء والثواب.. ما داما في الأصل متساويين في شروط التأهيل ومعايير الأداء.. ومحصلات الإنتاج!

* * *

- وأذكر في هذا السياق أنه كان هناك تفكير لمساعدة المرأة التي لا تسوّغ لها ظروفها الأسرية الالتزامَ بمباشرة نصاب العمل كاملاً، وذلك عبر ما يُسمى بـ(ترتيبات العمل الجزئي) ليكون (رديفاً) لقواعد التوظيف المتبعة حالياً لا (بديلاً) لها، لكن الدراسة المتأنية لآلية تطبيق هذه الفكرة أثبتت أن سيئاته يفقن الحسنات المرجوة منه، فصرف النظر عنه في حينه.

* * *

- وهناك من ساقه التفاؤل بعيداً انطلاقاً من الفكرة ذاتها متمنياً أن يمتد تطبيق هذا النمط في التوظيف إلى معادلة التقاعد، مدة واحتساباً ومعاشاً، وهو أمر يتعذّر النظر فيه في ضوء العديد من الاعتبارات والاحتمالات.. الوظيفية والمالية والاجتماعية، ولو فرض مثلاً، أن المرأة العاملة (منحت) ميزة خاصة في التقاعد تؤهلها لمعاش كامل مقابل خدمة أقل، فليس ببعيد أن يحرّض هذا الإجراء فريقاً من الرجال ليطلبوا (المعاملة بالمثل).. وهنا، تختلط كثير من الأوراق وتزداد الأمور ضبابية وغموضاً! وقد (يغري) هذا بعض (المتحفظين) على عمل المرأة (تهويلاً) لخصوصيتها، فيطالبون بمزيد من (التهميش) لدورها التنموي في المجتمع!

مقالات أخرى للكاتب