Monday 16/12/2013 Issue 15054 الأثنين 13 صفر 1435 العدد
16-12-2013

مخاطر عدم التصفيق بالحماس اللازم!

يُعَبِّر بعضُ الناس عن إعجابهم بما يرونه أو يسمعونه بالتصفيق، وذلك في المناسبات العامة والاحتفالات. وقد يأخذهم الحماس فيرددون الهتافات، وخصوصاً عندما تكون المناسبة سياسية.

ولو تأملت الناس من حولك في مثل هذه المناسبات العامة لرأيت حماسهم للتصفيق متفاوتاً. فهناك من يُلْهِبْ كفيه بالتصفيق من شدة الحماس، وهناك من يصفق بوقار فلا تكاد كفاه تتلامسان، ومن يصفق على استحياء عندما يجد أن كل من حوله يصفق فيُحرج ويفعل مثلما يفعلون، ومن لا يصفق على الإطلاق إما تعبيراً عن موقفٍ ما تجاه ما يسمعه او لأنه غير مقتنع من حيث المبدأ بالتصفيق كوسيله للتعبير عن الاقتناع والإعجاب.

في كوريا الشمالية، تَبَيَّنْ أن هناك من يراقب الناس في مثل هذه المناسبات ويرصد حركة أكف الحضور ويسجل أسماء من لا يصفقون! كنا نسمع، سابقاً، أن مثل هذه الأمور تحدث في البلدان البوليسية، وخصوصاً تلك التي تحكمها أنظمة شيوعية، وكنا نظن أن هناك من يروج لتلك القصص بهدف الإساءة لحكومات دول معينة كجزء من الحروب الإعلامية المتبادلة بين الأنظمة الحاكمة في بلدان تختلف في أيدولوجياتها وتوجهاتها السياسية في ذروة الحرب الباردة بين دول المعسكر الشرقي «وارسو» ودول المعسكر الغربي «ناتو».

وبتحييد الاعتبارات الإنسانية، فإنني لم أحزن لإعدام الرجل الثاني في حكومة كوريا الشمالية يوم الخميس الماضي، لأن هذه الحكومة تخصص للإنفاق على التسليح ميزاينات هائلة في حين أن شعبها يموت من الجوع، وهو من فصيلة الشعب الناهض نفسه في كوريا الجنوبية الذي يصنع لنا السيارات والهواتف الذكية ومختلف السلع ذات التقنية العالية.

ما أحزنني وأضحكني في آنٍ واحد، على طريقة شر البلية ما يضحك، هو ما ورد في الحكومة الكورية الشمالية عن أسباب قرار المحكمة بإعدام هذا الرجل النافذ جداً والمرتبط بقرابة عائلية مع رئيس كوريا الشمالية. فبعد مقدمة طويلة من الإنشائيات البلاغية عن الخيانات التي ارتكبها الرجل، جاء في البيان أن المتهم أظهر وجهه الحقيقي كخائن في المراحل كافة وارتكب انتهاكات مختلفة على غرار عدم التصفيق بالحماس اللازم في الاجتماعات السياسية وعرقلة إنجاز عمل من الفسيفساء على شرف رئيس البلاد في أحد المصانع.

كثيراً ما يستاءل البعض عن أسباب النجاح الاقتصادي والتقني الذي تحققه كوريا الجنوبية والفشل الذريع الذي تتخبط فيه كوريا الشمالية. ربما يفسر بيان الحكومة الكورية بشأن إعدام الرجل الثاني في الحكومة كل شيء، فهي مشغولة بمتابعة من يصفقون بحماس ومن لا يصفقون!

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب