Friday 27/12/2013 Issue 15065 الجمعة 24 صفر 1435 العدد
27-12-2013

خالد الفيصل ومرحلة من التاريخ جديدة

التغيُّر والتغيير في عالم اليوم سريع جداً، ولا تدري من أين تأتيك رياحه، فمرة من الشرق ومرة من الغرب، وربما كان من بين يديك ومن خلفك.. المعلومة أضحت لا شيء “مجرّد ضغطت زر”.. العالم البعيد الذي كنت تسمع عنه مجرّد سماع وتتمنى أن تراه صار في الشبكة العنكبوتية، ومن خلال ما يسمّى بالعالم الافتراضي، أقرب لك من باب الجار.. في دار واحدة تُفتح ألف نافذة.. في كل جهاز بين يدي صغارنا ذكوراً كانوا أو إناثاً نوافذ كُثر يتنقل بينها ابن السابعة من عمره في الدقيقة الواحدة بشكل غريب وعجيب “التعليم”.. في المقابل يستطيع أصغر البشر أن يمارس النقد على ما يطرحه الكبار من أفكار ومن يقترفونه من أعمال سواء أكانوا ساسة بارعين أو علماء ومربين أو ... وقد يتعدّاه إلى الشخصنة فيرفع شعار السب والشتم واللعن و... وقل ما شئت من فاحش القول وأساليب الهجاء والذم، وبحرية مطلقة وضمير ميت، وهو مضطجع على فراشه، أو متكئ على أريكته في استراحته يضحك ويلعب ويمزح ويمازح، وربما لا يعرف أي شيء مما يدور حوله الحديث، ولا حتى الشخص الذي وجهت له سهام الاتهام وقبيح القول “التربية”.. وهنا مكمن التحدي وموطن الرهان.. تُرى ماذا أستطيع أن أفعل في وقت صار فيه الصغير هو من يلقن أباه ومعلمه المعلومة، ويدرسهما فن التعامل مع التقنية، ، من سيربي في زمن لا حدود له ولا قيم ثابتة فيه!!.

نعم.. أبارك لنا نحن أولياء أمور الطلاب والطالبات رجال التربية والتعليم السابقين منهم والحاليين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وأسأل الله له العون والتوفيق والبطانة الصالحة التي تدله للحق وتعينه عليه، ولكنني في الوقت نفسه أتعزّز له لمحبتي الشخصية لهذا الرجل الرمز، ولمعرفتي بواقع التربية والتعليم في كثير من مناطق المملكة فضلاً عمّا هو داخل أروقة الوزارة، ولإدراكي العميق بصعوبة مُجارات التغيرات الثقافية العالمية التي لا يمكن أن ندعي مجرّد إدعاء أننا سنكون بمنأى عن هبوب رياحها وبمعزل عن آثار تغيُّراتها المفصلية والحاسمة، ولكون هذا الباب بالذات يهم كل بيت، ويتحدث عنه وفيه كل أحد، ويدعي وصلاً بفنه الجميع بلا استثناء.

لقد عملت فترة من تاريخي الإداري في حقل التربية والتعليم، وعايشت الدمج الأول، ومن ثم الانفصال المؤقت، ثم خضت تجربة الدمج الثاني الذي مر عليه سبع عجاف!! فهو رغم مرور هذه السنوات ما زال - في نظري - بمرحلة التشكُّل والتكوين، وهذا جزماً يؤثر سلباً على الميدان التربوي.

ومن الأشياء ذات الأثر السلبي على مسار التربية والتعليم أيضاً:

- المركزية المقيتة والقاتلة.

- غياب العدل المناطقي والوظيفي.

- تسرُّب الكفاءات التربوية والإدارية من الوزارة والإدارات العامة للتربية والتعليم.

- عزوف الأمناء العارفين بمناهج البناء التربوي والتكوين الفكري الصحيح والسليم، عن تولي المناصب القيادية جراء غياب الحوافز والمميّزات التي يستحقها هؤلاء.

- إثقال الميدان التربوي بسيل من التكاليف الإضافية التي أثّرت سلباً على العطاء الإيجابي المنتظر من المعلم في قاعة الدرس.

- عدم الاهتمام الحقيقي بفئة ذوي الحاجات الخاصة من لدن بعض الإدارات.

ولمعرفتي بترحيب صاحب السمو وزير التربية والتعليم بالآراء والمقترحات التي يراد منها تحقيق المصلحة العامة والنجاح الحقيقي لهذا القطاع المفصلي في حياة الأمم، والمؤثر الأقوى في مسارنا التنموي، فإنني ومن منطلق شخصي أرى:

- اجتماع سموه الكريم بالقيادات الإدارية والأكاديمية التي عايشت الوزارة سنوات من عمرها، والاستماع لما تقول، ورصد التحوُّلات بكل تفاصيلها، ويمكن تكليف فريق محايد لأخذ ما يقال، وتحليله، وإخراج دراسة علمية تحاول أن تغازل المستقبل من خلال قراءة الماضي والتعرُّف على معالم الحاضر ومن ثم رسم خطوات الغد.

- عقد ندوة “ماذا يريد المجتمع من التربويين وماذا يريد التربويون من المجتمع “بنفس الآلية التي انعقدت به قبل أكثر من عشر سنوات.

- إعادة نبش أوراق فرق العمل التي جابت العالم إبان عهد معالي أ. د محمد بن أحمد الرشيد - رحمه الله -، ومحاولة قراءتها من جديد من قِبل أهل الدراية والاختصاص، فهي بصدق ثرية وفيها الكثير من التجارب التي يمكن تبنّيها ولها جزماً أثر إيجابي على الميدان التربوي.

سمو الوزير .. ليست هذه هي المرة الأولى التي كتبت فيها عن التربية والتعليم وبإذن الله لن تكون الأخيرة، ولعلّني هنا أؤكد على ما سبق وأن سطّرت من وجوب منح مديري العموم في المناطق مساحة من الحرية / المسئولة، وإعطائهم امتيازات تدفعهم للإنجاز والتفاني من أجل فلذات الأكباد، حتى أنني عنونت مقالي المشار إليه هنا بـ”معالي مدير عام التربية والتعليم” فلعله على يدي الفيصل يتحقق لهم نيْل هذا الوسام..

أبارك لكم سمو الأمير .. وأبارك للوطن ميزانية البركة والخير والعطاء، وأسأل الله لسموكم الكريم ولجميع الوزراء المسئولين عن مساراتنا التنموية التعليمية والصحية والخدمية و... العون والتوفيق والسداد، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب