Saturday 28/12/2013 Issue 15066 السبت 25 صفر 1435 العدد
28-12-2013

الميزانية: الإنجاز هو الإعجاز

الحمد لله، لقد أنجزنا الكثير خلال العقود الماضية من عمر دولتنا المجيدة الممتدة بإذن الله، وبقي الكثير الذي لم ينجز بعد، ومن يعتقد أنه وصل فلن يصل!.

وها هي ميزانية الخير تنثر رحيقها على هذا الوطن الكريم بتوجيه وعناية من قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله - حفظه الله - ولكي يتحقق الإنجاز ويكون إعجازاً، وليلبي حاجات المواطنين وتطلعاتهم، ويعوض ما فات مما لم نستطع فيه أن نلاحق سباق الأمم في نهضاتها، فإن علينا أن نتنبه إلى الأسباب التي أعاقت تحقيق ما كان مفترضا أن يتم من خطط التنمية، ومما تعثر ولم ير النور، وإنما كانت أحلاما جميلة وأمنيات متفائلة ورسوماً على الورق الملون الصقيل أو على شاشات العرض، ولكي نكون أمينين مع قائدنا الملك عبد الله الذي وضع ثقته في القيادات التنفيذية من وزراء وغيرهم من المسئولين عن القطاعات التنفيذية، فإن علينا أن نقف وقفة تساؤل ومحاسبة ونحن على مشارف نهاية خطة التنمية التاسعة وبدء مفتتح الصرف من الميزانية الجديدة التي تقدر إيراداتها بأكثر من ترليون ريال ووجود فائض عال يحال إلى احتياطي الدولة الذي يزيد الآن على ثلاثمائة مليار ريال وانخفاض في الدين العام بنسبة جيدة وصل إلى خمسة وسبعين مليار ريال، مما يعزز الثقة بالاقتصاد المحلي ويمنحه حماية معقولة من أية صدمات عارضة.

علينا أن نتساءل: لم ترحل مشروعات كثيرة من سنة إلى أخرى؟ ولم يتعثر أو يبطئ أو يمدد الوقت بصورة غير معقولة لكثير من المشروعات الحيوية مما يحدث ارتباكا في المواقع المتصلة بالمشروع وتعطيلاً لمصالح كثيرة وتراكماً في الواجبات، بينما لا يستغرق تنفيذ هذا المشروع المتعطل أو الممدد له في دول أخرى إلا ربع أو نصف المدة المفترضة؟! يبني الصينيون - كما تروي الأخبار - مبنى ضخما وعاليا من ثلاثين طابقا في ثلاثة أشهر!

وما يدعونا إلى أن نتحاور مع أنفسنا بصدق وشفافية، لإبراء الذمة أمام الله أولا ثم أمام قيادتنا - وفقها الله - أننا نبتهج وننتشي حين تعلن المليارات المرصودة لكل وزارة في ميزانية الدولة - كما انتشينا لذلك قبل أيام - لكنها نشوة سرعان ما تتبخر حين لا يقابل هذه الأرقام الفلكية الهائلة المخصصة لكثير من الوزارات إنجاز معقول يستحق الشكر والثناء ويثير الطمأنينة في النفوس إلى أننا سائرون في خططنا التنموية كما ينبغي، وأننا لن نجد أنفسنا بعد عقد من الزمن - لا سمح الله - ونحن لم ننجز ما كان يجب علينا أن ننجزه من مشروعات ضرورية لا بد منها لكي لا تتعطل الحياة ولا تتضاعف الأعباء ولا تتكاثر احتياجات أبناء الوطن ولا يسبقنا العالم من حولنا في المضمار الحضاري بآلاف الأميال!

لا نريد أن نقف بعد عقد من الزمن - كما فعلنا من قبل - لكي نتباكى على ما لم نستطع تنفيذه من مشروعات ضرورية رصدت الدولة - وفقها الله - لها الأموال الضخمة في كل ميزانية، ولكنها لم تر النور، كالمطارات أو القطارات أو الطرق السريعة أو مشروعات الإسكان أو الجامعات أو المدارس أو المستشفيات أو المصانع أو خطط امتصاص البطالة وتوظيفها!

ولكي لا نكرر سنوات الاسترخاء أو لنقل التسامح أو لنسمها الثقة المفرطة في بعض القيادات التنفيذية، لا بد لنا من تفعيل قانون « المحاسبة « عن طريق ديوان المراقبة العامة، ومجلس الشورى، ووسائل الإعلام وغيرها من القنوات الرقابية بشفافية مطلقة والتأكيد على محاسبة المقصر، لا الاكتفاء بإعفائه فحسب كما جرت العادة.

لا نريد أرقاماً تتلى، ولا صورا ملونة باهرة تعرض، ولا كلاماً إنشائياً وصفياً يخدر، ولا وعوداً خالبة حالمة تسلي، بل نريد إنجازاً عملياً على الأرض، نريد الأرقام المليارية تتحدث بنفسها على هيئة مصانع وجامعات وسكك حديد وقطارات ومترو ومطارات وشركات طيران ومجمعات سكنية ومدارس وفرصاً وظيفية شاغرة تستدعي أبناءنا من كل حدب وصوب لملء شواغرها المتجددة!

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب