Saturday 28/12/2013 Issue 15066 السبت 25 صفر 1435 العدد
28-12-2013

سمو وزير التربية السابق والدعم اللوجستي للتعليم

تختلف أدوار القائد حسب المرحلة ومتطلباتها, ويدرك صانع القرار الحصيف هذا الجانب ويراعيه عند اختيار أي مسؤول وفقاً للمهمة والمرحلة التي سيعمل فيها, والدور المطلوب منه تأديته في هذه المرحلة أو تلك.

وكان سمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم السابق القائد الذي منح مجتمع التربية والتعليم دعما لوجستيا عاليا في مرحلة دقيقة ومهمة, فقد واجه التعليم قبل خمس سنوات مقاومة شديدة لتغيير المناهج وتوحيد الإدارات وتنفيذ قرارات مجلس الوزراء بدمج التعليم في وزارة الدفاع والحرس الوطني لوزارة التربية وانضمام الشؤون الصحية المدرسية إلى وزارة الصحة والتوسع في فتح المدارس الأجنبية لاستيعاب توجهات المجتمع المختلفة والتوسع في تمويل التعليم.

وجاء اختيار سمو الأمير فيصل بن عبدالله الذي كان وما يزال مستشاراً لملك البلاد لإحداث نقلة وتسريع عملية البناء والتطوير خاصة أن سمو الأمير من الشباب الطموح المتعدد الاهتمامات وأسهم هذا الاختيار ولاشك في منح القيادات العليا التنفيذية متسعا للتخطيط والتغيير وتحمل هو عبء مواجهة التغيير حتى وصل الأمر لأهل بيته لكنه كان القائد المدرك بوعي أن ضريبة التغيير تتطلب استيعابا وهدوءا ونأيا عن التفاصيل وانشغالا بما هو أهم.

لو لم يكن من منجزات سمو الأمير فيصل بن عبدالله إلا تقليله الكبير لنسبة الإيديولوجيا التي كانت تسيطر على وزارة التربية لكفاه ذلك.

هذا عدا أنه خلال خمس سنوات أسهم في تأسيس البنى التحتية لإصلاح التعليم:

1- فقد أنجزت ولأول مرة في تاريخ التعليم الخطة الإستراتيجية للتعليم.

2- أسهم في تبني الدولة لتأسيس هيئة تقويم التعليم لتتولى تقييم التعليم باستقلالية وحيادية.

3- إصدار الدليل التنظيمي للمدرسة يشتمل على التشكيلات المدرسية وهيكل تنظيمي لمدرسة المستقبل الفاعلة وتوصيف لمهام كل أعضاء المدرسة بدءا من حارسها إلى مديرها.

4- التوسع في الإدارة التشاركية مع فئات المجتمع الداخلي أو الخارجي؛ فشارك المعلمون في ورش العمل جنبا إلى جنب مع الوكلاء ونواب الوزير وأسهموا في عمليات صنع القرار فيما يخصهم, وأسهم المجتمع المحلي في كثير من برامج الوزارة.

5- بدء العمل الفعلي للمحاسبية التعليمية بالاهتمام بالإدارات المعنية في هذا الجانب مثل أمانة المناطق والمتابعة والجودة والمراجعة الداخلية.

6- تأسيس بنية التقنية (فارس ونور) ودعمها والاعتماد عليها لمزيد من الشفافية وتسهيل عمليات التدقيق والكشف عن الثغرات واختصار الوقت والجهد وتقليل الكلفة.

7- البدء في مشروع الحوكمة وما يتطلبه من الشفافية والمساءلة والمشاركة وإعادة هيكلة وتحديد أدوار كل هيئة أو إدارة والفصل بين المهام واختيار الكوادر على معايير وأسس متوائمة مع طبيعة العمل المناط به.

8 - تمهين وظيفة المعلم وبناء معاييرها واشتراط اجتياز اختبارات قياس واستحداث رخص المعلمين ورتب المعلمين المستند على النمو المهني.

9- وضع مؤشرات نوعية وكمية لقياس الأداء والاستناد إلى تقارير حية للحكم على النواتج والمخرجات.

10- التوسع في قاعدة إشراك القطاع الخاص في التعليم الأهلي والأجنبي ومحاولة الوصول للنسبة المحددة وهي 30% والنجاح في بلوغ 11% حتى الآن وهو على تدنيه إلا أنه رقم يمثل ضعف السنوات الماضية.

11- التوسع في برامج الطفولة المبكرة والتعليم المتنوع من تربية خاصة أو موهوبين أو تعليم كبار, وإن لم تصل إلى النسبة المرضية التي تستهدفها خطط التنمية في الدولة وتطلبها منا التقارير الدولية المعتمدة.

هذا فيض من غيض ومع ذلك فإن كل هذه خطط واستراتيجيات وتأسيس بنية تحتية تخلل إنجازها كثير من النجاح والترشيد مثلما تخلله كثير من الفشل والهدر.

ولو أكملت لضاق المقام مثلما لو دونت السلبيات لضاق المقام وزيادة لكن العبرة في المنتهى, وقد أدى وزير التربية السابق رسالته, ومن عرفه قال في ظهر الغيب عنه كلمة حق هو أنه قائد داعم مفوض لا يستعجل النتائج ليكسب الفلاشات المؤقتة على حساب العمل المتقن, والذي سيشهد التاريخ لاحقا بأنه صاحب البصمة فيه . يؤمن بالتغيير الهادئ حرصا منه على السلم الاجتماعي ومع ذلك فقد هيأ الفرصة الآن لإحداث تغيير جذري في هيكلة الوزارة وتخليصها من الترهل الإداري والانغلاق الفكري.

لم أتحدث معه طوال السنوات الخمس الماضية إلا مرة واحدة أثناء عرض تقرير عمليات المراجعة الداخلية وكان داعما لدورها إذ قال: «سنصنع لكم دروعا واقية كي تؤدوا عملكم الرقابي كما يجب».

أوقن الآن أكثر من أي وقت مضى بأن تولي أمر من أمور الناس هو تكليف وليس تشريفاً, كما أني أوقن بأن إحقاق الحق وقول كلمة في حق مسؤول بعد تركه سدة القيادة هو من باب العدل والإنصاف, والله على ما أقول شهيد.

f.f.alotaibi@hotmail.com

Twitter @OFatemah

مقالات أخرى للكاتب