Sunday 29/12/2013 Issue 15067 الأحد 26 صفر 1435 العدد
29-12-2013

اللغة العربية تناشد الأمير خالد

معذرة أيتها اللغة الخالدة، اللغة العربية العزيزة، معذرة لغة الفصاحة والبلاغة، لغة الكمال والجمال، لغة القرآن الكريم، والأدب الرفيع، والشعر والثقافة، كمال في المبنى، وجمال في المعنى، غنية ثرية لم تعجز يوماً ولم تتعثّر ولم تقصر عن التعبير عن مكنونات النفس ومشاعرها، أو عن وصف آلة أو مخترع مستجد، من أجل هذا وغيره كثير، وعرفاناً بفضل اللغة العربية وجلالها، جعلوا لها يوماً عالمياً يحتفون فيه ببعض مآثرها وفنونها، وأوجه تميزها وجمالها، يتذكرون في هذا اليوم بعضاً من فضائلها وأوجه الإبداع فيها، ولتبقى العربية في ذاكرة الأجيال يتجدد ذكرها، لغة خالدة شريفة كريمة.

وعلى الرغم من هذه الجهود الاحتفائية، ومهما بلغت مظاهر الاحتفاء، وحملت عبارات الغبطة والثناء، مازالت في النفس على اللغة العربية حسرة وغصة، فمعذرة لغتي الخالدة على العقوق والجحود، على التناسي والإهمال، فكم هو مؤسف بل مؤلم أن ينظر إليك نظرة دونية، نظرة احتقار وازدراء، وأنت الحسناء شكلاً، الرائعة مضموناً، لقد همّشوك عندما عدّوك مادة دراسية ثانوية، فبعد أن كنت متصدرة الجداول الدراسية نظراً لتعدُّد مقرراتك، اختصرت تلك المواد، حيث دمجت فنون اللغة العربية واختصرت موادها في مادة واحدة وفق ما يسمّى بالمنهج التكاملي، وجيء بقطع أدبية مصنوعة من أجل أن تشمل مفاهيم اللغة وفنونها، لكن تبيّن أنها نصوص باهتة باردة، لا أصالة فيها ولا جاذبية، وهذا مما زاد الهوّة والفجوة بين الطلاب وحب اللغة العربية وتعلُّمها، وتملك مهاراتها قولاً وعملاً .

في البدء يجب أن نقرر أنه لا مجال لمقارنة اللغة العربية بغيرها من اللغات، ليس تحيزاً، بل لما حباها الله به من خاصية وميزة، فهي حاضنة القرآن وحاملته إلى الناس كافة على اختلاف لغاتهم، وهي التي يتعبّد المسلم بها ربه في عباداته كافة .

البعض أعطى هالة للغة الإنجليزية وقيمة، وسوغ الاهتمام بها، باعتبارها لغة عالمية، لغة التواصل والبحث العلمي، لغة المحتوى المعرفي في جل أقنية المعلومات في الشبكات العنكبوتية، وهذه حقيقة لا مراء فيها ولا مجادلة، لكن هذا لا يعطي اللغة الإنجليزية أثرة وقيمة بحيث تزاحم اللغة العربية الأم في عقر دار أهلها، هذا خطل فكري، وانهزام نفسي، وحول في الرؤية أفضى إلى ممارسات خطيرة جداً على اللغة العربية، ترتب على تلك الممارسات إضعاف لمكانة اللغة العربية في نفوس الناشئة، فغدوا ينظرون إليها باعتبارها مادة ثانوية، فتأخرت درجة الاهتمام بها وإيلائها ما تستحق من المذاكرة والمدارسة، وإتقان مهارات اللغة في الكتابة والحديث والإنصات، فضلاً عن الاستشهاد بروائعها الأدبية، الشعرية والنثرية، وفنون البلاغة وصور إعجازها .

بدأت مداخل عقوق اللغة العربية وإهمالها، من الدعوة إلى إلغاء الاختبارات التحريرية لطلاب الصفوف الأولية في المرحلة الابتدائية، تحت مسوغ أن الطلاب في هذه المرحلة العمرية والدراسية لا يدركون دلالات الاختبارات وأهميتها، فضلاً عن القلق النفسي الذي يغمر الطلاب خلال فترة الاختبارات.

وعلى الرغم من عدم قطعية هذا المسوغ، إلاّ أنّ جل التربويين أيّد هذا التوجه على أن يقتصر على الحلقة الأولى من التعليم الابتدائي، الصف (الأول والثاني)، أما الصفوف التالية من المرحلة الابتدائية وكذا المتوسطة والثانوية فتؤدى اختبارات اللغة العربية كما المواد الدراسية الأخرى، لكن المؤسف أنه تقلّد زمام المسؤولية في وزارة التربية من مرّر ما سمُّي بالتقويم المستمر ليشمل المراحل الدراسية كافة، وغابت اللغة العربية من جداول الاختبارات، وغاب معها اهتمام الطلاب بها، بينما اللغة الإنجليزية تحتل مكان الصدارة في جداول الاختبارات .

وبعد أن تسنّم الأمير خالد الفيصل القيادة والقرار في وزارة التربية، بدا للغة العربية أمل باعتبار الأمير أحد فرسان الأدب والشعر والثقافة، فاللغة العربية تناشده أن يعيد لها اعتبارها ومكانتها باعتبارها لغة القرآن الكريم، حاضنة الهوية الوطنية المعبّرة عنها محتوى ولساناً.

abalmoaili@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب