Wednesday 01/01/2014 Issue 15070 الاربعاء 29 صفر 1435 العدد
01-01-2014

الوجدان المروري معلول

استكمالاً لحديثي حول الحالة المرورية في الرياض أريد أن أتكلم اليوم عن السلوك والوجدان المروري، فالسلوك المروري لسالكي الطريق والمجتمع المؤثر في الحركة المرورية وكذلك لمنظمي تلك الحركة هو سلوك سلبي يساهم في خلق حالة الفوضى، فسالك الطريق عندما يمتطي مركبته مهما كان نوعها يتخلى عن الذوق والمجاملة ويجتهد في كسر كل قوانين المرور فيسرع أكثر من المحدد ويتجاوز الآخرين برعونة ويتخطى الإشارة الحمراء إذا لم يجد عندها (ساهر) ويقف في الشارع كيفما اتفق وحسب مزاجه، وأفراد المجتمع صغيرهم وكبيرهم والتاجر والمسؤول، كل منهم يساهم بالفوضى المرورية؛ فصاحب المبنى التجاري يحول مواقف المبنى لمستودع ويضع العوائق التي تمنع الوقوف المؤقت أمام المبنى ويحتكر ذلك لنفسه ولا أحد يحتج على استباحة الحق العام، ويزيد الطين بلة تصرفات سائقي العوائل التي يمليها عليهم الركاب من النساء والصغار فيعاكسون خط السير في شوارع الأحياء وينعطفون دون سابق إنذار ويقفون وقوفاً مزدوجاً أمام المحلات التجارية والمطاعم، أما رجال المرور فكثير منهم يرى المخالفات تحدث أمامه ولا يبالي، ولسان حاله يقول «لما أكلف نفسي بإصلاح ليس من شأني».

السلوك المروري الفوضوي هو نتيجة لوجدان فوضوي، فليس هناك إدراك ووعي لحقوق الآخرين في السير بأمان وليس هناك إدراك ووعي لمخاطر القيادة الفوضوية على النفس والآخرين، معظم الذين يقودون سياراتهم برعونة يفقدون أدنى حد من اللياقة الأدبية، فعلاوة على رعونتهم لا يتوانون عن مضايقة غيرهم من سالكي الطريق، فأحدهم يؤشر بأنواره العالية بعصبية ويطلق مزماره بعنف أو يعمد لإخافة غيره بالاقتراب الخطر أو يتلفظ بعبارات نابية، وللأسف فإن معظم هؤلاء من الشباب الذين يفترض أنهم تلقوا من التعليم ما يهذب أخلاقهم، وغياب الوجدان الواعي للحق العام هو ما يجعل صاحب المطعم أو المحل التجاري يحتكر جزءاً من الشارع الموالي له فيزرع به المواسير والسلاسل أو يضع العوائق التي تمنع المرتادين من الوقوف المؤقت.

هذا السلوك الجمعي يجعل المرتادين يقفون أمام تلك العوائق فيساهموا في تضييق الشارع أمام الحركة المرورية أو الوقوف في الشوارع الفرعية وأمام مداخل البيوت فيعيقوا انتفاع الساكنين بها. في أحد الأيام أردت مراجعة دائرة حكومية وعند مدخل الدائرة طلب مني الحارس أن أوقف سيارتي في الشارع، فقلت له «أنا لم آت للشارع أنا أتيت لهذه الدائرة، وأرى أمامي فيها مواقف كافية « فقال: «آسف فتعليمات الإدارة أن الوقوف في مواقف الدائرة غير مخصص للمراجعين، هي فقط للموظفين المرخص لهم»، وفي يوم آخر ذهبت لواحد من المجمعات التجارية الكبيرة وهممت أن ادخل المواقف التي أسفل المبنى فاستوقفني حارس الأمن واعتذر بحجة أن المواقف محجوزة للمرخصين فقط، وأكثر ما يستطرف في هذا الأمر هو أن شركة كبيرة استأجرت أبراجاً في مجمع غرناطة وهي مجهزة حسب علمي بمواقف تتسع لما يزيد عن (500) سيارة، ومع ذلك أقفلت المواقف أو خصص جزء يسير منها لكبار الموظفين، أما باقي الموظفين فقد استباحوا الشارع والرصيف لوقوف سياراتهم.

الوجدان المروري بحاجة ليقظة عند كل المجتمع، فالمخالف للنظام يجب أن يدرك مسؤوليته عن ذلك ويعاتب ذاته على التعدي على حقوق الآخرين والمواطن أو المقيم عليه ألا يسكت عن استباحة حقوقه فيحتج بلطف حتى يستفيق غافل الذهن ويعي حقوق الآخرين، أما رجل المرور فعليه مسؤولية كبيرة وهي أن يكون بالدرجة الأولى هو القدوة باتباع النظام، فلا يقود سيارة دورية تخلو من ضوابط السلامة، ولا يرتقي الرصيف بسيارته ولا ينشغل بالحديث في الجوال وهو ينظم حركة السير، وعلى إدارة المرور بصورة عامة توفير العدد الكافي من رجال المرور الذين ينظمون الحركة المرورية، فالواضح أن هناك قصوراً في عدد رجال المرور القادرين على ضبط المخالفين ومباشرة الحوادث وتنظيم الحركة فمدينة كالرياض لا يكفيها أقل من (5000) عنصر في الميدان. حضور كهذا سيحد من تفشي الاستهتار بنظام المرور.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب