Friday 03/01/2014 Issue 15072 الجمعة 02 ربيع الأول 1435 العدد
03-01-2014

وكم ذا بلبنان من المُضحكات !

لبنان عبارة عن مسرحية تحكي كيف أن (الديمقراطية) إذا ما تأسست في دولة لم تتجذر فيها بعد ثقافة الوطن والمواطنة كانتماء يعلو على كل الانتماءات الأخرى، تتحول إلى (حارة كل من إيدو إلو) كما يصف «دريد لحام» أوضاع بني يعرب المعاصرين!

في لبنان أحزاب وكتل وتشكيلات وتحالفات سياسية عديدة، وذات شعارات معاصرة، وكذلك (ديمقراطية) كما يقولون أيضاً، لكنها عند التدقيق والتمحيص ليست سوى تجمعات طائفية ومذهبية وفئوية غارقة حتى آذان ممثليها في التاريخ المظلم والموروث لثقافة المنطقة الطائفي؛ تُلغي أول ما تلغي الوطن والمواطنة. فمن أجل أن تتولى منصباً رفيعاً في ما يُسمى مجازاً (الوطن اللبناني) يجب أن تكون (أولاً) من طائفة معينة (اتُفِقَ) سلفاً على أن من (حقها) حصراً أن تتولى هذا المنصب، و(ثانيا) أن يكون لديك موافقة ضمنية ممن يمول طائفتك بالمال، و(ثالثاً) أن تكون كفوءاً لتولي المنصب؛ الشرطان الأول والثاني شرطا ضرورة لا يمكن أن تصل إلى المنصب إلا بتوفرهما حتى وإن كنت لبنانياً كامل الانتماء؛ أما الشرط الثالث فهو شرط (هامشي)؛ فبإمكانك إذا توفر فيك الشرطان الأولان أن تتجاوزه وتضرب به عرض الحائط؛ فالكفاءة لا تهم، (واللي بدو يصير يصير)!

سلاح الجو السوري قصف الأسبوع الماضي الحدود اللبنانية وتعدى على السيادة (الوطنية) بدعوى أنه يُلاحق المتسللين إلى أراضيه من الأراضي اللبنانية فتصدت له - لأول مرة - مضادات الدفاع الجوي اللبناني، فصرح وزير خارجية البنان «عدنان منصور» التابع للطائفة الشيعية والمحسوب على حركة (أمل) بعد القصف بالقول: (سلاح الطيران السوري طيران شقيق وليس طيرانا معاديا) فعلق الكاتب الساخر المعروف «خلف الحربي» في جريدة (عكاظ) على تصريح الوزير: (طيران شقيق يقصفك ما تجي)!. وليس لدي أدنى شك أن «خلف» لو دخل مع «منصور» في حوار في إحدى القنوات الفضائية اللبنانية التي تزخر بمثل هذه الحوارات، وفي أحايين كثيرة (الملاسنات)، سيرى كيف أن وزير الخارجية سيُغالط وينافح عن رأيه و(ينسف شيئاً يسمى المنطق) في النهاية؛ المهم أن يُرضي من أتى به وكذلك من يقصد إرضاءه بهذا التصريح (المضحك) والمخجل؛ فالوطن وأراضيه وسيادته بل وشعبه كلها لا تهم؛ المهم أن يتماهى الفعل السياسي مع مصالح الطائفة، أو من تتبع له خارجياً، وطبعاً إرضاء من أتى به كممثل عن الطائفة وتحالفاتها في التشكيلة الوزارية.

وقبل أيام أمر خادم الحرمين الملك عبدالله بدعم الجيش اللبناني بمبلغ ثلاثة مليارات دولار لتطويره والارتقاء بتأهيله العسكري للدفاع عن الأراضي اللبنانية. غير أن تأهيل وقوة الجيش اللبناني ستجعل ميليشيا (حزب الله) الشيعية والمدعومة من إيران في موقف محرج، إذ ستسحب البساط من تحت ذريعتها التي تقول: إن ميليشيا الحزب ليست ورقة حزبية وإنما قوة وطنية في مواجهة العدو الإسرائيلي وأطماعه. رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله «السيد هاشم صفي الدين» قال في كلمة له تعليقا على دعم المملكة للجيش اللبناني: (إننا سنواجه المشروع التدميري التكفيري واللآتي من بعض الدول الإقليمية - يقصد المملكة - بالحزم والحكمة والعقلانية والمعرفة، وبوقفة حاسمة وحازمة لا تردد فيها على الإطلاق). وعلى طريقة خلف الحربي: جيش لبناني وفي الوقت ذاته (تكفيري) ويقوده ماروني، ووقع على اتفاقية تسليحه ماروني .. ما تجي!

وكان «بان كي مون» الأمين العام للأمم المتحدة قد دعا إيران - دون أن يُسميها - إلى (تشجيع حزب الله على التحول إلى حزب سياسي بحت، ونزع سلاحه، وهو ما يخدم مصلحة لبنان والسلام والاستقرار الإقليمي في المنطقة). وقبل أن يتصدى أحد أساطين حزب الله للرد على بان كي مون، ويصفه - أيضاً - بأنه (تكفيري)، أريده فقط أن يتنبّه إلى أنه كوري جنوبي وليس سعودياً.. و(بان كي مون وتكفيري .. ما تجي) انتبه!

إلى اللقاء.

مقالات أخرى للكاتب