Tuesday 07/01/2014 Issue 15076 الثلاثاء 06 ربيع الأول 1435 العدد
07-01-2014

تمويل برامج مكافحة الإرهاب

يكثر التركيز على عمليات تمويل الإرهاب؛ وانعكاساتها على المجتمعات الآمنة؛ وما ينتج عنها من قتل للأنفس المعصومة؛ وتدمير للممتلكات؛ وتقويض لدعائم الاقتصاد؛ وما يستوجب على الحكومات والجهات الأمنية القيام به لمواجهة جماعات الإرهاب؛ وشل حركتها؛ بالعمليات الأمنية والاستخباراتية الاستباقية. التركيز على عمليات الدعم والتمويل والتنفيذ بمعزل عن برامج مكافحة الإرهاب يجعل الصورة غير مكتملة. ففي الجانب الأول؛ يمكن لجماعات الإرهاب تنفيذ عمليات مدمرة بتكاليف محدودة جدا؛ على النقيض من برامج مكافحة الإرهاب التي تحتاج إلى ميزانيات ضخمة ربما تتجاوز حدود الوطن؛ لتصل إلى الدول الحاضنة للجماعات الإرهابية.

عملية «سكك حديد مدريد» كلفت منفذيها ما يقرب من عشرة آلاف دولار فقط؛ أما عملية «معامل معالجة النفط في بقيق» فتكلفتها المباشرة؛ بالكاد تصل إلى 25 ألف دولار؛ وهي تكلفة ضئيلة كان من الممكن أن تتسبب في وقف تصدير أكثر من ثلث النفط السعودي؛ وتدمير مدينة بقيق بسكانها؛ وإلحاق الأذى بالمدن القريبة منها. نحن نتحدث عن خسائر مالية كان من الممكن أن تصل إلى 200 مليار دولار بخلاف الخسائر البشرية والسكانية والبيئية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك الجانب الأمني المرتبط بتأمين منابع النفط يصبح الأمر أكثر تعقيدا من الناحية الدولية؛ خاصة مع وجود أطماع غربية تتحين فرص الدخول إلى الأراضي السعودية.

تنفق الدول الغربية مئات المليارات سنويا لتأمين جبهاتها الداخلية من خطر الإرهاب المدمر؛ وتعتبر مساعداتها المالية والعسكرية النوعية جزءا لا يتجزأ من برامج الحماية الاستباقية لخطر الإرهاب. عندما يكون الإرهاب مرتبطا بالدول تصبح مواجهته أكثر صعوبة؛ وأعظم تكلفة. قد تكون بعض الدول حاضنة لجماعات الإرهاب؛ أي أنها جزء من منظومة الإرهاب الدولي؛ كإيران؛ أو ربما تكون واقعة تحت سيطرة منظمات الإرهاب الدولي؛ كلبنان؛ أو ربما تكون ضالعة في علاقات استخباراتية مع الجماعات الإرهابية لتحقيق أهداف إستراتيجية تقوم على التدمير ونشر الفوضى؛ كبعض الدول الغربية. وفي جميع الحالات؛ يجب أن تكون الدول المستهدفة على أهبة الاستعداد لمواجهة الإرهاب المحلي والدولي بحزم وقوة؛ ويجب أن تتحمل تكاليفها الباهضة التي لا تقارن البتة بنتائج الحماية المحققة منها.

السعودية على رأس القائمة المستهدفة بالإرهاب الدولي؛ بأنواعه الثلاثة. بل إنها تعتبر الدولة الوحيدة المطالبة بمكافحة الإرهاب؛ في الوقت الذي تسعى فيه الدول والمنظمات الغربية؛ تجريدها من حق المواجهة القانونية والأمنية والعسكرية. ففي الوقت الذي تُطالب فيه بمواجهة الإرهاب والتوقيع على الاتفاقيات الدولية؛ يتم انتقادها لإصدارها قانون مكافحة الإرهاب الذي يؤطر عمليات المكافحة بإطار قانوني واضح للجميع. أما مواجهتها للإرهاب الداخلي؛ والدولي فلا يخلو من الانتقادات العلنية التي يهدف منها الضغط على الجهات الأمنية لتقليص عملياتها؛ وبما يحقق لهم هدف التخريب والدمار ونشر الفوضى.

عندما ضرب الإرهاب الدولي مملكة البحرين لم تجد السعودية خيارا غير التدخل السريع؛ ضمن المنظومة الخليجية؛ لحمايتها من تبعات المخططات الصفوية الغربية الموجهة لجميع دول الخليج وليس مملكة البحرين فحسب. بعد إفشال المخطط الغربي الصفوي في البحرين شنت الجهات الرسمية والإعلامية الغربية حملة شعواء على السعودية لما وصفته على أنه (تدخلا) في الشؤون البحرينية. يتدخل الغرب في جميع الدول الإسلامية دون الحاجة لأخذ الإذن من حكوماتها؛ بحجة مكافحة الإرهاب؛ إلا أن حجة الإرهاب تعتبر واهية في نظرهم، إذا ما ارتبطت بأمن السعودية ودول الخليج.

لم يعد سرا أن المملكة تعمل بالتنسيق مع شركائها في المنطقة لمكافحة الإرهاب الدولي، وتحقيق الأمن والسلام في المنطقة؛ فهي لا تتردد في توفير الدعم الدبلوماسي؛ المالي؛ العسكري؛ واللوجستي للدول الشقيقة التي يعتبر دعمها وحمايتها دعما للسعودية وشعبها من ضربات الإرهاب الدولي. الدعم المالي الذي قدمت بموجبه السعودية مساعدات عسكرية بقيمة ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني، للمساعدة في شراء أسلحة من فرنسا؛ يأتي متناسقا مع هدف الحماية الإستباقية للمنطقة؛ وليس السعودية فحسب. سيطرة حزب الله على لبنان لن تتقلص إلا بوجود الجيش النظامي القوي الذي يمتلك الأسلحة النوعية والدعم الدولي؛ الذي يمكن أن يتوفر من خلال الصفقات المؤثرة أيضا. تستخدم إيران؛ حزب الله؛ كذراع عسكري وسياسي لها من أجل تشكيل الهلال الصفوي المشؤوم؛ وبسط نفوذها على الدول العربية. دعم السعودية للبنان قد يسهم في إفشال مخططها في لبنان؛ بعد أن أوشك على الفشل في سوريا. البعد الإستراتيجي للدعم السعودي للبنان؛ أوجع إيران؛ فحركت ماكينتها الإعلامية في الداخل والخارج ضده. نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، اتهم السعودية بعرض ثلاثة مليارات دولار على لبنان، من أجل استعادة القيادي بتنظيم القاعدة، ماجد الماجد. ظهور الماجد المفاجئ كان موجها لشيطنة الدعم وإثارة الرأي العام ضد السعودية. انطلت الحيلة على البعض في الداخل فساروا في ركب إيران وعملائها. السعودية تقدم الدعم المحدود من أجل تحقيق الأمن والسلام؛ وإيران تدفع غالبية ميزانيتها على الإرهاب الدولي؛ ومع كل ذلك نجد من ينتقد السعودية ويؤيد إيران في إرهابها الدولي لأسباب إستراتيجية تهدف إلى زعزعة أمننا الداخلي؛ وتحويل الدول العربية إلى دويلات تابعة للجمهورية الصفوية في إيران.

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب