Sunday 12/01/2014 Issue 15081 الأحد 11 ربيع الأول 1435 العدد
12-01-2014

من أساليب البيع الخفيّة

أريد أن أسأل القارئ الكريم سؤالاً: لو ذهبتَ تشتري سلعة، ووجدتَ منها أنواعاً عدة، صنعتها شركات عدة، وكان بعضها أغلى من بعض، فأيها ستشتري؟

قد تقول إنك إذا أردت الأجود فستأخذ الأغلى. لكن احذر؛ فلا يصح هذا دائماً، بل أحياناً العكس صحيح: أغلى السِّلَع قد تكون هي أسوأها!

هذه من الغرائب التي أشار إليها كتاب «التأثير» الذي كتبه أستاذ علم النفس في جامعة أريزونا الأمريكية روبرت تشالديني، ورأينا بعض الطرق التي تستخدمها الأسواق لحث الناس على شراء المزيد والمزيد من السلع، سواء احتاجوا إليها أو لم يحتاجون إليها، لكن مسألة السعر هذه من أكثرها انتشاراً. وهناك قصة حقيقية مدهشة يذكرها الكاتب؛ ليبيِّن هذه النقطة، فيروي لنا قصة امرأة يعرفها تعمل في التجارة، وحَصَلَت على مجموعة من الحِلية، وأرادت بيعها، وحاولت بشتى الطرق، ووضعتها في منتصف المتجر، وحرَّضت العاملين على بيعها، لكن لم ينجح شيء. وفي يوم من الأيام اضطرت للسفر إلى مكان لأداء بعض الأعمال، وبينما هي تتجهز قالت للبائعين: «بيعوا هذه الحُلي بنصف السعر»، وقالت لعل هذا يريحنا منها، ثم سافرت. لما عادت أخبروها بأن الذي استقبل المكالمة أساء الفهم، وجعل الحُلي ضِعف السعر وليس النصف! استنكرت التاجرة هذا الخطأ، فالحُلي لم يرغب فيها أحد بسعرها الأصلي فكيف يشتريها الناس الآن وقد تضاعف السعر؟ كانت النتيجة المتوقعة ألا يقترب منها أحد مجرد اقتراب، لكن ما الذي حصل فعلاً؟ بيعت كلها، ولم يبقَ منها شيء! شيء مدهش! هذه من الإشارات المعروفة لدى المستهلكين، وهي أن السعر العالي من علامات جودة المنتج. هذه قصة أساسها الخطأ، لكن التاجرة عرفت السر، وصارت تستخدمه لصالحها، فإذا رغبت في التخلص من بضاعة فإنها تزيد سعرها كثيراً، وإذا كان هناك الكثير منها فإنها تعيدها لسعرها الأصلي بعد أن تضع عليها لوحة كُتِب عليها: «تم التخفيض من السعر الأصلي إلى ...»، وهي طريقة تجدونها في الكثير من الأسواق اليوم.

كذلك من خِدَعهم أنك إذا أردت شراء أغراض عدة (مثلاً ثوب وغترة، أو بدلة وربطة) فإن من أكثر الوسائل شيوعاً هي أن يعرضوا عليك الأغلى أولاً (الثوب أو البدلة)؛ وذلك عملاً بمبدأ تسويقي معروف اسمه التباين، ويقضي أنك لو رأيت شيئاً غالياً أولاً فإن ما بعده سيبدو أرخص. فلو افترضنا أنك - مثلاً - اشتريت ثوبَيْن بمجموع 480 ريالاً، فإن غُترة بسعر 170 ريالاً لن تبدو مبالغاً في سعرها، أو اشتريت حُلّة بستمائة ريال فلن تستنكر أن تشتري بعدها ربطة عنق بثمانين. وحتى لو افترضنا أنك انتبهت لهذا ولم تشترِ السلعة الغالية، فإن السلعة الأقل سعراً صارت تبدو مقبولة الآن، مثل أن ترفع مجلداً كبيراً بيدك ثم ترفع كتاباً عادياً، حينها ستشعر بأن الكتاب أخف بكثير مما هو عليه بعد المقارنة مع ما قبله. ولو رأيت السلعة الثانية أولاً لربما لم تشترها واستكثرتَ ثمنها.

Twitter: @i_alammar

مقالات أخرى للكاتب