Monday 13/01/2014 Issue 15082 الأثنين 12 ربيع الأول 1435 العدد
13-01-2014

ضرورة أن يوازن الإنسان بين حقوقه وواجباته

ضمنت الشرائع السماوية والمبادئ الإنسانية والقوانين الوضعية تمتع الإنسان بحقوقه داخل مجتمعه، إلا أن ذلك ينبغي ألا يتم على حساب حقوق الآخرين أو على حساب واجباته تجاه مجتمعه أو عمله، فحقوق الإنسان إن لم يكن لكثير منها بداية فإن لجميعها نهاية، ونهايتها هي بداية حقوق الآخرين.

وفى هذا الإطار تجدر الإشارة إلى إشكالية حصلت بين أحد الموظفين المتقاعدين وجهة عمله، رواها لي ذلك الموظف عند زيارته لي في مقر عملي السابق بوزارة الخدمة المدنية حول مدة تعويضه عن رصيده من الإجازات، وكان الخلاف يدور حول سبعة أيام فقط، بعد أن قامت جهة عمله بتعويضه عن خمسة أشهر، حيث يرى أنه أيضاً يستحق التعويض عن السبعة أيام، بالإضافة إلى مدة الخمسة الأشهر، وجهته ترى الاقتصار على مدة الخمسة الأشهر فقط لاعتقادها بأن كسور الشهر غير مشمولة بالتعويض.

وبعد أن اطلعت على بيان الإجازات التي منحت له طيلة حياته الوظيفية والقاعدة النظامية الخاصة بتعويض الموظفين عن إجازاتهم التي جعلت الحد الأعلى للتعويض عن الإجازات ستة أشهر كما ورد في لائحة الإجازات التي صدرت سنة 1426هـ بدلاً من قاعدة التعويض السابقة التي وردت في نظام الموظفين لسنة 1391هـ ونظام الخدمة المدنية لسنة 1397هـ التي تقصر تعويض الموظفين عن إجازاتهم على (90) يوماً فقط، بعد أن كانت مدة تعويض الموظفين عن إجازاتهم مفتوحة وغير محددة بمدة معينة، في ظل نظام الموظفين العام لسنة 1377هـ وما قبله، وكان سبب تخفيض مدة التعويض يعود إلى حرص نظام الموظفين لسنة 1391هـ الذي صدر بناءً على مبادئ حديثة وأفكار جديدة في مجال العمل الإداري على إثر دراسة الوضع الإداري في المملكة من قبل مؤسسة فورد الأمريكية على تمتع الموظف بإجازته السنوية لما يعود من ذلك من آثار إيجابية عليه شخصياً وعلى جهة عمله، فالموظف سواء كان في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص يعود إلى عمله بعد انتهاء إجازته وهو أكثر نشاطاً وحيوية واستعداداً تاماً للقيام بواجباته، وهو الأمر الذي تستفيد منه جهة عمل الموظف، أما الموظف فيستفيد من الإجازة في راحة بدنه وفكرة بعد عناء سنة كاملة في العمل، كما يستفيد منها في قضاء لوازمه الخاصة التي لم يساعد وجوده على رأس العمل في قضائها، كما يستفيد منها في قضاء وقت أكبر مع عائلته.

نعود إلى الموظف المتقاعد الذي حصل خلاف بينه وبين جهة عمله حول تعويضه عن السبعة الأيام المشار إليها، فبعد أن اطلعت على بيان خدماته والإجازات التي سبق أن منحت له تبين لي أن الحق معه في مطالبته بتعويضه عن الأيام التي لم يعوض عنها ولكنه لا يعوض إلا عن ستة أيام فقط، باعتبار أن الموظف يستحق إجازة لمدة ثلاثة أيام عن كل شهر وإذا لم يمنح هذه الإجازة يعوض عنها في نهاية خدمته.

ولكنني بعد أن أفدته بذلك قلت له مازحاً لماذا أصررت على المطالبة بالتعويض عن هذه المدة القصيرة ولم تتنازل عنها؟ فكان جوابه أنه لن يتنازل عنها ولو كانت يوماً واحداً، فقلت له إنها حق لك ولكن لماذا لا تعتبرها بديلاً عن التقصير الذي حصل من قبلك كما يحصل من كل موظف؟ فقال لي أنا لم أقصر في عملي، فقلت له ألم يحصل طيله مدة خدماتك الطويلة أن تأخرت عن وقت الدوام؟ ألم يحصل أن استأذنت في الخروج خلال وقت الدوام لمدة ساعة ولم تعد إلا بعد ساعتين أو ثلاث ساعات؟ ألم يحصل أن خرجت خلال وقت الدوام لإحضار أولادك أو زوجتك من المدرسة؟ ألم يحصل أن خرجت خلال وقت الدوام لمراجعة الطبيب لأحد أفراد أسرتك؟ ألم يحصل أن خرجت من وقت الدوام إلى أحد البنوك لمتابعة حركة الأسهم أو قمت بمتابعتها من مكتبك فقال لي جميع الموظفين يفعلون ذلك، فقلت له إن العبرة في ذلك بما تتطلبه الأنظمة من قواعد وتعليمات وليس بما يرتكبه بعض الموظفين من مخالفات.

وقد خرجت من اللقاء بهذا الأخ المتقاعد أن البعض من الموظفين ربما يهتمون بحقوقهم الوظيفية من راتب وبدلات ومكافآت وترقيات وإجازات وابتعاث أكثر من اهتمامهم بأداء العمل بالدقة والأمانة والإخلاص والانضباط، وحسن التعامل مع زملائهم ومراجعيهم، وتفرغهم لأعمالهم الحكومية وهو أمر مؤسف ويتعارض مع مهام وواجبات الموظف ومع مبدأ الأجر مقابل العمل.

فالموظف لكي يطالب بحقوقه كاملة يجب عليه الوفاء بواجباته بصورة غير منقوصة.

وهذا الأمر ينطبق أيضاً على كل مواطن أو أي إنسان آخر له حق، حيث ينبغي ألا يبالغ في استعمال هذا الحق إلى درجة الإضرار إما بجاره أو قريبه أو صديقه أو مجتمعه.

info@alsunidi.com.sa

حائل- ssnady592@gmail.com

مقالات أخرى للكاتب