Wednesday 15/01/2014 Issue 15084 الاربعاء 14 ربيع الأول 1435 العدد
15-01-2014

إصلاح التعليم من أين يبدأ توحيد الإجراءات بين البنين والبنات -3-

صدر قرار الدمج التاريخي بين تعليم الإناث وتعليم الذكور في عام 2002 وخطا خطوات كبيرة في توحيد إدارات التعليم والوكالات وتبقت وكالتا التعليم بنين وبنات دون دمج مع أنها هي الوكالة التي تمثل العمل الأساس لوزارة التربية والتعليم فقد توحدت جميع الوكالات ما عدا وكالة التعليم وظلت إداراتها ومكاتب وكلائها على ما كانت عليه مع أنها تقوم بنفس المهام هنا وهناك مما أدى إلى الهدر المادي والبشري وتعطيل كثير من البرامج لعدم وضع الآليات التي تضمن انسيابية العمل.

كما أن رسم السياسات ووضع الخطط شابه كثير من البطء مع أنه لا يتطلب كل هذه الأعداد من الإدارات المتناظرة بين البنين والبنات وما تشكله من عبء كبير على ميزانية التعليم فلك أن تتصور أن مبنى الإدارات النسائية تعمل فيه أكثر من 700 موظفة ويفوق هذا العدد بكثير أعداد الرجال في مبناهم الآخر وبعضهم طاقات معطلة بفتح الطاء أو معطلة بكسرها !

سياسات العمل الحالي بطيئة وغير مميكنة ولا تحقق العدالة فالبون شاسع بين الخدمات المقدمة للنساء والأخرى للرجال في ظل عدم التوحيد في الإجراءات وكأننا في دولتين مختلفتين فالتقدم للابتعاث مثلا للمعلمين إلكترونياً أما للمعلمات فهو ورقيا (؟) وهذا موثق في تعميم رسمي صدر حديثا من الوزارة ووجه للميدان وأي إداري بسيط يمكنه طرح سؤال بديهي ِلمَ لم يستفد من التقنية في خدمة منسوبي ومنسوبات الوزارة على حد سواء ؟؟!! ولو تم الاطلاع عليه دوليا لاعتبر تمييزا ضد النساء ؟؟!!

ولم يساعد تأنيث القيادات العليا مثل منصب النائبة للتعليم أو الوكيلة للتعليم في اختصار الوقت والجهد أو تحقيق العدالة في الخدمات الموجهة لمنسوبات الوزارة بل بقي مدراء مكاتبهن من الرجال وطواقم الاتصالات ومصدري وموردي المعاملات هم الرجال أنفسهم الذين كانوا موجودين سابقا مما يعني أن العمل يدار بذات الرؤية السابقة دون تغيير أو تحديث!

بل زادت الإجراءات وزاد الهدر في المال والوقت ولم يسهم تأنيث هذين المنصبين الرفيعين في اختصار دورة العمل فمثلا حين تصدر معاملة من إدارة نسائية بجوار مكتب النائبة أو الوكيلة وبدلا من استقبالها عبر مكتب اتصالات نسائي في مكتب كليهما نجد أن المعاملة تخرج خارج المبنى وترحل عبر حقيبة على سيارة لتورد ويشرح عليها مدير المكتب ثم تحملها سيارة أخرى وتعود بها إلى النائبة أو الوكيلة ليوقعاها ثم تعود خارجا لتأخذ رقم صادر ثم تعود للمبنى للإدارة التي صدرت منها أول مرة وهي لا تبعد سوى أمتار ؟؟؟؟؟

هذا نموذج لما يحدث لبعض المعاملات وما يتبعه من هدر مادي وزمني وهذا ما يجعل دورة العمل بطيئة ومستويات التحسين متدنية!

ولا شك أن هذا وغيره ما يجعل نتائجنا في التقارير الدولية منخفضة ففي تقرير التنافسية 2013 ألمح إلى ما أسماه بالتحديات المهمة التي تشهدها المملكة على صعيد الصحة والتعليم، ووصفها بأنها لا تلبي المعايير المعتمدة في البلدان الأخرى التي تقف على نفس المستوى الاقتصادي. فرغم التقدم الملحوظ على صعيد الصحة والتعليم العام، فإن معدلات التحسينات تمضي بمستويات بطيئة نسبياً، وفقاً للتقرير، لتحتل المرتبة 53 على صعيد ركيزة الصحة والتعليم التي تعد إحدى ركائز تقييم التنافسية.

وإذا ما أردنا معالجة هذا البطء يلزمنا الآتي:

1 - تسريع توحيد الإجراءات وإحداث هندرة حقيقية في دورة العمل والتخلص من الازدواجية بتوحيد الجهات المتناظرة.

2 - تقليص مكاتب الوزارة الرئيسة إذ لم يعد من المجدي وجود ثلاثة نواب للوزير فالأولى وبعد 12 سنة على قرار الدمج أن تتقلص هذه المكاتب ويكتفي بنائب وزير واحد خاصة أن الوزارة تتجه إلى اللامركزية ومنح الميدان صلاحيات واسعة للتنفيذ وتكتفي الوزارة بإداراتها العليا بوضع السياسات والإشراف والدعم والمحاسبية ولذا فبقاء هذا العدد من مكاتب المسئولين يشكل هدرا في المال والوقت وتعطيلا لدورة العمل حيث التكدس البشري الذي أدى إلى الضغط العالي على ميزانية التعليم التي يذهب ما يقارب من 80 منها على الرواتب والبدلات من خارج دوام طوال العام وتذاكر سفر وانتدابات لفئة كبار الموظفين والموظفات من نواب ووكلاء ومستشارين ومستشارات فمثلا إحدى المسئولات تتباهى بأنها عضوة في حوالي أربعين لجنة (؟) فكثير من مهام العمل الرئيسة حولت إلى لجان خاصة للعمل مع تطوير للاستفادة من راتبين مزدوجين طالما أن المشرع هو المنتفع فمن المتوقع أن يتم هذا وأكثر.

3 - الاكتفاء بوكيل واحد للتعليم ودمج الإدارات ذات المهام المتماثلة وذلك لتقليص دورة العمل والحد من الهدر المادي والبشري والتسريع في تنفيذ البرامج والمشروعات العالقة التي أدت إلى احتقان المواطنين والمواطنات على وزارة التربية والتعليم. على الرغم من أن المملكة ظلت ترصد أعلى ميزانية للتعليم بل وتفوقت هذا العام على سائر الدول في العالم وطموح قائدها هو صلاح التعليم لإدراكه أن التعليم هو القلب الذي إذا صلح صلح الجسد كله.

ونسأل الله السداد والتوفيق لسمو وزيرنا الجديد في إصلاح شؤون التعليم في هذه المرحلة الهامة من تاريخنا الوطني.

f.f.alotaibi@hotmail.com

Twitter @OFatemah

مقالات أخرى للكاتب