Wednesday 29/01/2014 Issue 15098 الاربعاء 28 ربيع الأول 1435 العدد
29-01-2014

حل وزارة الثقافة والإعلام: توزيع التركة 1-2!

ناقش مجلس الشورى في جلسته السابقة تقرير وزارة الثقافة والإعلام الذي جاء في تسعين صفحة أخذت منه الثقافة ست صفحات فقط؛ وتضمن شكاوى الوكالات الثلاث الباقية في الوزارة؛ وهي: الثقافة، والإعلام الداخلي، والخارجي، وأجمع مسئولو الوكالات الثلاث على أن معوقات عملهم تكمن في النقص الحاد في الكفاءات الوظيفية المؤهلة والقادرة على الإنتاج المتميز، وضعف الموارد المالية، وتداخل المسؤوليات مع جهات أخرى وبخاصة في الإعلام الخارجي.

هذه أبرز وجهات نظر مسئولي الوكالات الثلاث في تقرير وصفه أعضاء المجلس بأنه إنشائي ومكرر ولم يجب على تساؤلات وجهت إلى تقارير السنوات السابقة، ولم يتضمن مستويات قياس أداء لكل قطاع، وخلا من إستراتيجية واضحة، وأنها تنفق جهدا لا طائل من ورائه في عمل روتيني؛ وهو الرقابة على المطبوعات الداخلية والخارجية، ومنها المجلات العلمية المحكمة في زمن القرية الكونية وتوافر المعلومة لمن أرادها عبر وسائل الاتصال الحديثة.

وأشار التقرير أيضا إلى أبرز معوقات عمل الوزارة؛ كنقص الموارد المالية، والتعقيدات التي تواجهها الوزارة من وزارة المالية في استحداث الوظائف، واقترح أن تدعم الوزارة بمشروع تطوير على غرار تطوير القضاء والتعليم يتجاوز الأطر الإدارية والروتينية الضيقة وينطلق برحابة ليمكن الوزارة من تنفيذ خططها، ويسمى « مشروع الملك عبد الله لتطوير الإعلام».

ولعل أبرز اقتراح وأشجعه وأكثره شفافية ما قدمه الدكتور زهير الحارثي عضو مجلس الشورى الذي طالب بحل وزارة الثقافة والإعلام بعد أن تكونت الهيئات الإعلامية الثلاث مستقلة عن الوزارة: هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، ووكالة الأنباء السعودية.

والمجال لا يتسع هنا لعرض صور عجز الوزارة عبر تاريخها الطويل عن معالجة أوجه القصور واستكمال النواقص؛ ولكن لابد من الإشارة العابرة للتذكير بأسباب فشل الوزارة على مدى عقود طويلة من عمرها الطويل في تنفيذ وإنجاز بنية إعلامية متينة وراسخة وممتدة، وعجزها عن تكوين بصمة ورؤية وعلامة مميزة للإعلام السعودي، وعدم مبالاتها في الحفاظ على البناء التراكمي لما تم إنجازه في بعض المراحل، ولا في رعاية القدرات والخبرات الممتازة التي عملت فيها أو مرت بها وعبرت من خلالها إلى قطاعات أخرى؛ مما ساعد على أن تكون الوزارة طاردة للقدرات وللكفاءات لا جاذبة ولا مستقطبة، ثم عجز الوزارة عن إنشاء وتكوين مقرات تليق بها؛ فلا زال عدد من قطاعات الوزارة العريقة في مقار مستأجرة من سنوات طويلة.

أما حين ألحقت الثقافة بهذه الوزارة المترهلة التي تعاني من كساح إداري طويل ومن عقم في الرؤية ورتابة مزمنة في الأداء؛ فإن وضع الثقافة التي جمعت تجميعا ولقطت تلقيطا من جهات عديدة ثم حشرت كيفما اتفق بما تيسر لها من كفاءات وظيفية ليست هي الأقدر ولا الأميز؛ ليس بأحسن حظ من الإعلام؛ فقد تمت صياغة وكالتها بما يتفق ورؤية الوزارة وأسلوب عملها البيروقراطي؛ ولذلك نشأت وكالة الثقافة على هامش الوزارة وعلى ما تتفضل به ميزانيتها، وعلى ما يفيض أو لا حاجة له من موظفيها؛ فبنيت على ضعف وشبت على هذا الضعف الذي أصبح سمة أداء العمل الثقافي السعودي.

وقبل أن يدلي الدكتور زهير بفكرته الصائبة في ضرورة حل وتفكيك الوزارة؛ كنت أثرت هذا المقترح قبل سنتين عبر تغريدات متعددة ونقلها موقع سبق الالكتروني في صورة مقال؛ وأثار ردود فعل كثيرة متباينة، وها نحن اليوم نرى الزمن يعيد إلى الواجهة ضرورة النظر في مقترح تفكيك وزارة الثقافة والإعلام وتوزيع ما بقي من تركتها على قطاعات حكومية أخرى مناسبة، وإعادة هيكلة العمل الثقافي السعودي بصورة جديدة مستقلة وببنية قوية وتخطيط استراتيجي واضح وواثق وبإمكانات وكفاءات مقتدرة وموهوبة، وهو ما سأستكمل رسم تصوري له في المقال القادم يوم السبت إن شاء الله.

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب