Wednesday 29/01/2014 Issue 15098 الاربعاء 28 ربيع الأول 1435 العدد
29-01-2014

الولاءات الأصغر

1 - من الأمة إلى الدولة إلى المنطقة إلى الدين إلى المذهب إلى القبيلة إلى العائلة ولاءات تزدهر وتذبل حسب الظروف السياسية والمجتمعية التي يعيشها أفراد المجتمع.. وهي تنتقل في تسلسل مخروطي يصغر ويصغر حتى يصل إلى مستوى الولاء للنفس فقط لا غير.. كما أن الوضع التراتبي لعناصر الولاء غير ثابتة.. فالمذهب قبل الدولة في العراق مثلاً.. والقبيلة فوق الدولة كما في ليبيا.. والحزب فوق الدولة في لبنان.. وهكذا حسب الظروف والبيئات تكبر وتزدهر الولاءات أو تضمر وتتراجع.

2 - الطبيعة الإنسانية ولاؤها الفطري ولاء إنساني.. ولا تنحرف النفس إلى ولاءات أصغر إلا لأسباب ضِيْقِ أو فَقْد الولاءات الكبرى.. فإذا كانت الأمة متخلفة فقيرة هنا يصبح الولاء وطنياً.. وإذا ضاق هو الآخر أصبح الولاء إما مذهبياً أو قبلياً أو مناطقياً.. وهكذا.. كما أن الولاء بقدر ما يُكْتسب فهو يُمْنح.. وهو يعمل في المسارين في الظروف الطبيعية.. أما في الظروف الشاذة فيصبح الولاء قائماً على الخوف ويعمل في مسار واحد في اتجاه سير الطائفة.

3 - الولاءات الأصغر طائفية دائماً سواء كانت مذهبية أو قبلية أو مناطقية أو مهنية.. ووراءها دوافع تتجاوز المصالح والأهواء.. وأن تكون طائفياً (حركياً) فلا بد أن تكون قد تعرضت إلى ضغط سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي.. فالمناهضة السياسية مثلاً تولّد الولاء الطائفي وتقوم عليه وتستفيد منه.. كما تولّده التفرقة العرقية والمذهبية والفقر الاقتصادي.

4 - وسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة وعلى رأسها «تويتر» تقود توجيه الرأي العام اليوم.. فهي ميدان الاستعراض.. وهي وسيلة العرض.. ولأنها ميدان مفتوح لا يحتاج مستخدمه إلى علوم التقنية ولا إلى فكر للعرض.. بل رغبة جامحة في التعبير مؤججة بانفعال هو غالباً انفعال إمعة يتبع ولا يزيد على أن يكون بوقاً.. ومن خلاله ظهرت حالات طائفية ما كنا نسمع بها.. أو على الأقل كانت من الأمور المطلوب دفنها.. لكنه وبفضل تويتر ووسائل الاتصال الحديثة صار الكثيرون في حالة ترقب وَجِل خشية ظهور الطائفية من تحت الرماد مشتعلة متأججة.

5 - المجتمعات الخليجية كما المجتمع العربي اليوم مجتمعات فتية.. لكنها تمتاز عليه بأنها لم تعش ضنكاً اقتصادياً ولم تواجه كوارث داخلية.. هذا جعل أهلها أقل إحساساً بالقمع وأكثر تحرراً في إبداء أفكارهم وآرائهم وهذا ما نراه اليوم تجاه مصر والإخوان.. لقد أصبحت مصر قضية محلية.

6 - يقول الفيلسوف (بيكون): «هناك أربعة أوهام تعطّل العقل وهي العيش في كهف، الطائفية، السوق، المسرح».. ولنا في عصرنا الحاضر أن نضيف الإعلام كوهم خامس يعطل العقل بغسله.

مقالات أخرى للكاتب