Thursday 30/01/2014 Issue 15099 الخميس 29 ربيع الأول 1435 العدد
30-01-2014

دعاة الجعجعة ووعّاظ الطحين!

يريدون وطناً من دماء، رايته حق ومنهجه باطل، يُساس بالتجهيل، ويُقاد بالأيدلوجيا، وبطولاته وهمية، يبيع الأحلام الوردية على الرعيّة، يريدون مصالحهم وأموالهم وأولادهم، ولا يفكرون بالحساب والعقاب، الغاية لديهم تبرِّر الوسيلة، ووسائلهم في الغالب كذب وتشويه وتأليب. يقولون نحن طلاب علم.. والواقع هم طلاب «حكم»، نعم.. هذه حقيقة كل مسيّس انجرف خلف أحلام الحزب،

وأراد أن يجني المكاسب بشرعنة خطابه المسيّس الذي يُلبسه رداء الدين، وهم في الحقيقة إرهابيون بامتياز، يريدون تدمير تديُّن المجتمع وإنسانيته وتسامحه.

في سوريا التي يكافح أبناؤها ضد المجرم بشار ونظامه، تشتعل معركة يذهب ضحيتها شباب سعوديون خرجوا من ديارهم ومن أحضان أمهاتهم وعطف آبائهم، تلبية لنداء وعّاظ الفتنة، وانكشفت الحقيقة التي لم تظهر من قبل على شاشات التلفزيون بشكل واضح، عبر البرنامج الأكثر مشاهدة «الثامنة» والذي يقدمه الزميل الكبير الأستاذ - داود الشريان، واستطاع الشريان أن يعرّي منهج المحرّضين على الجهاد، وأحدث هذا جدلاً واسعاً، وحظيت القضية على تعاطف السعوديين باختلاف أفكارهم ما عدا أصحاب القلوب القاسية، من المؤدلجين، المحرّضين، والمتضرّرين الرئيسيين من انكشاف أمرهم ربما، وظهر ذلك في تشكيك محمد العريفي بضيفة الحلقة السيدة أم محمد، والتي أبكتنا دموعها التي لم تتوقف على ابنها مسفر ذي 16 عاماً والذي غادر للالتحاق مع المسلحين الإرهابيين في سوريا، وقال العريفي إنها مفبركة، ثم اتضح صدق دموعها عندما تكفّل سمو أمير منطقة عسير بسد احتياجاتها ، وكشف هذا الاستهزاء بالسيدة الكريمة وبمعاناتها قسوة وظلم تنافي سلوكيات وأخلاق الدعاة.

طرح الشريان في الحلقة النارية عدداً من التساؤلات، وفتح لنا ما دار فيها أبواب التساؤل حول من يدفعون بشبابنا إلى مهالك الفتنة ونيران حروب لا علاقة لنا بها، وعلى رأس قائمة المؤلبين بحسب حلقة «الثامنة» السيد عدنان العرعور، الذي نشر رقم حسابه البنكي في تويتر طالباً التبرع من خلاله للسوريين، وهو سوري الجنسية لا أحد يعلم إقامته على كفالة مَن؟ وبأيّ مهنة بالضبط؟، خصوصاً بأننا في مهد الإسلام وبلد العلماء الأجلاء الكبار ولسنا في حاجة لأحد يعلّمنا ديننا ويعمل لدينا بمهنة «واعظ»!

هنا أقول لدعاة الجعجعة المؤلبين تصريحاً أو تلميحاً وخصوصاً الواعظ الذي استهان بحسب مقابلة تلفزيونية معه بدماء أبناء المسلمين في معارك الفتنة، ولم يطلب من المتحمّسين للجهاد إلاّ إخبار ذويهم ليطمئنوا بأنهم ماتوا تحت راية الجماعة، التي يعتقد هو أنها صادقة ومخلصة ومحقّة، أقول لهم جميعاً لم يتحدث داود الشريان بدافع شخصي، ولن ينتقد أحد خطابكم وأفكاركم وآراءكم وتاريخكم لأنه لا يحبكم شخصياً، ومن يفعل هذا الأمر فهو بعيد عن العقلانية والمنطق، ويفترض فيكم الجميع أنكم أبناء لهذا الوطن ونعتقد أنه يهمكم، ونتمنى أننا لم نفهمكم جيداً، وأنكم وطنيون مخلصون، لذا عليكم صياغة بيان تبينون فيه موقفكم الصريح، بعيداً عن الكلام المطاط والذي يحمل أوجهاً كثيرة، أما ما عدا ذلك فلا يعدو أن يكون بيع كلام رخيص اتقاءً لغضبة الناس، ثم تعودون سيرتكم القديمة عندما تهدأ العاصفة، والآن دعونا نجرب حبكم لوطنكم ، فها هو القرضاوي يشتم وطننا بأقذع الألفاظ ، فهل نرى منكم شجباً ، أو حتى تعليقاً على افترائه على وطنكم ، أم أنكم ستلتزمون الصمت كعادتكم ، لأنه هو وليّ أمركم الحقيقي باعتباره رئيس اتحادكم «المجاهد»؟!!.

الشعب السوري الشقيق يعيش معاناة حقيقية، ونصرته واجبة، ووليّ أمرنا - نصره الله - فتح الباب من خلال القنوات الرسمية لدعمه، وذلك بعيداً عن المتاجرين بالقضية ومن سرقوا أموال الطحين، والقصة معروفة لمن أراد البحث فيها، وبذات الوقت لا يتجرأ إنسان مسلم على إنكار الجهاد ووجوبه، ولكن وفق القواعد الشرعية.

سيقولون إنهم لم يقولوا شيئاً، ويكفي في الواقع أن يتبرأوا وينفوا، ويظهروا على حقيقتهم، وهم أصحاب منهج «نحن لا نشتم الدولة ولكننا نستطيع جعل أتباعنا يشتمونها»، «نحن لا ندعو للجهاد صراحة ولكننا نحيلكم إلى من يفتي لكم ونزكيه» بئس المنهج وبئس الفكر.

انكشفوا على حقيقتهم، وهم يظنون بأنّ الدولة التي أكرمتهم كثيراً ضعيفة أو متهاونة، ولكنهم لا يعلمون بأنّ من يعتقد الحلم ضعفاً سيكون من الخاسرين ....

Towa55@hotmail.com

@altowayan

مقالات أخرى للكاتب