Monday 03/02/2014 Issue 15103 الأثنين 03 ربيع الثاني 1435 العدد
03-02-2014

زحام فوق السدود

تأزم الحركة، والزحام حول السدود في كل مكان ولاسيما في فصل الأمطار هذه الأيام يثير دهشة تتبعها أسئلة عن سر الهجمة والفرجة التي يتعاطاها بعضهم وكأنها تحدث لأول مرة.

إذ ما أن يهطل المطر وتسيل الأودية إلا وتغص هذه السدود الكبيرة منها والصغيرة، والإسمنتي والترابي بالمتفرجين الذين يهرعون إليها وكأنهم يحشرون، فالناس حولها أو بعيداً عنها لا يتذكرونها إلا إذا حبلت بالماء.

فالسدود التي تتحول إلى مشهد مسرحي عجيب الواضح فيه أنها تعترض سيول الشعاب شأنها شأن أي سد في العالم، لكن لدينا هنا سر لم نستطع كشفه في أمر هذا التزاحم ورغبة رؤية الماء في أي سد.

ما يلفت الانتباه هو أن الأمر يتجسد بأنه لم يبق في تلك المدينة أو القرية أحد إلا وجاء للفرجة، والتأمل، لكن الحضور فيه ليس من قبيل السرور أو الحبور، وشكر الله، إنما لمطالعة بعضهم البعض حولها، ومحاولة افتعال الدهشة من سد يختزن هذا الماء.

المؤذي في حفلات السدود أيام المطر هذه الأيام أن بعضهم ولاسيما الشباب يستعرض رشاقته وملاحته أمام الحضور، ويتحفهم بمحاولات يزعم فيها إظهار مواهبه المكبوتة، وبعضهم يجازف بسيارته أو (دبابه) أمام الرواد للفت الانتباه، وقد تنتهي الفرجة هذه بكارثة مروعة، كتدهور سيارة بعائلة، أو غرق طفل، أو فاجعة من اختفاء شاب مشاكس بين السيارات المتراصة وكأنها في حراج ما بعد العصر.

فالناس تتهافت على كل مكان غريب، ويصطفون عند كل مستنقع أو انهيار طيني، أو حادث غرق أو سيل جارف.. فلا تعجب إن رأيتهم يتجمهرون، ويتزاحمون حول كل حدث طارئ، ينتج عنه منظر، ليتأملوا عن قرب أي مصيبة حلت بأحد، فلا يتورعون عن الاصطفاف والنظر والتأمل وكأنهم في محفل لا يمكن لأحد تفويت فرصة الحضور إليه.

فصورة المواطن فوق السد أو قرب مجاري الأودية تعكس شعوراً غريباً وغير منظم، بل ومشوش ولا هدف أو معنى له، فحينما يندفع الشباب فإنهم - ربما - ينساقون بما تخلفه العاطفة الجياشة لدى الآباء الذين مارس بعضهم مثل هذه الأعمال التي يكون فيها المطر والسيل عادة عاملاً مشتركاً في معادلة الحياة البسيطة.

وهذا في اليقين سبب واحد من أسباب تجمهر الناس وقت هطول الأمطار، وجريان السيول، والمناسبات في هذه الأوقات يأتي بعضها غير سار للأسف، ولاسيما حينما تكون سيارة عائلة في غمرة ماء دبق.، أما لهفة الأطفال والناشئة لرؤية المطر والسيول و الذين لا يعرفون منه إلا رغبة التجمهر، ورؤية مشاهد التطعيس في النفود، والتخميس قرب السدود ولاسيما حينما تكون غب المطر، فهم لا يأبهون إلا بالواقع الذي يرونه على الطبيعة بعد أن تشبعوا برؤيته عبر البلايستيشن و(القيم بوي) وما إلى ذلك من ألعاب تشيع عادة جواً من المجازفة بما هو غرائبي حتى وإن كان غير مفيد.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب