Wednesday 12/02/2014 Issue 15112 الاربعاء 12 ربيع الثاني 1435 العدد
12-02-2014

دروس سعودية في الكرامة الوطنية

نشرت صحيفة رأي اليوم الإلكترونية مقالة بعنوان: درس هندي للعرب في الكرامة الوطنية في 10ربيع الأول 1435هـ الموافق 11 يناير 2013م وذلك عندما ردت الحكومة الهندية على التفتيش الشخصي للدبلوماسية الهندية في مطار نيويورك، وعلق على المقالة مجموعة من العرب وغير العرب المؤيدين لهذا الموقف الهندي.

والحقيقة أن التاريخ العربي يزخر بدروس مشرفة لأبنائه في مختلف مجالات الحياة وتخصصات العلم تستحق الرصد تحت موضوع دروس في الكرامة الوطنية، والتذكير بها في المناسبات الوطنية الدورية لمواطنيها. وفي هذا الحيز أتناول خمسة دروس سعودية في الكرامة الوطنية، وعلى الرغم من وفرة دروس الكرامة الوطنية لدينا في السعودية، إلا أن هذه الدروس حظيت باهتمام في قنوات التواصل الاجتماعية والمنتديات الإلكترونية.

وعلى الرغم من تباعد الموقفين زمنياً واختلاف العهدين إلا أنها تستحق أن تكتب بأحرف من ذهب.

الدرس الأول: وكان في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز وهو الملك الثالث للمملكة العربية السعودية من بعد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن والملك سعود رحمهما الله، وتولى مقاليد الحكم في (2 نوفمبر1964م-25مارس1975م)، ويتمثل هذا الدرس في إيقاف ضخ النفط عن الغرب بسبب حرب أكتوبر عام 1973م، وقال قولته الشهيرة «عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن وسنعود لهما» زاره يومها وزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر(Henry Kissinger)في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون(1973م-1977م) في محاولة لإثنائه عن قراره، وقال كيسنجر في مذكراته أنه عندما التقى الملك فيصل في محافظة جدة في العام نفسه رآه متجهماً فأراد أن يستفتح حديثه معه بمداعبة فقال: إن طائرتي تقف هامدة في المطار بسبب نفاد الوقود فهل تأمرون جلالتكم بتموينها وأنا مستعد للدفع بالأسعار الحرة؟، ويقول كيسنجر فلم يبتسم الملك بل رفع رأسه نحوي وقال: وأنا رجل طاعن في السن وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت فهل تساعدني على تحقيق هذه الأمنية؟ .

لقد رسخ هذا الموقف الخالد للملك فيصل في أذهان الغرب حيث نشرت صحيفة عاجل الإلكترونية 21صفر1435هـ الموافق24ديسمبر2013م أن خبراء إسرائيليين استبعدوا أن يؤدي التقارب بين إيران والغرب تخلي السعودية عن مواقفها المعروفة من تل أبيب مشيرين إلى أنها أشهرت سلاح النفط في وجه الغرب كله خلال حرب أكتوبر1973م، وأضافوا أن إسرائيل في التسعينيات نجحت في فتح مكاتب لها في قطر وعمان لكنها فشلت في تحقيق مثل هذه الخطوة في السعودية.

الدرس الثاني: وكان في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وهو الملك السادس للمملكة العربية السعودية، وتولى مقاليد الحكم في (1أغسطس2005م-وحتى الآن)، ويتمثل هذا الدرس في خبر نشرته صحيفة اليوم السابع الإلكترونية في 16أغسطس2013م بعنوان: ثلاث رسائل من السعودية لأمريكا..

تدخل واشنطن في الشأن المصري يوقد الفتنة والمملكة تعلن وقوفها بوضوح بجانب الشعب المصري ضد الإرهاب وجهودها تسعى لتوحيد الصف العربي بجانب القاهرة.

وقد علق على هذا الخبر نخب مصرية من مواقع وظيفية مختلفة وعوام المجتمع المصري عرفاناً وتقديراً لجهود السعودية منذ حرب أكتوبر 1973م وحتى الآن.

الدرس الثالث: ويتمثل هذا الدرس في خبر نشرته صحيفة عربية INews الإلكترونية في21اغسطس2013م بعنوان: صحف أمريكية: السعودية تلقن الأمم المتحدة درس»الازدراء الصادم» على خلفية رفض السعودية عضوية مجلس الأمن الدولي، إذ علقت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور(The Christian Science Monitor)في افتتاحيتها إن رفض السعودية لهذا المقعد المرموق شكل موجات من الصدمات بين الدبلوماسيين خاصة أن للمجلس نفوذاً وتأثيراً بالأحداث العالمية، وأنه إذا رفضت دولة غنية ومحورية مثل السعودية هذا المقعد فكيف ينعقد الأمل نحو إنشاء مجتمع دولي مستقر ذي جدوى، وتساءلت الصحيفة عن سر ما أسمته بالازدراء الصادم من جانب السعودية للأمم المتحدة موضحة أنه يعود لاستياء الرياض من مواقف المنظمة العالمية والولايات المتحدة بشأن سوريا وإيران.

الدرس الرابع: ويتمثل هذا الدرس في خبر نشرته صحيفة عربي أونلاين في 2 يناير2014م بعنوان: السعودية ترفض مشاركة إيران في جنيف2؛ نظراً لأنه يهدف البحث في الأزمة السورية نتيجة رفض طهران شرط تشكيل حكومة انتقالية ولوجود قوات تابعة لها تحارب مع النظام السوري وهذا ما رفضت طهران تحقيق هذا الشرط.

الدرس الخامس: ويتمثل هذا الدرس في خبر زيارة الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما (Barack Obama) للسعودية في شهر مارس لهذا العام على خلفية خبر زيارة سمو ولي العهد لباكستان واندونيسيا واليابان لتوقيع معاهدة دفاع مشترك مع السعودية، وهذا الخبر نشرته العديد من الصحف.

وهذه الزيارة هي الرابعة لمسؤول أمريكي رفيع المستوى، والأولى للرئيس الأمريكي بعد هذا التقارب.

إذ زار السعودية عضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ السيناتور الأمريكي جون ماكين (John McCain)، كما زار وزير الدفاع تشاك هيجل (Chuck Hegel)، ووزير الخارجية جون كيري(John Kerry).

وقال السيناتور الأمريكي في مقال له في صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) أن دول الخليج وإسرائيل بدأت تفقد الثقة بواشنطن وبحكمة إدارتها وأن العلاقات مع السعودية تتدهور بسرعة بما ينعكس سلباً على الأمن القومي الأمريكي وذلك وفق ما نشرته صحيفة اليوم السابع في 28أكتوبر2013م.

وعلى الرغم من تشكيك السفارة الأمريكية في الرياض في صحة خبر الزيارة كما جاء في صحيفة الشرق في 2 فبراير2014م، إلا أن صحفية وول سترتيت جورنال (The Wall Street Journal) وصحيفة نيويورك تاميز (The New York Times) نشرتا خبر الزيارة وحددت أن الهدف المعلن منها هو تأكيد ما صرح به عضو مجلس الشيوخ وهو إعادة الثقة وتدعيم العلاقات بين البلدين التي شابها التوتر مؤخراً كما وضحته صحيفة أخبار 24 في 1 فبراير 2014م.

هذه بعض من الدروس السعودية في الكرامة الوطنية لمن بجل الموقف الهندي وتغنى به، وهي فيض من غيض من الدروس التي يتحدث بها السعوديون وأشقاؤهم الخليجيون والعرب والمنصفون من الغرب في ملتقياتهم، وفي قنوات التواصل الاجتماعي ... حفظ الله المملكة العربية السعودية من كل مكروه نظير تحكيمها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ووقوفها بصلابة مع قضايا المسلمين والعرب في كل مكان وزمان .. آمين.

malnooh@ksu.edu.sa

كلية التربية - جامعة الملك سعود

مقالات أخرى للكاتب