Saturday 15/02/2014 Issue 15115 السبت 15 ربيع الثاني 1435 العدد
15-02-2014

تغرير الشباب السعودي .. لماذا؟

قنوات الرصد، والتحليل في ملفات الجهاد الماضية، لعبت دوراً مهماً في جهود التجنيد المتواصلة تحت مفاهيم إسلامية، وإن كانت مبنية على أسس غير شرعية؛ كونها مستوردة من دول معادية للإسلام والمسلمين، أو من منظمات مخترقة استخباراتياً. على سبيل المثال، فإن مقاطع الفيديو التي تحرض الشباب على الخروج إلى أماكن الجهاد، تقوم على أساس تجييش العواطف، واستغلال كرامات القتلى؛ مما شكّل - مع الأسف - بؤرة جذب حادة لكثير من صغار السن، من الذين لا يفرّقون بين الصواب، والخطأ.

حملة هنا، وأخرى هناك، - كل ذلك - بفضل السيل الجارف للإعلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قدمت أبناءنا بدم بارد إلى أماكن القتال؛ ليشهد الواقع أن هناك من يعمل جاهدا في مأسسة التغرير، وتقديمهم إلى شلالات الدم؛ ولأننا لا نريد إغفال التجربة، فقد حدثني رئيس حملة السكينة - التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية - المتخصصة في محاربة الأفكار المتطرفة الشيخ عبد المنعم المشوح، بأن أغلب التجنيد الموجه للشباب السعودي يكون عبر «تويتر»، وإن كان التجنيد - الآن - يتم بشكل موسع في الإنترنت، وغيرها على أرض الواقع من خلال اللقاءات الخاصة، ويستهدف الشباب بجميع اتجاهاتهم، ومستوياتهم. وهذا يعيدنا إلى سنة 2003م، عندما كان تجنيد الشباب السعوديين - بشكل مكثف - يتم عبر المنتديات، والمجموعات الخاصة؛ لكن «تويتر» يتصدر الوضع في الإنترنت - حالياً -.

ويؤكد الشيخ عبد المنعم أن دراسة يدوية أجريت على الهاشتاقات المحرضة للسعوديين؛ للمشاركة في القتال في سورية - ضمن جماعات متطرفة - وذلك في الفترة من 15/11/ 2013م، إلى 15/12/2013م، حيث اتضح: أن هناك «160» هاشتاقا محرضا للسعوديين للمشاركة في القتال في سورية ضمن جماعات متطرفة. واتضح - كذلك - أن عدد الحسابات المحرضة، التي تحمل الاشتراطات الفكرية للدراسة، بلغت أكثر من «1500» حساب، ما يعني: أن «1500» حساب قام بعملية تحريض للسعوديين بشكل واضح للمشاركة في القتال الحاصل في سورية.

كتبت مرة، أن العمل على استرداد عقول الشباب قبل أجسادهم، ومحاربة جهود التفريط، لن يكون إلا بتسليط الضوء على فكرة الجهاد الصحيح، وأسسه، وقواعده التي يبنى عليها، وهي مهمة العلماء الراسخين في العلم قبل غيرهم؛ لإبراز رسالة الإسلام، والاهتمام بمقاصد الشريعة، ومنها: فريضة الجهاد - كما بينت - بعد أن طالته أيادي العابثين، وأفرغته من مضمونه بما لا يقره شرع، ولا يرضاه عقل.

في كل مرة، تبرز أسماء شباب تركوا أوطانهم، وضحوا بأعز ما يملكون؛ ليتوجهوا نحو ساحات ساخنة في المنطقة؛ ولنشتكي - حينئذ - من عملية الأدلجة الفكرية، التي تتعرض لها هذه الفئة العمرية، بعد أن تبنوا آراء لا تخصهم، وأفكارا تخدم غيرهم؛ وليتم توظيفهم بعد ذلك أيديولوجيا معياريا تجاه قضايا معقدة، تزايد عليها، وتفاصل معها؛ وليكونوا - في نهاية المطاف - أسرى لاختطاف فكري، وعبث شرعي، قادر على إعادة إنتاج التطرف، وأدلجة المجتمع.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب