Monday 24/02/2014 Issue 15124 الأثنين 24 ربيع الثاني 1435 العدد
24-02-2014

الولد سرّ أبيه

قبل أيام كنت في معيّة مجموعة من الأصدقاء الأعزاء في أجواء ربيعية خلاّبة في (فيضة الهبكه) شمال الحيانية 150 الحدود الشمالية، وأخذ أحد المجموعة (يذب الهجيني على جال النار والدلال) بأبيات كأنه يعتب من خلالها على حال التحوّل في طباع البعض في المجتمع، خاصة ممن لم ينهجوا نهج آبائهم في الكرم والتواصل مع الناس في كل ما له صلة بالعادات الاجتماعية الفاضلة ومكارم الأخلاق، وقال ما نصه: (بيبان مجالسهم مصكوكة حتى المقبرة يزورونها الناس وهم ما يزورون الناس ولا أحد يزورهم، وعيالهم يبون يمشون ممشى أبوانهم عقبهم)، وهو إذ يطرح ببساطته وعفويته الهادفة سلبية نرصدها، لأن الرصد أول خطوات العلاج، ما الذي يجعل البعض ينزوي عن - دروب المرجلة والسلوم - هل هو البخل؟! وإذا كان قدوة لأبنائه فماذا سيكون عليه جيل قادم من أبنائه وأحفاده قال تعالى: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) «16 سورة التغابن».

وعن جابر - رضي الله عنه - قال «ما سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً قَطُّ فقال: لا». متفق عليه. وجاء في شرح الحديث في رياض الصالحين في «باب الكرم والجود» ص222 «ما سئل شيئاً فقال: لا» أي ما سُئل - صلى الله عليه وسلم - شيئاً من المال فمنعه أحداً، إن كان عنده أعطاه، وإلاَّ وعده ولم يخلف العطاء.

يقول الشاعر عدي بن الرقاع:

والمرءُ يُورِث مجدَهُ أبناءهُ

ويَمُوتُ آخر وهو في الأحياءِ

ثم إذا لم يكن من الذات دافع ذاتي للإقدام على كل ما يرفع الرأس عالياً والإحجام عن كل ما يُعيب، فلا - مناص - من مواجهة النفس بما لها وما عليها يقول الشاعر ابو تمام:

فلا واللهِ ما فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ

ولا الدُّنْيَا إذا ذَهبَ الحَيَاءُ

إذَا لَمْ تَخْشَ عاقِبَةَ اللَّيالي

ولم تَستَحِْ فَافْعلْ ما تَشَاءُ

ويقول الشاعر الشعبي راشد الخلاوي قبل أكثر من مئتي سنة:

ومن كان ذا مالٍ ولم يكسب الثنا

فلا المال موفورٍ ولا الحال كاسبه

ولا خير في حالٍ غلا المال دونه

ولا خير في مالٍ حوى ذم صاحبه

والرجل السوي - الكفو - لا بد أن يجاري الرجال الطيبين في نهجهم لأنه جزء من مجتمعهم.. يقول الشاعر ناصر بن فايز:

أمشي على دربٍ رفيقي مشى به

عندي لمثله يلزمن المواجيب

والرفقه اللِّي ما وراها مثابه

تنعاف ومصافاة راعي الردى عيب

ولا بد أن يكون - للشخص - نظرته الاستشرافية التي تتجاوز آنيته، فالابن غالباً سينهج نهجه والمثل يقول (الولد سرّ أبيه Like Father like son).

وقفة للأمير الشاعر محمد بن أحمد السديري - رحمه الله -:

دنياك يا مخلوق يظهر بها أشكال

توريك صفحاتٍ وتكشف لك الغيب

تخفي عنك حالٍ وتبدي لك أحوال

تكدر مشاريبٍ وتصفي مشاريب

يهفا بها جيلٍ وتخلق بها أجيال

ولو أضحكت تبكى وفيها عذاريب

للمفتهم فيها جديدات واسمال

بيضٍ لياليها وسودٍ غرابيب

abdulaziz-s-almoteb@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب