Sunday 09/03/2014 Issue 15137 الأحد 08 جمادى الأول 1435 العدد
09-03-2014

الأسماء المستعارة .. والسرية !

ما حدث ويحدث يوميًّا .. في الإعلام المتجدِّد، بشبكاته وما يقدم من منتجات تتكاثر وابتكارات لا تكف عن مفاجاتنا وإبهارنا لدرجة السحر.. شيء يشبه الاختطاف لحواسنا ووقتنا، طاقاتنا، حياتنا، ورضى واستسلام..!

أليس هذا العالم المتجدِّد بطاقاته وإمكاناته وابهاره يستحقُّ أن نحضر فيه بوعينا، بحقيقتنا كما نحن أو ببعضها دون خوف؟ سُئلت ذلك قبل أن أضيف في جلسة حوارية عن الإعلام الجديد بمعرض الكتاب الخميس الماضي.

الأسماء المستعارة لها تجارب قديمة، قبل وسائل الإعلام، ومع الصحف انتقلت الظاهرة.

يوجد كتاب عنوانه «الفكر والرقيب» للباحث الأستاذ محمد القشعمي، عن «الأسماء المستعارة في الصحافة» يورد ما عدّده 305 أسماء، و59 اسمًا من أسماء الشعراء الشعبيين.. تواري البعض خلف اسم مستعار ظاهرة قديمة تاريخيًّا، ومستمرة وإن اختلفت الأسباب.

بريد القراء كان وسيلة التفاعل الأولى في الإعلام القديم أو التقليدي..

وفيه كان أول مقال لي على الإطلاق، وتحديدًا بجريدة عكاظ مع خطأ في اسمي (ناصر الرامي)! سامحهم الله..!

في جريدة الرياض وبعد أن أصبحت عضوًا في فريقها المهني متعاونًا.. كنت أكتب باسمي الصريح في المحليات والاقتصاد.. وكنت أكتب بين وقت وآخر في قسم الفن، لكنى كنت أمهر أخباري الفنيَّة باسم (ناصر الصالح)، فأسرتي مثل كل الأسر السعوديَّة تقريبًا في عصر «الصحوة» الغابر محافظة..!

تطلب الأمر منى سنة أو أكثر حتَّى قرَّرت أن أعيش في ثوبي.. وأن أكون أنا أنا.. واجعل كل موضوع باسمي ما دمت أعبر عن ذاتي.. وقناعاتي.

وقتها أيضًا- كنت ادرس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة.. وكان جزء من التدريب الميداني العمل بجريدة الجامعة (مرآة الجامعة) وبحكم عملي الصحفي في ذلك الوقت كان لديّ مساحة للإشراف والاهتمام ببعض الصفحات والموضوعات الرئيسة أحيانًا، ومن بين الصفحات كانت صفحة أو صفحتان مخصصتين لمقالات الطلبة.

طبعًا كما في كلِّ جامعتنا لليوم أقسام معزولة ومخصصة للطالبات، ولم تكن لهن مشاركة فاعلة في الجريدة.. فكرت في أسلوب حينها، وذلك لتحريضهن.

وفعلتها.. كتبت مقالاً صغيرًا عن خواجة يعيش في الرياض ويسمي الجامعة كُلَّما يغادر للمطار.. «مصنع المطاوعة».. كان هذا هو العنوان وموقع باسم «طالبة»..هكذا بلا اسم!

لا أعرف إلى اليوم كيف مرّ المقال والعنوان والتوقيع.. كرّرتها أكثر من مرة.. ثم بدأت مقالات لطالبات حقيقيات تصل.. وإن كانت محدودة.. وخجولة أيْضًا وغالبًا توقع بالاسم الأول والثاني، دون اسم العائلة.

للسرية عمومًا أسبابها التي تدفع شخصًا ما إلى الاستمرار بالكتابة تحت اسم مستعار.

السبب الأقدم هو ذلك المرتبط بالرهبة، من رقابة السلطة، أو الرقابة الدينيَّة والاجتماعيَّة.

لكن في عالم الإعلام المتجدّد فإننا نضيف السبب الأكثر رواجًا اليوم، وهو المادي، من يعمل في جهة حكومية مثلاً، وشركة كبيرة ماليَّة أو منظمة قد يحجب اسمه خوفًا من العقاب الوظيفي!

ثم هناك السبب الأكثر انتشارًا في اعتقادي.. الكتابة خلف حجاب أو خمار يلغي المسئولية، مسئولية ما يطرح، ومسئولية التجاوز عن النص السائد.. يؤكّد ذلك أننا نجد البعض يكشف عن نفسه حين يجد قبولاً أو حضورًا جيدًا..

صحيح أن السرية لن تغيب لكن تأثيرات الأشخاص السريين تتلاشى!

ثم من يعتقد أن هناك سرية، ويتوسدها حين يكون على اتِّصال بأي شبكة اتِّصالات وداخل الشبكة العنكبوتية عليه أن يعيد التفكير بقواه العقلية.. هو ببساطة يضع رأسه في الرمل وجسده عارٍ دون أن يدرك..!

@AlsaramiNasser

مقالات أخرى للكاتب