Tuesday 11/03/2014 Issue 15139 الثلاثاء 10 جمادى الأول 1435 العدد
11-03-2014

رأس المال الجريء وتوطين التقنية

في مقالي السابق « الأمير سلمان...ومثلث التقدم» أشرت الى زيارة الأمير سلمان لعدة دول آسيوية ذات ثقل صناعي وتقني ووضعه للأطر وأفق التعاون الرئيسية في مجالات عديدة منها علمية وتقنية نحن بأمس الحاجة لتوطينها، الذي هو استمرار لنهج القيادة الرشيدة الحريصة على كل ما يسهم في بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام يقلل من الاعتماد على سلعة ناضبة «النفط»، من خلال تنمية الإنسان السعودي والنهوض به وفق خطط وبرامج تنموية متتالية باعتبار التنمية البشرية هي الأساس لتحقيق التنمية المستدامة، وما برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي الموجه لابتعاث أبنائنا المتميزين في تخصصات علمية وتطبيقية حديثة تحتاجها المملكة، إلا إحدى آليات تحقيق هذه التنمية، الذي -بحمد الله-بدأنا نجني ثمار هذا البرنامج االضخم، منهم من برز وحقق إنجازات علمية وابتكارية عالمية في مجالات تقنية وطبية متقدمة ولديهم طموح أن تتحول إبداعاتهم الى منتجات تغزو الاسواق، والذي لاشك انها لا تتحقق الا من خلال عدة خدمات أبرزها التمويل.

تاريخيا، في الخمسينيات الميلادية للقرن الماضي برز نمط تمويلي جديد في الولايات المتحدة الأمريكية اصطلح على تسميته «رأس المال الجريء أو المغامر أو المخاطر» Venture Capital ـ وهو مماثل لنمط التمويل الإسلامي المعروف بـ» المرابحة الشرعية» أي المشاركة في الربح والخسارة ـ، لتمويل نتائج الأبحاث العلمية من اختراعات وابتكارات خاصة في المجالات الواعدة وعالية المخاطر منها صناعة التقنيات المتقدمة كالحاسب الآلي والهواتف الذكية والالكترونيات والبرمجيات وتقنية الاتصالات والمعلومات...الخ. هذه القناة التمويلية غير التقليدية التي تهدف الى تحويل المعرفة الى قيمة اقتصادية او منتج نهائي يتم تداوله في الاسواق، يقف وراء غالبية الصناعات والابتكارات والاختراعات الكبرى التي غيرت حياة الناس في وقتنا الحاضر، حيث يقدر ان رأس المال الجريء تجاوز 14 ترليون دولار في الدول الصناعية الكبرى.

من خلال النظرة على توصيات المؤتمرات والمنتديات ذات العلاقة برأس المال الجريء السابقة، وما يطرحه المفكرون والاقتصاديون والماليون وأصحاب الخبرة وما تتضمنه اهداف الخطط الخمسية، نجد أنها تتعالى الاصوات بأهمية ايجاد قنوات استثمارية جديدة ترتكز بشكل كبير على رأس المال الجريء وتوفيره لتمويل الافكار الريادية والابتكارية وكنواة اقتصادية مهمة ومنافسة في الاسواق العالمية وخلق فرص عمل جديدة يدعمه اقتصاد وطني قوي يعيش فترة ذهبية. بالرغم من الايجابيات الاقتصادية في الاستثمار في المشاريع الريادية وعالية المخاطر على المدى البعيد، الا ان هناك إحجاما واضحا من القطاع الخاص والمستثمرين والمؤسسات المالية في تمويل تلك المشاريع في الوقت الحالي -ربما- تُعزى لتوفر الفرص الاستثمارية مضمونة النجاح والربح السريع وقليلة المخاطر، إضافة لعدم الوعي بأهمية الاستثمار برأس المال الجريء.

من هذا المنطلق، أرى-وكبداية- ان تتحمل الدولة توفير رأس المال الجريء من خلال أحد صناديقها او بنوكها التمويلية الرئيسية، لوفرة السيولة المالية الحالية والدخل الوطني العالي مع وضع الآليات والتشريعات الكفيلة بتوفيره، كصندوق التنمية الصناعية السعودي او بنك التسليف والادخار الذي أرى انهما الانسب للمساهمة لتمويل المشاريع الريادية والواعدة وعالية المخاطر التي تحتاج لرأس المال الجريء.

مقالات أخرى للكاتب