Saturday 15/03/2014 Issue 15143 السبت 14 جمادى الأول 1435 العدد
15-03-2014

الدار قبل الجار.. لكن «وين الدار»؟

يقول المثل الشعبي القديم «الجار قبل الدار»، طبعا إشارة إلى أنهم كانوا يبحثون عن جار «سنافي» ينشد فيه الظهر، جار يحفظ غيبة جاره ويعينه على نوائب الدهر، جار كريم وشهم لا يؤذي جاره ولا يزعجه ولا حتى بالصوت.

يبدو لي أن الطيبين أهلنا وأبناء بلدنا الكرام والذين عاشوا في زمن مضى لم يشهدوا ما يسمى حاليا بأزمة السكن، ولم يدخلوا سباق اللهاث للظفر بقطعة أرض حتى ولو كانت في الصحراء القاحلة، لم يؤرقهم هذا الهم الجاثم حاليا على صدور أحفادهم لذلك ركزوا كل اهتماماتهم في اختيار الجار ليس المناسب فقط بل الجار الذي يجمع أكبر قدر من المميزات، جار مثلما يقولون كامل الأوصاف!

ولأن أزمة السكن لم تكن قائمة في زمن الطيبين كان شغلهم الشاغل البحث عن الجار الحلو، أما الدار فالأراضي في كل ديرة ، والبناء لا يستغرق وقتا طويلا فالمواد موجودة والعمالة متوفرة، والأمور سهلة وميسرة وأي تنفيذ يكفي ويوفي لأنه زمن مفعم بالبساطة والسهولة والتيسير فالمهندس يخطط برجله ومن ورائه الحرفية يبنون وكم يوم والعائلة تسكن في منزلها الجديد المشيد على أحدث طراز وفق مقاييس أهل الطيبة والبساطة، وليس مثل هذه الأيام إن وجدت الأرض فالمخطط عند أفضل مهندس والبناء وفق أرقى المعايير والله يعين «اللي» ماعنده دراهم فذلك رجل سيقضي ما بقي من عمره مرتحلا من سكن إلى آخر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا!

الفارق بين زمن البساطة والزمن الحالي أن أزمة المساكن هي عنوان هذا العصر على الأقل من الناحية الاقتصادية، لذا فإن الدار أصبحت قبل الجار، الحصول على الأرض لبناء الدار الحلم غاية في الصعوبة، والظفر بقيمة تكاليف البناء مهمة شبه مستحيلة نتيجة ارتفاع اسعار مواد البناء وندرة العمالة وارتفاع أجورهم،لذلك نسي الناس الجار وتحول تفكيرهم للدار ولسان حال أحدهم يردد ماذا عساي أفعل بجار دون دار!

هذه المستجدات جعلت الغالبية العظمى من الطامحين للحصول على سكن يعلقون آمالهم على مشاريع وزارة الاسكان المنتظرة بفارغ الصبر، ووزارة الإسكان أطال الله أعماركم أنشئت قبل أكثر من ثلاث سنوات بأمر ملكي كريم وتحديدا في العشرين من ربيع الثاني عام ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين من الهجرة ، وهدف الدولة من إنشائها حل أزمة الاسكان بصورة تدريجية تضمن تشييد وحدات سكنية في كل مناطق المملكة إيمانا منها بأولوية السكن على كثير من ضرورات الحياة إلا أن الوزارة ومنذ انشائها لم نسمع من أخبارها وتصريحات مسئوليها إلا الوعود بقرب تسليم الوحدات للمواطنين لكن على الواقع لا نشاهد شيئا يدل على قرب تحقيق الوعود!

وأنا أقرأ تصريحات لمجموعة من العقاريين بالملحق الاقتصادي بهذه الجريدة «مات حيلي» وأدركت حينها أن حلول الوزارة ربما تكون بعيدة فهم يتحدثون عن المعوقات الحكومية البيروقراطية، ويستهجنون تهديدات الوزارة لهم بفرض الرسوم والغرامات، ويعزون الفجوة الحاصلة بين الوزارة والمطورين العقاريين إلى التخوفات التي أدت إلى العزوف مع قلة الحوافز وغياب المنظومة التشريعية!!

ما علينا، الناس ما لهم إلا ولد يقرأ ولا يريدون من الوزارة سوى الايفاء بوعودها فقد طال الانتظار.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب