Monday 17/03/2014 Issue 15145 الأثنين 16 جمادى الأول 1435 العدد
17-03-2014

الحالة البعيرية في وباء الكورونا..!

توالت الأخبار عن إصابات جديدة لمتلازمة الشرق الأوسط للالتهاب الرئوي بسبب فيروس الكورونا في منطقة الخرج، فقد أعلنت وزارة الصحة السعودية قبل يومين عن وفاة شاب في مقتبل العمر، وإصابة أربعة مواطنين، أحدهما كان بدون أعراض، وكان إعلاناً مقتضباً، يخلو من المعلوماتية والتفاصيل عن وباء أصبح متفشياً أكثر من قبل، واكتفت بترديد الأدعية الدينية في إعلانها عن الحالات، ولم يشر التقرير الوزاري عن اختلاطهم بالإبل، برغم من البحوث العلمية التي تشير إلى إصابة نسبة عالية من الإبل في المملكة بالفيروس، وارتباطها المحتمل جداً بنقل الفيروس للإنسان.

لعل الخبر الأهم جاء من أبوظبي قبل ثلاثة أيام، عندما أعلنت السلطات في دولة الإمارات عن إصابة أحد ملاك الإبل بالوباء الفيروسي، وتأتي أهميته في اختلاط المصاب بالإبل ، لذلك لابد أن ترصد وتعلن وزارة الصحة السعودية تاريخ اختلاط المصابين بالوباء بالإبل في كل إعلان لها عن وفاة أو إصابة جديدة، والجدير بالذكر أن السلالة الفيروسية بين إصابة الإبل ومرض الإنسان بالفيروس ثبت التطابق الجيني بينهما في حالتين في قطر، وهو ما يثبت أن ثمة علاقة مباشرة بين وباء الكورونا والإبل، وفي أوج انتشار الوباء الفيروسي بين الإبل تلتزم وزارة الزراعة والثروة الحيوانية الصمت المطبق، ولم نسمع عن أي إجراءات طبية للتعامل مع الوباء المنتشر بين الإبل،..

كان من إسقاطات البحث العلمي المهم والمنشور في 25 فبراير 2014، والذي شاركت فيه جامعة الملك سعود أن الفحص عن الفيروس وأثاره اختزل فقط على لعاب وبراز ودم الإبل، بينما لم يشمل ذلك بول وحليب الإبل، والذي يتم تناولهما من قبل بعض فئات المجتمع، وهو ما يستدعي فتح باب الأبحاث عن الموضوع بصورة أكثر شمولية عن مخلفات ومنتجات البعير، كما يفترض أن تتم إعادة مسح الحالات السابقة والبحث في تاريخ المرض عن تعرض المصابين للإبل ومنتجاتهم مثل الحليب والبول، كما يجب إجراء أبحاث محلية عن تطابق سلالات الفيروس المعني في الإبل والإنسان، والتي تم إثبات تطابقها في قطر.

البعير حيوان يتميز بنظرة متنكرة للأشياء من حوله، فهو لا يكترث كثيراً بالإنسان، ولا يتردد في أن يعبر الخطوط السريعة بدون أي اهتمام أو شعور بالخطر، كذلك كان تجاوب وزارتي الصحة والزراعة للخطر المحدق قريبة من تلك النظرة البعيرية المتنكرة للأشياء من حوله، فالسلوك البعيري غير المكترث بمخاوف المواطنين يطغى على بياناتهم، والدليل على ذلك أن وزارتي الصحة والزراعة لم يطلقا حملة توعية للمواطنين المصابين بأمراض مزمنة تحذرهم من الاقتراب أو زيارة أماكن ومهرجانات الإبل، برغم من أن منظمة الصحة العالمية أطلقت تحذيراً عن خطر زيارة المصابين بالأمراض المزمنة لأماكن الإبل.

في خضم الوباء البعيري، تذكرت مقولة الشيخ التنويري عادل الكلباني عن أن الإبل أسعد المخلوقات في بلادي، بعد أن أصبحت محاولات إنكار علاقة الإبل بوباء الكورونا ظاهره ملفته للنظر، وكنت أعتقد أن سعادة هذا المخلوق بسبب أنه يحظى بمنزلة دينية مختلفة عن بقية الحيوانات، لذلك يتميز عن غيره من المخلوقات بحرية التنقل والحركة في مختلف أنحاء المملكة، وأن له دون بقية الحيوانات أن يتوطأ «بطون» الأحياء والمزارع بدون استئذان، لكن يبدو أن السر في منزلته بين السعوديين يكمن في ذلك التشابه السلوكي بين البعير وبينهم، ويأتي على رأس تلك القائمة بعض المسؤولين..!

ذلك التوافق السلوكي وصفه الكاتب الدكتور عبدالعزيز الصويغ بالحالة البعيرية في مقال له في صحيفة المدينة عام 2010 ، وهو سلوك إنساني تجتمع فيه صفات البعير وتجهمه وكآبته وعدم اكتراثه بالآخرين، وقد برزت بالفعل تلك الحالة البعيرية بين بعض المسؤولين عندما أصبح البعير هو المتهم في قضية الوباء الفيروسي ، ويظهر ذلك في تجهمهم وكآبتهم، وفي تلك النظرة التنكرية للأشياء، والتي تظهر في تواصلهم المقتضب، وعدم اكتراثهم للأبحاث العملية ألمنشوره وتقارير المنظمات الصحية العالمية، وفي أيضاً عدم تفاعلهم المباشر مع الخطر الوبائي في المجتمع.

مقالات أخرى للكاتب