Tuesday 25/03/2014 Issue 15153 الثلاثاء 24 جمادى الأول 1435 العدد
25-03-2014

ما جدوى المساعي الحميدة لأصحاب النوايا الخبيثة ؟

يقول عبدالله بشارة في ندوة عقدها في الكويت عشية عقد القمة العربية في الكويت: «نحن في الخليج لنا مرئيات متقاربة، أساسها استراتيجية الحفاظ على النظام السياسي. ودول الخليج لا تريد لإيران أن تتوسع، وكذلك الأمر لغير إيران».

هذا القول لواحد من أبرز الدبلوماسيين في الخليج العربي، ويُعد المؤسس التنفيذي لمنظومة مجلس التعاون. فعبدالله بشارة حمل على أكتافه ترجمة رؤية المؤسسين الأوائل لمجلس التعاون، وأرسى فلسفة التحرك السياسي والدبلوماسي لدول الخليج العربي. ويجمع المنصفون على أن عبدالله بشارة كان له الفضل في ديمومة عمل المجلس رغم تعرضه إلى العديد من الهزات، خاصة في بداياته.

عبدالله بشارة ترجم المزاج الخليجي والرؤية الثاقبة للقيادات الخليجية، وأهمها الحفاظ على النظام السياسي في دول الخليج. ومعنى هذا ألا يُسمح بالتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عضو، سواء من داخل المجلس أو خارجه. وعليه، فإنه لا يكون مسموحاً لدولة عضو أن تكون جسراً أو ممراً لدولة من خارج المجلس للتدخل في شؤون دولة عضو. ومع أن بعض الدول كانت (تعرقل) إبرام الاتفاقية الأمنية لرفضها ضبط الانفلات وعدم الالتزام بما يتفق عليه لوقف هذه التدخلات من خارج الإقليم الخليجي إلا أن (التوافق) ظل يضبط علاقات الدول مع بعضها رغم تسجيل العديد من الخروقات التي تنعكس سلباً على الأنظمة السياسية في الإقليم في حالة استمرارها.

ليس فقط عدم الالتزام ببنود الاتفاقية الأمنية الخليجية الذي ميز سلوك دولتَين في عدم ضبط جماعات، بل حتى دول اتخذت من أراضيها مسرحاً لتهديد أمن بل حتى المستقبل السياسي للنظام، بل أيضاً عدم الالتزام بسياسة خارجية موحدة، أو حتى التفاهم على موقف متقارب من القضايا، وبخاصة المصيرية، جعل من قاعدة (استراتيجية الحفاظ على النظام السياسي لدول المنظومة) كلاماً غير واقعي، بل حتى مثيراً للسخرية. فكيف يمكن السير للحفاظ على النظام السياسي لدول الإقليم وبعض دوله الملتزمة ضمن منظومة مجلس التعاون بالدفاع عن هذه الاستراتيجية تقبل باستضافة تنظيمات ومراكز، هدفها تقويض تلك الأنظمة..؟!!

لنكن واضحين أكثر، وبشفافية مطلقة نتساءل: هل يجوز أن تقوم دولة عضو في المنظومة بتمويل واستضافة ما يسمى بـ(أكاديمية التغيير)، التي أُنشئت لتدريب الشباب العربي، وبخاصة أبناء دول الخليج، لتغيير النظم السياسية فيها؟ هذا شيء مؤكد، وليس فقط مرصوداً، بل إن المدعو هشام مرسي يتردد على ذلك البلد الخليجي ناقلاً الأموال منه إلى مراكزه في رومانيا وبولندا وباقي المراكز في أوروبا التي دربت الشباب العربي على القيام بـ(ثورات الفوضى والعنف).

أيضاً توظيف الإعلام لتهديد أمن دول الخليج العربية. ولنأخذ (الجزيرة القطرية) نموذجاً، وكيف تحولت هذه الفضائية إلى منبر للتحريض وتوجيه الفتن والفوضى في أحد ملتقيات الإعلام العربي، ووقف مدير غرفة الأخبار في محطة الجزيرة القطرية الفلسطيني الأصل البريطاني الجنسية وهو يفاخر بأنه (لولا الجزيرة) لتأخر (الربيع العربي) عشر سنوات قادمة، أو لضاعت الفرصة تماماً لتغيير الأنظمة العربية..!!!

ويتكامل هذا الدور مع إقامة مراكز البحث والدراسات التي ينشط المختصون فيها، وجميعها من غير أبناء الخليج العربي، على إعداد دراسات لتغيير الأنظمة السياسية في دول الخليج العربي.

وأخيراً، وليس آخراً، أصبحت تلك الدولة ملجأ آمناً لكل المحرضين والمتآمرين على أمن دول الخليج، ومنهم (الإخوان) الذين أصبحوا رأس الحربة في مواجهة الأنظمة السياسية في دول الخليج العربية؛ لأن الثروة النفطية بهذه الدول - وحسب أقوال وأدبيات الإخوان - كفيلة بتمويل نشاط الإخوان وجهودهم لتغيير الأنظمة الخليجية، وإقامة نظامهم الذي يحلمون به، والذي حتماً لن يكون فيه مكان لنظام الدولة التي تحتضنهم حالياً.

أمام كل ما ذكرنا هل هناك جدوى من (مساعٍ حميدة) ووساطات طالما ظلت هذه الدول على غيها وتمسكها بهذه الاستراتيجية التي تتعارض مع وتضرب استراتيجية تأسيس مجلس التعاون؟

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب