Tuesday 01/04/2014 Issue 15160 الثلاثاء 01 جمادى الآخرة 1435 العدد
01-04-2014

بعض رائحة الثقافة! 2 - 2

وزارة الثقافة في مكانة عزيزة بالنسبة إليّ تربعت عليها، لأنني أنتمي إنسانيا إليها. ولأنني - وهذا مهم - لم أشعر مرة بأن هذه الوزارة تسير في طريق تخوين أو خذلان لمشروعات بعضها أحسبه نوعا من الترف الذي لا ينطلي على مجتمع لم يأت للحياة مدججا بملاعق الذهب، لكنه جاء في ظروف كانت فيها الحياة شديدة الصعوبة، ومنها

تعلم أنه لكيْ تقوم بعمل ما وبشكل يرضي حتى المتشائمين فإن هذا وحده يشفع لك إن كنت مخطئا ويمدّ أمامك المسافات لترى ما لم تكن تظن أنك سترى!

وعلى سبيل المثال فإن كثيرين من محبي (التندّر) يسمون الأندية الأدبية (مركازا) لأولئك الذين تقدموا في العمر، ولم يجدوا ما يقومون به من عمل سوى التردد على الأندية، وهم بذلك يظنون أنهم أحسنوا التعبير، بينما في الواقع هم وصفوا الواقع بنزاهة لكنهم أكملوا وصفهم بطريقة مجانية وبجحود بالغ. فالأدباء والكتاب الشيوخ من المحاربين الثقافيين في زمن لم نكن تعلمنا فيه الألفباء جديرون بأن تعتني بهم الدولة، وتوفر لهم ولو مثل أماكن الأندية الأدبية ليمارسوا الحوار ويضيفوا لخبراتهم في مكان يشعرون بأنهم هم أصحابه، ويشعرون فيه أيضاً بأنهم فئة غالية لدى مواطنيهم ودولتهم. ومثل هذه الدوافع النبيلة يتجاهلها بعض الذين دخلوا عالم الثقافة من باب الظهور ومن خلف النوافذ، ليجدوا كل حين صورهم وأسماءهم في تغطيات ثقافية لا يمتّون إليها بصلة.

ونلاحظ - الآن - أن مجالس إدارات الأندية الأدبية لم تعد حكْرا على كتاب ومثقفين كان دورهم تنويريا وحينا كان خاملا، لكنهم مع التقدم الذي تعيشه ثقافتنا المحلية وتشريع انتخابات مجالس الإدارات وكثرة الشباب المبدعين من الجنسين، فإن الوزارة تضع في اعتبارها فقط - مدى إسهام شخص ما في الحراك الثقافي المحلي والعربي - لكي ترمي بأمانة النادي إليه فيصبح من شروط (المثقف العامل أو الفاعل) توافر قيمة صيانة الأمانة، وعدم التخلي ببساطة عن الآراء التي وإن تكن ممتازة إلا أن هنالك نفرا من مثقفي مرحلة الرفاهية لا (يستمزجون ) هذه الآراء. وإنني أملك الأدلة الكافية وغير الخاضعة للنقاش السفسطائي ما لو قلته هنا لقيل إنني دخلت (مرحلة الارتزاق) في الكتابة ! وهي مرحلة - لو تعلمون - بشعة وشائهة وجبانة.

وهذا هو الحدّ الأقصى الذي يمكن للإنسان تحملّه. أعدنا إلى الزمان العتيق يا الله!. هل بدأ أهل الثقافة يأخذون (كورسات) طبية ويعرفون كيفية استعمال جهاز قياس ضغط الدم!!

أتُراهم يبدون ما لا يخفون؟ أم أنهم يخفون ما لا يبدون؟!.

دع عنك ابتسامة المنصات والاحتضان العميق للكتاب الذين يستحقون الاحتضان. أولئك الذين حفروا دروبا كانت بالنسبة لنا ولمجتمعنا وأهلنا ضروبا من المستحيل وتشبه الحكايات الأسطورية التي يروونها لنا قبل النوم أو في العصاري، حيث يكون الجوّ مغيّما بأشرطة ذهب الأصيل.

إنني لا أستطيع وصف مشاعري وأنا وقبل قرابة 40 عاما أتابع مع أمي وأخي وأخواتي مسلسلا إذاعيا محبوكا اسمه (ومرت الأيام) عن رواية الكاتب الكبير (حامد دمنهوري). إذ يراودني شعور بأننا مثل كل الأوطان نملك مبدعين و فنانين ومحترفي ثقافة وليست ثروتنا الوحيدة هي النفط !. إنّ أقلّ ما يجب أن نقوم به تجاه الرعيل الأول من الكتاب والمفكرين هو إطلاق أسمائهم على فعاليات ثقافية وشوارع ومقاهٍ وحدائق.

hjarallah@yahoo.com - alhomaidjarallah@gmail.com

www.jarrallah.com - حائل

مقالات أخرى للكاتب