Thursday 03/04/2014 Issue 15162 الخميس 03 جمادى الآخرة 1435 العدد
03-04-2014

الأمان الوظيفي بين القطاعين الحكومي والخاص

ظاهرة الأمان الوظيفي من الظواهر التي ابتلي بها قطاع الأعمال فساهمت بشكل أو بآخر في النفور من القطاع الخاص وزيادة التضخم في القطاع العام مما ساهم في زيادة ميزانية الدولة عاماً بعد عام، كما ساهمت في تكوين انطباع عن القطاع الحكومي بأنه قطاع ضعيف الإنتاجية وكثير الإجازات وتقل فيه المحاسبة والانضباط مقارنة بالقطاع الخاص.

القطاعان الحكومي والخاص هما مثل الجناحين للطائر فلا يمكن أن يحلق الطائر بجناح واحد، وحتى يكون التحليق صحيحاً يجب أن يقوم كل قطاع بالدور المطلوب منه، وأن يكون هناك شراكة وتنسيق متكاملان بين القطاعين، وعلى الرغم من الدعم المقدم من القطاع الحكومي للقطاع الخاص فإننا نجد بأن ثقة الشباب في القطاع الخاص لاتزال دون المستوى، فالموظف في القطاع الخاص قد يترك وظيفة براتب يصل إلى 10آلاف ريال لينتقل للقطاع الحكومي براتب لايزيد عن 6 آلاف ريال كل ذلك بحجة الأمان الوظيفي وعدم الثقة في القطاع الخاص.

هناك دراسة أكاديمية حديثة بعنوان: «أثر توافر المعلومات في التعامل مع ظاهرة انتشار البطالة بين خريجي الجامعات السعودية» قامت بها كل من الدكتورة ناريمان متولي والدكتورة زهير مالكي من جامعة طيبة بالمدينة المنورة كشفت بأن هذه النظرة قد تغيرت وأن 81% من عينة الدراسة أفصحوا عن قناعتهم بأن الأمان الوظيفي ليس محصورا في القطاع الحكومي فقط.

كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن 65% من الشباب الجامعي اعترفوا بضعف الإرشاد الأكاديمي مما جعلهم يختارون تخصصاً غير مرغوب فيه من قبل سوق العمل، وفي المقابل رأى 48% منهم أن تخصصهم لايضمن لهم وظيفة مقبول بعد التخرج مباشرة، وقد أشارت الدراسة إلى أن «بعض التخصصات تضمن لخريجيها وظائف مقبولة في سوق العمل، نظرا لأن هذه التخصصات تتواءم مع احتياجات هذه السوق، وبخاصة تخصصات الطب والهندسة والحاسب الآلي وإدارة الأعمال، بعكس التخصصات النظرية»، في حين أظهرت الدراسة أن 75 في المائة يرون وجود فجوة بين ما تقدمه الجامعات من تخصصات وبرامج وبين احتياجات سوق العمل.

قد يكون الأمان الوظيفي شماعة للانتقال وقد تكون الأسباب الحقيقية هي عدم الرغبة في الالتزام والانضباط والعمل لساعات طويلة وهي أمور غير ممكنة في القطاع الخاص وموجودة في القطاع الحكومي وحرصاً على التكامل بين القطاعين فقد قامت وزارة العمل بإطلاق برنامج (ساند) لتحفيز العمل في القطاع الخاص والاستمرار فيه فالبرنامج يعمل على التأمين ضد التعطل عن العمل ولسد الفجوة الانتقالية بين الوظيفة السابقة وفرصة الحصول على وظيفة جديدة، ومثل هذه الخطوة ستزيد الثقة بلاشك في العمل في القطاع الخاص كما ستساهم في تحفيز الشباب والشابات للانضمام لفرص العمل الموجودة هناك والاستقرار فيها.

من يعمل في القطاع الخاص وخصوصاً من يحسن العمل ويجد ويجتهد ويحسن اختيار الشركة التي يعمل فيها يصبح مثل اللاعب المحترف الذي يمكنه اللعب في أي ناد وبدلاً من أنه يخشى من الأمان الوظيفي فإن العكس قد يحدث وهو أن الشركة ستخشى أن يتركها وستحرص على أن لا تفقد خدماته وأن تقدم له العرض المناسب لبقائه وخصوصاً إن كان من الشباب الجاد ذي المهارات والقدرات المتميزة.

العمل في القطاع الخاص اليوم يختلف كثيراً عن الماضي، فالقطاع الخاص وفي ظل المنافسة والإجراءات الجديدة لوزارة العمل يبذل ما في وسعه لاختيار الكفاءات، وعندما يجد الشخص المتميز الكفؤ فلا يمكن أن يفرط فيه، ولذلك فهو يقدم له كل الأمان الوظيفي الذي ينشده، مما جعلنا اليوم نرى في بعض القطاعات هجرة عكسية من القطاع الحكومي للقطاع الخاص تأكيداً بأن الأمان الوظيفي أصبح ظاهرة في طريقها للزوال.

مقالات أخرى للكاتب