Friday 25/04/2014 Issue 15184 الجمعة 25 جمادى الآخرة 1435 العدد
25-04-2014

عراق المالكي!

لا أعتقد أن العراق، و وزن العراق، ومكانة العراق داخلياً وخارجياً، قد وصل في مرحلة من مراحل تاريخه إلى هذا التدني والضعف والرعونة على كافة المستويات مثلما أوصله إليه نوري المالكي وحزبه حزب الدعوة؛ السبب أن المالكي مجرد أجير لملالي إيران كما هو معروف، لا يملك أن يتخذ قراراً مستقلاً دون أن يعود إلى الولي الفقيه في طهران، فيزن القرار ليس بميزان مصلحة العراق وأمنه وتنميته وإنما حسب مصالح الملالي في طهران. ولولا المزاج الطائفي الذي يطغى الآن على شعوب المنطقة، وخاصة على شعب العراق، لكان هذا الرجل لا يعدو أن يكون إنسانا هامشياً لا قيمة له هناك.

المالكي صرح في لقاء له مع فضائية حزب الله (المنار) اللبنانية بثته يوم الثلاثاء الماضي قال فيه: (العراق يعيش «حالة حرب» مع السعودية، ولكن بلا جيوش). هذا التصريح قاله في لقاء مع فضائية لبنانية تدين بالولاء، بل والعمالة، لملالي إيران، كما يعترف أساطين حزب الله بذلك علناً؛ وصرح به الآن، وبهذه اللغة الحادة، وغير المسؤولة، التي لا علاقة لها بالأعراف الدبلوماسية المرعية، ليُثبت للإيرانيين وليس غيرهم أنه الأجدر برئاسة الوزراء وفي إخلاصه لهم وتفانيه في حماية مصالحهم من بقية الشيعة الآخرين المتنافسين على رئاسة الوزراء، التي ستجري معركتها في غضون الأيام القليلة القادمة؛ فهو يريد أن يقول للإيرانيين بالمختصر المفيد : (أنا والعراق حرب على من حاربكم، وسلم على من سالمكم)؛ خاصة وأن التيار الشيعي السياسي (المتأسلم) في العراق يشهد تشظيات بين أطيافه لم يشهدها في تاريخه القريب منذ أن انسحب الأمريكيون من العراق، وتحديداً بعد انشقاق الصدريين - وهم كتلة سياسية مؤثرة - عنه؛ فهو بهذا التصريح الموجه أولاً للإيرانيين هدفه أن يضغط ملالي إيران على مقتدى الصدر ليعود إلى بيت الطاعة، وينتظم معه في ذات الخندق الشيعي الذي يدين بالولاء للفرس وليس للعرب.

وليس من سبيل لنوري المالكي لكي يفوز بولاية ثالثة إلا إثارة النعرة الطائفية؛ وإلا فالعراقيون اليوم حين يقارنون بين أوضاع منطقة أكراد العراق المستقلة عن سلطة المالكي، حيث الأمن وتطور الخدمات والحياة المطمئنة وأقاليمهم التي تسيطر عليها إيران من خلال المالكي، والتي تعج بالتخلف في كل مناحي الحياة، وعلى رأسها الأمن المتدهور الذي عجز المالكي من أن يكبح جماح تدهوره، وكذلك تدني الخدمات كالماء والكهرباء، يجدون البون الشاسع بين أوضاع مناطقهم ومنطقة كردستان العراق؛ علماً بأن ريع بترول العراق الذي حصلت عليه حكومة المالكي بلغ ما يربوا على (خمسمائة مليار دولار )خلال فترة حكم المالكي، وفي المقابل فإن ريع بترول كردستان العراق أقل من ثلث هذا المبلغ، ولا يمكن المقارنة بين ما ينعم فيه الإنسان العراقي الكردستاني اليوم والتردي الأمني والخدماتي الذي يعاني منه الإنسان العراقي العربي.

يقول الباحث العراقي «جودت هوشيار» في مقال له يقارن فيه بين العراقين، عراق الأكراد وعراق العرب : (الأجانب يأتون إلى كردستان أيضا من اجل التعرف على منطقة عريقة في الحضارة و ثقافة مختلفة وعلى التسامح السياسي و الديني السائد فيها و التمتع بسحر طبيعتها الخلابة. كردستان اليوم تتمتع بكل هذا، و يبدو لنا أن النهوض الحضاري لإقليم كردستان هو الذي يثير حفيظة المالكي، لأن المواطن العراقي يقارن بين الحياة الآمنة الهادئة في الإقليم و ما يشهده من ازدهار وحرية و تسامح و بين الحياة البائسة في المحافظات الخاضعة لسلطة المالكي وما تشهده من فساد و خراب و فوضى ومن قمع و تمييز).

وهذا ما جعل المالكي يختلق (حرباً بلا جيوش مع السعودية) كما يقول؛ فالفاشل لا بد له كي يبقى من مشجب يُعلق عليه أسباب فشله؛ هذا هو الوضع في عراق المالكي ليس إلا.

إلى اللقاء.

مقالات أخرى للكاتب