Monday 28/04/2014 Issue 15187 الأثنين 28 جمادى الآخرة 1435 العدد
28-04-2014

الثامنة .. التخصصي .. والحكماء فيصل وأمل!

ثروة كل أمة شعبها، وتنمية الإنسان قبل تنمية البنيان. ما أحوجنا في هذه الأيام لأخبار الإنجاز والإبداع في كل مجال في محيطنا العربي عامة والوطني خاصة. ولشد ما أبهرني فأشعرني مثل كثيرين غيري بالفخر، إبداع الدكتور فيصل العتيبي والدكتورة أمل مقيم واللذين استخدما وطوراً تقنية علاج التقلص والتشنجات العضلية والعصبية في مستشفى الملك فيصل التخصصي،

حيث استضافهما الإعلامي داود الشريان في برنامجه الجماهيري (الثامنة).

يستشف المتابع لهذا اللقاء من طريقة شرح الدكتور فيصل السهلة لإفهام غير المتخصصين عبقرية هذا الرجل التي أثمرت بفضل الله تعالى في علاج حالات مستعصية لأناس لم يكونوا قادرين على المشي أو حتى الأمساك بقلم أو ملعقة على سبيل المثال، فصاروا يعيشون حياة طبيعية بفضل الله، ولا يصعب في رأيي التقاط إشارات العبقرية في هذا الرجل من سحنته وطريقة حديثه.

والدكتورة أمل مقيم أبهرت المقدم وملايين المشاهدين كذلك بحدة ذهنها وعبقرية مهارتها في هذه التقنية واستخدام الأجهزة لعلاج هذا النوع من الأمراض.

هنا يبرز تساؤل عفوي للكثيرين أو لنقل الملايين، ترى لماذا لا نشهد أكثر من (مستشفى تخصصي) في بلدنا الواسع؟. أو لا يجدر بنا استحضار أن هذا الكيان الطبي العملاق أسس عام 1975م وفق أحدث الأسس والنظم العالمية في تلك الفترة حين كانت المملكة تخطو نحو طفرتها الأولى، لذا أجادت القيادة والجهات التنفيذية في البدء بما انتهى إليه الآخرون وتكليف أهل الخبرة ومن سبقونا في هذا المجال وإعطاء القوس باريها كما يقول المثل. وهذه هي الحكمة، بدل ادعاء الاكتفاء وإيكال الأمور إلى مقاولي الصفقات، كما نشاهد في بعض المشاريع في أيامنا هذه.

أقول حينما أسس المستشفى التخصصي على أسس صلبة ظل صامداً بل زاد تماسكاً وإنجازاً وقابلية للتطور والإبداع كنتيجة طبيعية، فصار بيئة صحية للإنجاز والبحث والإبداع الطبي والعلمي، وما الدكتور فيصل العتيبي والدكتورة أمل مقيم إلا أحد أمثلة هذا الإبداع.

نعود إذاً إلى سؤالنا وهو لماذا لا نرى أكثر من تخصصي في المملكة ؟. إنها الإدارة باختصار، لأنه لا ينكر إلا غير مطلع على الأمور حجم الميزانية التي تنفقها حكومة المملكة على القطاع الصحي والذي يعد من الأضخم في العالم نسبة إلى الميزانية خصوصاً في السنوات العشر الأخيرة. إذاً فالمشكلة ليست موارد مالية، فالمملكة ولله الحمد تتوفر فيها موارد ضخمة وحكومة سخية، لكن الإشكال الرئيس يكمن في إدارة وتوظيف هذا البذل الحكومي توظيفاً صحيحاً يراعي حاجة المدن الصغيرة والأطراف ممن يضطر أهاليها لتكبد مشاق السفر والتنقل وما ينجم عن ذلك من ضغط على المستشفيات في المدن الكبرى، عدا عن الضغط السكاني والخدماتي جراء هذا التنقل.

لعل في إعفاء الدكتور الربيعة صاحب المشرط الرحيم والذي اكتسب واكسب المملكة شهرة مدوية في جراحة فصل التوائم على مستوى العالم، لعل في هذا الإعفاء إراحة للرجل كي يعود إلى مجال إبداعه ليبدع أكثر.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليثبت الفكرة الإدارية التي تثبت صحتها عاماً بعد آخر، وهي أن نجاح الطبيب لا يعني بالضرورة قدرته على إدارة قطاع طبي أو مستشفى، لأنه كل ميسر لما خلق له. الإدارة مزيج بين علم وقدرات شخصية ونفسية. وبعد، نتساءل، هل وزارة الصحة قادرة على إدارة أخطر قطاع وهو صحة سكان هذا البلد وضيوفه دون الاستعانة بشركات عالمية متخصصة أوروبية غربية وشرقية وأمريكية، بما يتوفر لها من موارد حكومية سخية ؟، لعل الإجابة في وضع القطاع الصحي والنقص المتعاظم في الأسرة والخدمات المتخصصة.

تحية للإعلامي المتمكن داود الشريان، ولدعوته وندائه للقطاع الخاص لدعم مشروع (الحكماء) فيصل وأمل، والذين لهما من اسمها نصيب، فيصل في فصل المرض عن أجساد مرضاه، وأمل في إعادة بسمة الشفاء إليهم، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.. رعاكم الله.

romanticmind@outlook.com

تويتر @romanticmind1

مقالات أخرى للكاتب