Saturday 03/05/2014 Issue 15192 السبت 04 رجب 1435 العدد
03-05-2014

الأمير سلمان بن عبدالعزيز والأعمال الخالدة

يعد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز من القادة القلائل في العالم الذين تمرسوا بجميع فنون القيادة التي تستلهم مرتكزاتها من موروث وتراث هذه الأمة الذي رسخ في تربيته منذ صغره باهتمام ببالغ من والده المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي يتعامل به مع سائر أبنائه، وهذا من عوامل تشكل شخصية أبنائه الفطرية لكي يعانقوا فطرة الله متى ما سعوا إليها، فصاحب السمو الملكي الأمير سلمان يقدم نفسه لهذه الأمة من خلالها، فتقلده لإمارة الرياض في السبعينيات الهجرية ومعاصرته لملوك هذه البلاد الأموات منهم والأحياء الذين منحوه الثقة والدعم اللامحدود ليتفاعل مع هموم الوطن ولاسيما مع متطلبات عاصمة المملكة والآمال المعلقة عليه لجعلها من أفضل مدن العالم، وقد تحقق له ذلك، أيضاً يعتبر مرجعية لملوك هذه البلاد في كل شيء (الأمور السياسية الاجتماعية- القبلية- التاريخية- الجغرافية- الثقافية- الإعلامية- وللعائلة المالكة)، أيضاً من الأمور المهمة في حياة الأمير سلمان قربه من أبناء شعبه، فتجده يحتك بالصغير والكبير الغني والفقير، بابه مفتوح يستقبل الجميع، فقصر الحكم في الرياض شاهد على ذلك، فالشكاوى والقضايا التي تعرض على سموه كل يوم عندما كان أميراً للرياض يتم البت فيها بطريقة فريدة لم تمارس في الإدارة الحديثة التي نجدها مازالت لم تتخلص من البيروقراطية والروتين الطويل، أما عند سلمان فلا، فهو يبت في إنهاء القضية بطريقته المعتادة من خلال شروحاته على المعاريض المقدمة إليه وأحيانا يقوم (الأخوياء) الواقفون على أهبة الاستعداد لاستلام معاريض المواطنين من سموه لتسليمها إلى الجهات المعنية بهذه القضايا الذين يقرءون ما يريده الأمير سلمان منهم أن ينفذوه بالإشارة فقط دون الإسهاب في التفاصيل، وأذكر بهذه المناسبة أحد المواقف التي مرت بي مع سموه وبالتحديد سنة 1394هـ، كانت شركة الخرافي متعهدة تنفيذ شبكة الصرف الصحي بالرياض، وأثناء قيامها بعملية الحفر أثر على المباني مما جعل البعض منها يتصدع، وكان من بينها (منزلنا)، فأرشدنا بعض الإخوة بتقديم شكوى إلى سمو أمير منطقة الرياض، بالفعل كلفني الوالد بتقديم شكوى باسمه إلى سموه، حيث أعددنا معروضاً لسموه موضحاً فيه الأضرار التي لحقت بمنزلنا وذهبت للإمارة في الصباح الباكر، وجلست في المكان المخصص الذي عادة يستقبل فيه سموه المراجعين، وما هي إلا لحظات وإذ بسموه ينادي علىسمي، وعلى الفور اتجهت إلى سموه وإذ به يقول (للخوي) الذي يقف بجانبه اذهب به إلى الخدمات ولم أشاهد على المعروض أي شروحات لسموه، وأنا أحدث نفسي فأقول لماذا سموه لم يشرح على معروضي، وكيف يتعامل الموظف الذي بالخدمات معه هذا الحديث أحدث نفسي به قبل وصولنا إليه، وبعد ذلك دخلت أنا (والخوي) على الموظف وقام بتسليم المعروض إليه، وقد طلب مني الجلوس، وبعد ذلك قال لي أريد منك وصف كروكي لموقع المنزل وأعطيته الوصف المطلوب، وبعد ثلاثة أيام أتى موظف الخدمات ومعه ثلاثة أشخاص لمعاينة الموقع ولم تمضِ سوى ثلاثة أسابيع، إلا إذ به يتصل على منزلنا ويقول (خلوا الوالد يراجع الإمارة لاستلام المبلغ الذي قررته اللجنة تعويضاً عن الضرر الذي لحق بمنزلكم).

أخي القارئ الكريم هذا فن من فنون الإدارة، واحد فقط من مئات الفنون التي يمارسها سموه مع أبناء وطنه وبطريقته الخاصة التي يفترض أن تدرس ضمن طروحات الإدارة الحديثة، هذا ما يتعلق بالجانب الإداري، أما الجانب العلمي والمبادرات عند سموه فلا تعد ولا تحصى، فتطوير الرياض تم من خلال الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي تنهج منهجاً علمياً في أعمالها، تاريخ المملكة وتوثيقه تم من خلال دارة الملك عبدالعزيز التي يرأس سموه مجلس إداراتها، تم تأسيسها وفق المنهج العلمي، هناك أيضاً الجانب التطوعي الذي يعتبر مبادرات من سموه أصبحت مؤسسات من مؤسسات المجتمع المدني المتمثلة بجمعية البر وجمعية إنسان والإسكان الخيري، قامت في ظل المنهج العلمي أيضاً هناك جانب تتميز فيه شخصية سموه وهو (الوفا) مع جميع أبناء هذا الوطن ملوك وأمراء وشرائح المجتمع كافة، شاهد البعض القليل منها، الذي لم نشاهده المئات بل قد يصل إلى الآلاف، وأذكر بهذه المناسبة موقفين، الأول موقفه مع أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران -رحمه الله- في محنته المرضية وملازمته له لأكثر من سنتين بعيداً عن أسرته ووطنه، من يقف هذا الموقف في هذا الوقت، أما الموقف الآخر مع رجل من العمالة الوافدة كان يخدم في قصر سموه عندما انتقل إلى رحمة الله ذهب بصحبة أبنائه لتقديم واجب العزاء لأسرته والجلوس معهم بعض الوقت، وقد حدثني بذلك ابن أخ الوافد الذي كان من بين الحضور عند زيارة سموه، وبعد هذا المشوار الحافل بالعطاء تتجدد الثقة فيه إلى منصب قيادي هام وحساس منصب وزير الدفاع، ففي الأيام الأولى من تقلده لهذا المنصب انكب على قراءة الملفات المتعلقة بهذه الوزارة كافة لاستكمال مسيرة التطوير التي قام بها سلفه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران -رحمه الله- وبعد ذلك وما هي إلا أشهر قليلة ويصدر أمر خادم الحرمين الشريفين بتعيينه ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، الذي يؤكد بُعد نظر خادم الحرمين الشريفين في حسن الاختيار، وخصوصاً في هذا الوقت العصيب الذي تعيش فيه منطقة الخليج الكثير من التحديات، إضافة إلى ما تعانيه الأمة العربية من تشتت وضياع.

حفظك الله يا ولي العهد الأمين وألبسك لباس الصحة والعافية لتقديم المزيد في خدمة هذه البلاد الطاهرة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله.

والله الموفق..

- أمين مكتبة مكتب التربية العربي لدول الخليج سابقاً

مقالات أخرى للكاتب