Wednesday 07/05/2014 Issue 15196 الاربعاء 08 رجب 1435 العدد
07-05-2014

كيف نقدم التاريخ؟

هناك الكثير الذين ينظرون إلى تخصص التاريخ على أنه علم يبحث في عالم الأموات بالتنقيب عن مآثرهم وانتصاراتهم وهزائمهم وسلبياتهم ويروي حكايات وقصصاً عفا عليها الزمن, وهو باختصار قصة الماضي الذي توارى خلف الزمن ولن يعود.

ومن المؤسف أن هذه النظرة ترسخت وأصبحت هي الفكرة السائدة عن علم التاريخ, يلفها الجمود, ويدفع بها كل متعثر وخامل، إذ هو قسم من لا يجد له مقعداً في تخصص آخر.

ظلم التاريخ وظلم معه من اهتم به.

فالتاريخ كعلم يصوغ التجربة الإنسانية باتجاهات ومدارس تشكلت عبر دورات زمنية ومحطات توقف, أخذت من باحثين ومفكرين جهداً ووقتاً وقادهم هذا التعمق إلى بناء نظريات والانطلاق برؤى تحمل أبعاداً مختلفة للتجربة الإنسانية.

هذا الاستهلال أريد به أن أصل إلى واقع أقسام التاريخ في الجامعات السعودية. وهو واقع تحدثت عنه كثيراً في مقالات سابقة وألخصها بالجمود. وعدم الفاعلية, ومن ثم عدم الاستفادة من تجارب الأمم الأخرى في تقديم التاريخ وفق رؤى وأفكار يحملها الأستاذ بناءً على قراءته ودراساته وأفكاره ومناقشاته. ثم التفاعل مع وسائل التقنية المعاصرة وعلى الأخص الأفلام واليوتيوب.

ما الذي ينقص أقسام التاريخ؟

ينقصها إيمان الأستاذ نفسه بفائدة التاريخ, وإمكانية الاستفادة منه في بناء المستقبل, وانعكاس ذلك في كل طروحاته ومخططاته. وينقصه حرص الأستاذ نفسه على التواصل مع كل جديد في تخصصه وليس الوقوف على ما قرأه في القديم ويجتره في كل مرة.

ما ينقص أقسام التاريخ:

مناهج متطورة ومحتوى متفاعل, وأن تختص كل جامعة بالتركيز على جزئية أو جانب أو على مناطق أو حقب أو موضوعات تتميز بها, فعلى سبيل المثال كان يمكن لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن أن تركز على تاريخ المرأة عبر العصور عند الأمم وفي الإسلام ثم في العصر الحديث, وإبراز أدوار الشهيرات من النساء وما قدمنه للإنسانية, وبالتالي يمكن أن يخرج هذا المجال متخصصات في تاريخ المرأة على مستوى يمكنهن الإسهام والمشاركة في الدراسات المعاصرة عن المرأة.

ويمكن للجامعات الأخرى أن تخصص في دراسات أفريقيا وأخرى تتخصص في دراسات آسيا وهكذا.

ختاماً:

مما سبق أستطيع القول إن تقديم التاريخ يمكن أن يجتذب مبدعين ومتفوّقين عندما يكون المنهج فيه تخصصياً على نحو عميق ومتنوعاً, وفيه روح العصر, من خلال مُّقدم متعمق ومتميز ومحب وواع بدور التاريخ في المسار الإنساني.

مقالات أخرى للكاتب