Saturday 10/05/2014 Issue 15199 السبت 11 رجب 1435 العدد
10-05-2014

إعادة الاختبارات بداية التصحيح

قبل سنوات وفي محاضرة لأحد علماء التربية والتعليم أذكر أنه قال لنا كلاماً كثيراً عن الاختبارات في معرض رده على سؤال نابه لواحد من الحاضرين. السؤال كان بالنص «هل ترى ضرورة للاختبارات، وهل أنت مع استمرارها كأداة لقياس مستوى الطلاب؟». رد عليه بكلام مفصل يعبر عن عمق المعرفة والتجربة، قال له بالحرف الواحد «رغم أن كل دول العالم قد بحثت واجتهدت لإيجاد مقاييس بديلة للاختبارات، فاعتمدت المشاركة والواجبات المنزلية والبحوث وألغت الاختبارات نهائياً، إلا أنها في الأخير عادت لتعتمد الاختبارات كأداة إلى جانب كل الأدوات الأخرى».

تذكرت كلام هذا العالم الجليل قبل سنوات حين ألغت وزارة التربية والتعليم الاختبارات في المرحلة الابتدائية، وقررت التقويم المستمر، في ذلك الوقت خشيت من تأثير هذا القرار المتعجل على المستوى العلمي للطلاب، فالعلوم والمعارف لا يمكن قياس استيعاب الطلاب وفهمهم لها إلا بالاختبارات التي تجبرهم على المذاكرة الجادة. الاختبارات القوية هي من خرَّجت تلك الأجيال التي تمسك حالياً بزمام المسئوليات في وزارات الدولة والقطاع الخاص.

كان أحد أساتذتنا في مرحلة الماجستير بجامعة الملك سعود يقول لنا رداً على محاولات البعض التهرب من الاختبار «لو وجدت وسيلة أقيسكم بها غير الاختبار لفعلت، لكن -للأسف- لا بد لي أعزائي من اختباركم، لكن سأعطي الاختبار فقط أربعين درجة والباقي للمشاركة والبحوث»، ويردف «اختباري لكم ليس من أجل التحدي ولكن كي أضمن أن لديكم الحد الأدنى من المعلومات، وتستطيعون الحصول على باقي الدرجات بواسطة الأدوات الأخرى، وهذا ما سيبعد الرهبة والخوف من قلوبكم».

هذه آراء أساتذة كبار وصل بعضهم لسدة الوزارة استحضرتها حين قُرر التقويم المستمر قبل سنوات فكانت خشيتي وقتها حاضرة من ضياع هيبة التعليم، واليوم أعود لاسترجاعها مرة أخرى بعد أن قررت وزارة التربية والتعليم مشكورة بدءاً من هذا العام إعادة الاختبارات في المرحلة الابتدائية، إلى جانب الأدوات الأخرى، وبحد لا يقل عن ثلاثة اختبارات في الفصل الدراسي الواحد، بعد أن أدركت الوزارة الفشل الذريع للتقويم المستمر في تخريج أجيال ضعيفة معدمة علمياً وثقافياً. ولعل أهم مؤشرات الفشل عجز كثير من الطلاب عن مواصلة الدراسة الجامعية، وتسرب أعداد لا يستهان بها من الجامعات، إضافة إلى الفقر المهاري. أجيال تدخل إلى عالم الوظيفة لا يستطيع الواحد منهم كتابة سطر واحد بطريقة صحيحة.

بالتأكيد أسهمت عوامل في فشل التقويم المستمر، ولعل من أهمها: عدم جدية معظم المعلمين والمعلمات بتطبيق بنوده بالدقة المطلوبة، وضعف متابعة أجهزة الإشراف التربوي والإدارة المدرسية، وتدني مستوى الدورات التدريبية المقدمة للمعلمين والمعلمات، وصعوبة متابعة أولياء الأمور لعدم وجود جداول ثابتة لفترات التقويم أثناء العام الدراسي، وهو ما أدى إلى إهمال الطلاب للمذاكرة والاطلاع على الجديد.

أعتقد أن قرار الوزارة بإعادة الاختبارات شريطة أن لا تكون المقياس الوحيد، وأن تكون الأسئلة منوعة وليست على نمط واحد بداية التصحيح لانتشال العملية التعليمية من انتكاساتها الحالية، وأتمنى أن تعيد الوزارة النظر في توزيع الدرجات وكذلك الدرجات الصغرى والكبرى لتعديل المسار لتعليم أجود.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب